مصر لتعزيز مسار التعاون بين المدن الأفريقية

TT

مصر لتعزيز مسار التعاون بين المدن الأفريقية

في إطار الجهود المصرية لتعزيز التعاون بين المدن الأفريقية لمواجهة التحديات، تستضيف القاهرة أعمال الدورة الخامسة والعشرين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية اليوم ولمدة يومين، بحضور رئيس المنظمة العالمية للمدن والحكومات محمد بودرا والأمين العام للمنظمة جان بيير مباسي، وعدد من وزراء التنمية المحلية الأفارقة، و25 من محافظي وعمد المدن الأفريقية أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة.
ووفق بيان لمجلس الوزراء المصري، أمس، فإنه «من المقرر أن يلتقي رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، مع أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة، لاستعراض وجهات النظر المصرية في قضايا التعاون بين مصر وأفريقيا، وكيفية دعم التقدم المحرز على الأصعدة كافة بين مصر ودول القارة في عدد من المجالات، وكذا إطلاعهم على ملامح ما حققته مصر في المجالات المرتبطة بتطوير المدن وبعض الملفات الأخرى».
وأكد البيان أن «رئيس الوزراء المصري سيشهد مراسم التوقيع على اتفاقية مقر إقليم شمال أفريقيا للمنظمة الذي تستضيفه محافظة القاهرة التي تعد عضواً بالمجلس التنفيذي للمنظمة الأفريقية».
وقال وزير التنمية المحلية المصري محمود شعراوي، إنه «تم توجيه الدعوة إلى رؤساء أعضاء لجان الشؤون الأفريقية والخارجية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، وكذا تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لحضور اجتماع المجلس التنفيذي، إضافةً إلى عدد من المحافظين والشركاء الدوليين والسفارات الأجنبية ومنظمات الأمم المتحدة».
وشدد على أن «مصر تسعى لأن يكون مقر إقليم شمال أفريقيا مركزاً أساسياً لتأهيل الكوادر الأفريقية، خصوصاً بعد الرئاسة الناجحة لمصر للاتحاد الأفريقي». وأوضح أنه «من المقرر أن يشهد المقر أول اجتماع للأعضاء الجدد لمجموعة شمال أفريقيا على هامش فعاليات الافتتاح، كما تسعى القاهرة لبحث تحديات المدن الأفريقية وغيرها من الملفات المهمة وتبادل الخبرات مع الدول الأفريقية وشركائها الدوليين لخدمة أبناء القارة».
وأضاف شعراوي أن «دورة المجلس التنفيذي تأتي في ظل جائحة فيروس (كورونا) والتي يعاني من تداعياتها عدد من دول العالم ودول القارة الأفريقية»، مشيراً إلى أن «الجهود المشتركة لوزارة التنمية المحلية، ومحافظة القاهرة، أسهمت في استضافة مقر المنظمة عن إقليم شمال أفريقيا خلال مشاركة الوفد المصري بالقمة الثامنة للمدن والحكومات الأفريقية بمدينة مراكش بالمغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018 وحضور اجتماعات المجلس الأفريقي واجتماع دول إقليم شمال أفريقيا بما سيعزز مسار العمل الأفريقي المشترك بين المدن الأفريقية».
وأكد الوزير المصري أن الاجتماعات في القاهرة «ستتيح الفرصة أيضاً لتبادل الخبرات والتجارب وتدارس بعض التحديات بين المدن المصرية والمدن الأفريقية وعلى رأسها مواجهة تداعيات (كورونا)، بالإضافة إلى مواجهة النمو السكاني والمخلفات الصلبة والتغيرات البيئية وغيرها من الموضوعات المهمة، وهو ما سيعود بالنفع على مختلف الدول الأفريقية».
وأوضح أن «اجتماع المجلس التنفيذي سيكون فرصة لاستعراض أهم الإنجازات التي حققتها مصر خلال السنوات الماضية في تطوير المدن والتنمية المستدامة والبنية التحتية».
يُشار إلى أن مصر استضافت مؤتمر «المدن الأفريقية قاطرة التنمية المستدامة» خلال الفترة من 19 إلى 20 يونيو (حزيران) 2019 وافتتحه رئيس الوزراء، وحضره وفد رفيع المستوى من كبار المسؤولين والوزراء من الحكومة المصرية والقارة الأفريقية ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الأفريقية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.