وزير الثقافة والإعلام يفتتح اليوم معرض الرياض الدولي للكتاب بمشاركة 29 دولة و915 دار نشر

يرعاه خادم الحرمين وشعاره «الكتاب.. تعايش».. وجنوب أفريقيا ضيف شرف

جانب من المعرض في دورة سابقة («الشرق الأوسط»)
جانب من المعرض في دورة سابقة («الشرق الأوسط»)
TT

وزير الثقافة والإعلام يفتتح اليوم معرض الرياض الدولي للكتاب بمشاركة 29 دولة و915 دار نشر

جانب من المعرض في دورة سابقة («الشرق الأوسط»)
جانب من المعرض في دورة سابقة («الشرق الأوسط»)

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يفتتح الدكتور عادل بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعلام، معرض الرياض الدولي للكتاب 2015 الذي ينطلق اليوم، وتنظمه الوزارة خلال الفترة من 4 - 15 مارس (آذار) من الشهر الحالي، بعنوان «الكتاب.. تعايش»، وذلك في مركز المعارض الدولية بالرياض.
وثمن الوزير لخادم الحرمين الشريفين رعايته للمعرض، ودعمه الدائم للمثقفين والمهتمين بالشأن الأدبي والثقافي من الكتّاب والمؤلفين والناشرين، وأكد أن معرض الرياض الدولي للكتاب سيشهد هذا العام تطورًا ملحوظًا في مجال خدمات الاستعلام، والتسوق الإلكتروني، وزيادة عدد منصات التوقيع، بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية التي تلبي احتياجات الأسرة والشباب والطفل، والندوات وورش العمل المصاحبة، معربا عن أمله في أن يعكس هذا الحدث الثقافي النهضة التنموية التي تشهدها المملكة في المجالات كافة.
وبين الوزير الطريفي، أن عدد دور النشر المشاركة هذا العام 915 دار نشر وتوكيلا، من 29 دولة عربية وأجنبية، وتبلغ مساحة المعرض الذي يستمر 10 أيام، 23 ألف متر مربع، مرحبًا بجمهورية جنوب أفريقيا التي تحل ضيف شرف على المعرض في دورته الحالية، حيث تقدم من خلال الجناح المخصص لها بعض ملامحها التاريخية ومنتجاتها الأدبية والثقافية بمختلف تياراتها.
وتوقع الدكتور عادل الطريفي وزير الثقافة والإعلام أن يلبي معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تنظمه الوزارة حاجة المثقف بمختلف الشرائح والفئات وعلى صعيد الأسرة والشباب والطفل.
وأمل الطريفي أن يعكس معرض الرياض للكتاب هذا العام، الحدث الثقافي والنهضة التنموية التي تشهدها السعودية في المجالات كافة.
ومع انطلاق معرض الكتاب، تصبح العاصمة السعودية الرياض وجهة يقصدها المثقفون وجمهور الكتاب الذين تتسع مساحتهم بشكل لافت في المملكة. وتوضح بيانات سوق النشر العربي، أن السعودية تتصدر المركز الأول في حجم مبيعات الكتب عربيا، ويعتبر معرض الرياض الدولي للكتاب السوق الأبرز للكتاب في المنطقة.
ويتطلع الكتاب والأدباء وجمهور الثقافة، إلى ارتقاء معرض الكتاب إلى مستوى طموحاتهم، وأن ينعكس ثقافيا عبر الفعاليات المتعددة التي تقام على هامشه، وبينها ندوات وورش عمل مصاحبة، ولقاءات المثقفين والكتاب، وحفلات التوقيع.
ودعت الدكتورة لمياء باعشن، أستاذة النقد والأدب بقسم اللغات الأوروبية وآدابها بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن يسعى معرض الرياض الدولي للكتاب مستقبلا لتوفير فرصة أكبر لإشراك دور النشر الغربية باعتباره معرضا دوليا، بجانب دور النشر الآسيوية والأفريقية.
وتقول باعشن: «تتجسد الأهمية من إشراك الدور العالمية في إبراز المساهمات الغربية وتحديدا المؤلفات الأوروبية الناطقة باللغة الإنجليزية والفرنسية وغيرها من اللغات المقروءة، في مجال الأدب والنقد والثقافة والفنون والفكر الاستراتيجي والفكر السياسي، بجانب غيرها من المؤلفات ذات الصبغة العلمية والأكاديمية في مختلف فروع العلم»، مشيرة إلى ملاحظتها أن الدورات السابقة من المعرض تكاد تخلو من مثل هذه المؤلفات.
كذلك تطالب باعشن بمساحة أوسع للالتقاء بين القراء والمؤلفين، وتقول: «من أهم الفعاليات إثراء النقاش مع أصحاب الكتب ليبنوا تجاربهم وقراءتهم للواقع وتحديات الحالة الثقافة والأدبية والفكرية».
الروائي والكاتب السعودي يوسف المحيميد، يرى في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن معرض الكتاب الدولي للكتاب هذا العام يشكل، فرصة للتزود بحصيلة ثقافية لحشد كبير من المهتمين يتجاوزن أكثر من مليون زائر يضخون في أجنحته أكثر من 20 مليون ريال خلال 10 أيام هي مدة المعرض، وهي أرقام كبيرة قياسا بمعارض الكتب العربية الأخرى. وشدد المحيميد على ضرورة العمل على تطوير هذا المعرض بشكل مستمر، على كافة الصعد بما في ذلك الفعاليات المصاحبة.



