إثيوبيا «مستاءة» من «الدعم العربي» لمصر والسودان

القاهرة تندد بـ«التعنت»... والأزهر يدعو المجتمع الدولي إلى حفظ «الحقوق»

رئيس الوزراء الإثيوبي لدى مشاركته في مهرجان انتخابي لمناصريه أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي لدى مشاركته في مهرجان انتخابي لمناصريه أمس (رويترز)
TT

إثيوبيا «مستاءة» من «الدعم العربي» لمصر والسودان

رئيس الوزراء الإثيوبي لدى مشاركته في مهرجان انتخابي لمناصريه أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي لدى مشاركته في مهرجان انتخابي لمناصريه أمس (رويترز)

فيما أعربت وزارة الخارجية الإثيوبية، أمس، عن «استيائها» من قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الصادر أول من أمس، دعم الحقوق المائية للقاهرة والخرطوم، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد من أجل بحث أزمة «سد النهضة»، ندد وزير الخارجية المصري سامح شكري بـ«المواقف المتعنتة» لأديس أبابا.
وقال شكري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن، في القاهرة، أمس، إن بلاده «سعت على مدى عشر سنوات للتوصل إلى اتفاق يؤكد الملكية المشتركة لنهر النيل وأحقية إثيوبيا في التنمية من دون الإضرار بالمصالح المائية لدولتي المصب».
وذكّر بأن «مصر والسودان قدمتا تنازلات على سبيل المرونة وعلى سبيل توفير الفرصة للأشقاء في إثيوبيا للنهوض بمستوى المعيشة وتحقيق التنمية ولكن حتى الآن لم نجد الإرادة السياسية من قبل الجانب الإثيوبي للتوقيع على اتفاق تمت صياغته في واشنطن، وشارك المفاوض الإثيوبي ووافق على كل بنوده ثم تراجع عن التوقيع عليه».
واعتبر شكري أن هناك «تفهماً أوروبياً نظراً إلى وجود مجالات للتعاون في الأنهار الأوروبية... وكثيراً ما عرضنا على إثيوبيا أن نقتبس من تجارب أوروبا الناجحة في مجال إدارة الموارد المائية وأيضاً التجارب الأفريقية، حيث إن هناك لجاناً تدير نهري النيجر والسنغال، وجميعها تجارب ناجحة وكان بالإمكان أن نستمد منها الخبرة، ما لم تكن هناك هذه الرغبة من الجانب الإثيوبي لفرض إرادته بالادعاء بوجود سيادة مطلقة على نهر دولي بما يخالف قواعد القانون الدولي».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان عقب اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، أول من أمس، إنها «ترفض القرارات برمتها»، مستخدمة تعبيرات لاذعة وجهتها إلى الجامعة العربية. وهددت بأن «المحاولات غير المجدية لتدويل وتسييس سد النهضة لن تؤدي إلى تعاون إقليمي مستدام في استخدام وإدارة نهر النيل».
واعتبرت أن «استغلال مياه النيل هو أيضاً أمر وجودي بالنسبة لإثيوبيا التي تستخدم حقها المشروع في استخدام مواردها المائية مع الاحترام الكامل لقوانين المياه الدولية، ومبدأ عدم التسبب بضرر كبير».
وسعت الخارجية الإثيوبية إلى توجيه الاتهامات إلى مصر والسودان، وقالت في بيانها إنها «بذلت كل ما في وسعها لاستيعاب مخاوف دولتي المصب بحسن نية على أمل الدخول في حقبة جديدة من التعاون بين دول حوض النيل. إلا أن تعنت كل من مصر والسودان هو الذي جعل من الصعب للغاية إحراز أي تقدم ذي مغزى في المفاوضات الثلاثية».
واستندت أديس أبابا أيضاً إلى أن «المفاوضات الثلاثية بين إثيوبيا ومصر والسودان تسترشد بإعلان المبادئ الذي وقّع عليه قادة الدول الثلاث في عام 2015، وأن ملء سد النهضة سيتم وفقاً للخطة ولإعلان المبادئ وتوصية المجموعة البحثية المكونة من خبراء من الدول الثلاث».
وفيما بدا تأثراً كبيراً بإعلان الدعم العربي لمصر والسودان في مجلس الأمن، فإن الخارجية الإثيوبية، قالت إن «الأمر الأكثر إحباطاً هو محاولة مصر والسودان تسييس مفاوضات سد النهضة بلا داعٍ، ومحاولة جعلها قضية عربية... سد النهضة قضية أفريقية تحتاج إلى حل أفريقي». وعلى صعيد متصل، دعا شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب المجتمع الدولي والأفريقي والعربي والإسلامي إلى «تحمل مسؤولياتهم ودعم ومساندة مصر والسودان في الحفاظ على حقوقهما المائية في نهر النيل». وشدد في بيان، مساء أول من أمس، على «التصدي لادعاء البعض بملكية نهر النيل، والاستبداد بالتصرف فيه» الذي يضر بحياة شعبي مصر والسودان.
وقال الطيب إن «الأديان كافة تتوافق على أن ملكية الموارد الطبيعية الضرورية لحياة الإنسان، مثل الأنهار، ملكية عامة، ولا يحق أن تكون لفرد أو أفراد أو دولة، التصرف في تلك الموارد من دون سائر الدول المشاركة لها في هذا المورد العام أو ذاك».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.