«هوامش على دفتر الثقافة» يحتفي بشعراء الحزن الجميل

«هوامش على دفتر الثقافة» يحتفي بشعراء الحزن الجميل
TT

«هوامش على دفتر الثقافة» يحتفي بشعراء الحزن الجميل

«هوامش على دفتر الثقافة» يحتفي بشعراء الحزن الجميل

في كتابه «هوامش على دفتر الثقافة» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يستعرض الشاعر عزمي عبد الوهاب العديد من قضايا الإبداع والأدب، لكنه يفرد مساحة مميزة لمسألة «الحزن»، وتفاعل الشعراء معها في سياق جمالي إنساني رهيف. ويشير المؤلف إلى أن ظاهرة الحزن لم تعد ترتبط بأسباب عرضية، أو بحدث يهم الشاعر، ويدفعه إلى الحزن كما كان الحال في الشعر العربي القديم.

ومن بين بواعث الحزن ومظاهره في الشعر قديماً، أن يفقد الشاعر أخاً أو حبيبة، فيدعوه هذا إلى رثاء الفقيد بقصائد تمتلئ بالفقد والأسى، مثل الخنساء في رثاء شقيقها، وأبي ذؤيب الهذلي في رثاء أبنائه، وجرير في رثاء زوجته، وهناك من يشعر بقرب الموت فيرثي نفسه، كما فعل مالك بن الريب، وقد يعاني الشاعر مرضاً، فيعبر عن ألمه.

أما في الشعر الحديث، فيعد الحزن ظاهرة معنوية تدخل في بنية العديد من القصائد، وقد استفاضت نغمتها، حتى صارت تلفت النظر، بل يمكن أن يقال إنها صارت محوراً أساسياً في معظم ما يكتبه الشعراء المعاصرون حتى حاول بعض النقاد البحث في أسباب تعمق تلك الظاهرة في الشعر العربي. ومن أبرزهم دكتور عز الدين إسماعيل الذي يعزو أسباب الظاهرة إلى تنامي الشعور بالذات الفردية بدلاً من الجماعية، وهذا ما يقودنا إلى الحديث عن «اغتراب» الإنسان المبدع؛ إذ يأخذ أشكالاً متعددة، ولعل أقسى أشكال ذلك الاغتراب ما عبر عنه أبو حيان التوحيدي بقوله: «أغرب الغرباء من صار غريباً في وطنه».

ذكر إسماعيل عدة أسباب للحزن منها تأثر الشاعر العربي الحديث بأحزان الشاعر الأوروبي وبالفنين الروائي والمسرحي، وقد توصل إلى أن أحزان الشاعر مصدرها المعرفة، وكأن شاعرنا الحديث تنقصه أسباب للحزن وبالتالي يعمد إلى استيرادها أوروبياً من شعراء الغرب.

وفي كتابه «حياتي في الشعر» يواجه صلاح عبد الصبور مقولات النقاد حول أنه شاعر حزين، موضحاً أن هؤلاء يصدرون عن وجهة نظر غير فنية، لا تستحق عناء الاهتمام مثل آراء محترفي السياسة أو دعاة الإصلاح الأخلاقي التقليديين. وانبرى عبد الصبور لتفنيد النظريات التي يأتي بها هؤلاء النقاد لمحاكمة الشعر والشاعر قائلاً: «لست شاعراً حزيناً لكني شاعر متألم، وذلك لأن الكون لا يعجبني ولأني أحمل بين جوانحي، كما قال شيللي، شهوة لإصلاح العالم، وهي القوة الدافعة في حياة الفيلسوف والنبي والشاعر، لأن كلاً منهم يرى النقص فلا يحاول أن يخدع نفسه، بل يجهد في أن يرى وسيلة لإصلاحه».

يتحدث الشاعر أيضاً عن قضيتين أثارهما بعض النقاد عن شعره، أولاهما أن حزن هذا الجيل الجديد من الشعراء المعاصرين حزن مقتبس عن الحزن الأوروبي، وبخاصة أحزان اليوميات. وكذلك قولهم إن الشعراء يتحدثون عن مشكلات لم يعانوها على أرض الواقع كمشكلة «غياب التواصل الإنساني» من خلال اللغة، كما تتضح عند يوجين يونيسكو أو «الجدب والانتظار» عند صمويل بيكيت وإليوت، أو «المشكلات الوجودية» عند جان بول سارتر وكامو، وبخاصة «مشكلة الموت والوعي».

وشرح عبد الصبور كيف أن الحزن بالنسبة إليه ليس حالة عارضة، لكنه مزاج عام، قد يعجزه أن يقول إنه حزن لكذا ولكذا، فحياته الخاصة ساذجة، ليست أسوأ ولا أفضل من حياة غيره، لكنه يعتقد عموماً أن الإنسان «حيوان مفكر حزين».

ويضيف عبد الصبور: «الحزن ثمرة التأمل، وهو غير اليأس، بل لعله نقيضه، فاليأس ساكن فاتر، أما الحزن فمتقد، وهو ليس ذلك الضرب من الأنين الفج، إنه وقود عميق وإنساني».

لكن ما سبب الحزن بشكل أكثر تحديداً عن الشاعر صلاح عبد الصبور؟ يؤكد أنه هو نفسه لا يستطيع الإجابة ويقول: «أن أرد هذا الحزن إلى حاجة لم أقضها، أو إلى فقد شخص قريب، أو شقاء طفولة، فذلك ما لا أستطيعه».

ومن أشهر قصائد صلاح عبد الصبور في هذا السياق قصيدة تحمل عنوان «الحزن» يقول في مطلعها:

«يا صاحبي إني حزين

طلع الصباح فما ابتسمت

ولم ينر وجهي الصباح»

لقد حاول التحرر فيها من اللغة الشعرية التقليدية عبر لغة يراها أكثر مواءمة للمشهد، لكن كثيرين اعترضوا على تلك اللغة، في حين أنه كان يريد أن يقدم صورة لحياة بائسة ملؤها التكرار والرتابة. ويؤكد الناقد د. جابر عصفور أن السخرية والحزن كلاهما ركيزتان أساسيتان في شعر عبد الصبور، وهو ما جعل عصفور يسأل الأخير في لقاء جمعهما: «لماذا كل هذا الحزن في شعرك؟» فنظر إليه عبد الصبور نظرة بدت كما لو كانت تنطوي على نوع من الرفق به ثم سأله: «وما الذي يفرح في هذا الكون؟».

وتحت عنوان «ظاهرة الحزن في الشعر العربي الحديث»، يوضح الباحث والناقد د. أحمد سيف الدين أن الحزن يشكل ظاهرة لها حضورها وامتدادها في معظم التجارب الشعرية الحديثة، خلافاً لما كان عليه الحال في الشعر العربي القديم. ويميز سيف الدين بين حزن الإنسان العادي وحزن المبدع الذي يتسم بحساسية خاصة، حيث يستطيع أن يحول حزنه وألمه إلى مادة إبداعية.

ويلفت الكتاب إلى أن هناك أسباباً متنوعة للحزن، منها أسباب ذاتية يتعرض لها الشاعر في حياته كالمرض أو الفقر أو الاغتراب. أيضاً هناك أسباب موضوعية تتصل بالواقع العربي، وما فيه من أزمات ومشكلات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. ومن ثم، فالحزن ليس فقط وعاء الشعر، إنما هو أحد أوعية المعرفة الإنسانية في شمولها وعمقها الضارب في التاريخ.