الليرة التركية تعاود الهبوط غداة اجتماع بايدن وإردوغان

إحباط نتيجة عدم حل الخلافات العالقة

أُصيبت الأوساط الاقتصادية التركية بإحباط غداة الاجتماع بين الرئيسين بايدن وإردوغان على هامش قمة قادة «ناتو» (رويترز)
أُصيبت الأوساط الاقتصادية التركية بإحباط غداة الاجتماع بين الرئيسين بايدن وإردوغان على هامش قمة قادة «ناتو» (رويترز)
TT

الليرة التركية تعاود الهبوط غداة اجتماع بايدن وإردوغان

أُصيبت الأوساط الاقتصادية التركية بإحباط غداة الاجتماع بين الرئيسين بايدن وإردوغان على هامش قمة قادة «ناتو» (رويترز)
أُصيبت الأوساط الاقتصادية التركية بإحباط غداة الاجتماع بين الرئيسين بايدن وإردوغان على هامش قمة قادة «ناتو» (رويترز)

هبطت الليرة التركية في تعاملات أمس (الثلاثاء)، غداة الاجتماع بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب إردوغان، على هامش قمة قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي عُقدت في بروكسل أول من أمس، وذلك بعد أيام من الانتعاش، وسط توقعات بنتائج إيجابية للاجتماع الأول منذ تولَّى بايدن الرئاسة الأميركية.
وتراجعت الليرة إلى مستوى 8.58 ليرة للدولار أمس، مقابل مستوى مرتفع سجلته الأسبوع الماضي عند 8.34 ليرة للدولار انتظاراً للقاء إردوغان وبايدن، إلا أن خبراء أكدوا أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي، ليل الاثنين - الثلاثاء، عقب اللقاء مع نظيره الأميركي والتي أكد فيها أنه أبلغ بايدن بأن تركيا لن تغيِّر موقفها بشأن اقتناء وتشغيل منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» التي حصلت عليها في يوليو (تموز) 2019 وبسببها فرضت واشنطن عقوبات في ديسمبر (كانون الأول) 2020 على تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، شملت القروض التي تزيد على 10 ملايين دولار في مجال الصناعات الدفاعية.
وقال إردوغان: «عبّرنا عن الأفكار نفسها بشأن (إس 400) للرئيس بايدن كما كنا من قبل، وعبّرنا أيضاً عن نفس الأفكار بشأن طائرات (إف 35) المقاتلة التي منعت الولايات المتحدة تركيا من اقتنائها رداً على شرائها المنظومة الروسية».
وفضلاً عن الخلافات بشأن المنظومة الروسية، اشتبكت الولايات المتحدة وتركيا دبلوماسياً بشأن التوغل العسكري التركي في شمال سوريا لمحاربة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفين مع واشنطن في المعركة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. وزادت الخلافات بشأن ليبيا والنزاع بين تركيا واليونان على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط العام الماضي من التوترات.
وأسهمت الخلافات السياسية في خروج جماعي لرأس المال الأجنبي من تركيا وخسائر بالليرة، التي سجلت أدنى مستوى قياسي لها عند 8.88 للدولار في بداية شهر يونيو (حزيران) الجاري. قبل أن ترتفع خلال الأسبوع الماضي، حيث راهن بعض المستثمرين على أن بايدن وإردوغان سيحرزان تقدماً نحو حل مشكلة «إس 400». وارتفعت الليرة التركية بنحو 0.6% مقابل الدولار، أول من أمس، قبيل اجتماع إردوغان وبايدن على أمل تخفيف حدة التوتر في العلاقات الدبلوماسية.
ولا تزال الليرة التركية منخفضة بنسبة 11% منذ بداية العام الحالي، وتعاني الضبابية وعدم الاستقرار رغم الحديث عن صعودها الوقتي بسبب الاجتماع.
ويقول محللون إن سياسات حكومة إردوغان الخارجية، وبخاصة دخوله في صراعات مع دول تعدّ من الشركاء الاقتصاديين التقليديين لتركيا كدول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، تسببت في إنهاك الليرة التركية وهبوطها إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة.
كما تسببت سياسات الحكومة الداخلية في التأثير سلباً على الليرة التركية، وأبرز هذه القرارات إطاحة إردوغان بثلاثة رؤساء للبنك المركزي في أقل من عامين وتصريحاته الأخيرة بخصوص خفض أسعار الفائدة في يوليو وأغسطس (آب) المقبلين، والتي أقلقت المستثمرين.
في الوقت ذاته، قال البنك المركزي التركي إن عجز الحساب الجاري بالبلاد تقلص في أبريل (نيسان) الماضي إلى 1.712 مليار دولار، بأقل من التوقعات السابقة التي بلغت 2.2 مليار دولار. وكان العجز في الحساب الجاري قد بلغ في فبراير (شباط) الماضي 2.585 مليار دولار. ووصل العجز في عام 2020 إلى 36.724 مليار دولار.
ودفعت الأزمة المالية الحكومة إلى اللجوء، مجدداً، إلى أسواق الدين الدولية، وهي المرة الثانية التي تحاول فيها أنقرة الحصول على تمويل منذ بداية العام الجاري. وأظهرت وثيقة نُشرت، أول من أمس، أن الحكومة التركية عيّنت مجموعة بنوك لترتيب إصدار مزمع بالحجم القياسي لصكوك مقوّمة بالدولار لأجل 5 سنوات. وعيّنت تركيا بنوك: «دبي الإسلامي»، و«الإمارات دبي الوطني كابيتال»، و«إتش إس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» لإدارة الإصدار، لكنها لم تعلن عن حجم السندات المزمع طرحها.
وجاء الإعلان عن طرح الإصدار الجديد بعد يوم واحد من إعلان الرئيس إردوغان، الأحد، أن بلاده اتفقت مع الصين على زيادة قيمة تسهيل مبادلة العملات القائم بين البلدين إلى 6 مليارات دولار من 2.4 مليار، في خطوة قد تعزز احتياطيات النقد الأجنبي، التي هبطت إلى قرابة الثلث العام الماضي، لتصل إلى 53 مليار دولار بعد أن كانت عند نحو 74 مليار دولار قبل عام.
وقال إردوغان قبل توجهه إلى بروكسل لحضور قمة «ناتو»: «أنجزنا اتفاقاً مهماً للغاية مع الصين حديثاً، وهي بلد مهم للغاية ومن أكبر شركائنا التجاريين... كان لدينا بالفعل اتفاق مبادلة قيمته 2.4 مليار دولار... الآن أبرمنا اتفاقاً جديداً بقيمة 3.6 مليار دولار، ليزيد الإجمالي إلى 6 مليارات دولار».
وتقول المعارضة التركية إن الحكومة استنزفت احتياطيات البنك المركزي جراء سياسة انتُهجت في 2019 و2020 باعت بموجبها البنوك المملوكة للدولة نحو 128 مليار دولار لدعم الليرة التركية المتراجعة، حيث كان برات ألبيراق، صهر إردوغان، وزيراً للخزانة والمالية في تلك الفترة.
وتوضح البيانات الرسمية أن احتياطيات المركزي من النقد الأجنبي تقع عند مستويات سلبية عميقة عند استبعاد المبادلات مع البنوك الحكومية. وقبل عام، ناشدت تركيا حلفاءها الأجانب إبرام تمويلات مبادلة جديدة لكنها لم تحصل إلا على القليل من خلال قطر والصين فقط.
وفي يونيو 2020 أعلن البنك المركزي التركي أنه استخدم تسهيل التمويل الذي لديه باليوان الصيني للمرة الأولى بموجب اتفاق مبادلة سابق مع بنك الشعب الصيني.



اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

اليابان تناشد بايدن الموافقة على صفقة «نيبون - يو إس ستيل»

رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
رجل يمر أمام لوحة تحمل شعار «نيبون ستيل» على مقرها في العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أرسل رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، رسالةً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يطلب منه الموافقة على استحواذ «نيبون ستيل» على «يو إس ستيل»؛ لتجنب إفساد الجهود الأخيرة لتعزيز العلاقات بين البلدين، وفقاً لمصدرَين مطلعَين على الأمر.

وانضم بايدن إلى نقابة عمالية أميركية قوية في معارضة استحواذ أكبر شركة يابانية لصناعة الصلب على الشركة الأميركية العريقة مقابل 15 مليار دولار، وأحال الأمر إلى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، وهي لجنة حكومية سرية تراجع الاستثمارات الأجنبية؛ بحثاً عن مخاطر الأمن القومي. والموعد النهائي لمراجعة لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة هو الشهر المقبل، قبل أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترمب - الذي تعهَّد بعرقلة الصفقة - منصبه في 20 يناير (كانون الثاني).

وقد توافق لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة على الصفقة، ربما مع اتخاذ تدابير لمعالجة المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، أو توصي الرئيس بعرقلتها. وقد تُمدِّد المراجعة أيضاً.

وقال إيشيبا في الرسالة، وفقاً لنسخة من النص اطلعت عليها «رويترز»: «تقف اليابان بوصفها أكبر مستثمر في الولايات المتحدة، حيث تظهر استثماراتها اتجاهاً تصاعدياً ثابتاً. إن استمرار هذا الاتجاه التصاعدي للاستثمار الياباني في الولايات المتحدة يعود بالنفع على بلدَينا، ويبرز قوة التحالف الياباني - الأميركي للعالم». وأكدت المصادر أنه تم إرسالها إلى بايدن في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وتابع إيشيبا: «في ظل رئاستك، وصل هذا التحالف إلى قوة غير مسبوقة. نطلب باحترام من الحكومة الأميركية الموافقة على الاستحواذ المخطط له من قبل شركة (نيبون ستيل) حتى لا نلقي بظلالنا على الإنجازات التي تحقَّقت على مدى السنوات الأربع الماضية»، كما جاء في الرسالة.

ورفضت السفارة الأميركية في اليابان التعليق. وأحال مكتب إيشيبا الأسئلة إلى وزارة الخارجية التي لم يكن لديها تعليق فوري. ورفضت شركة «نيبون ستيل» التعليق، ولم ترد شركة «يو إس ستيل» على الفور على طلب التعليق خارج ساعات العمل في الولايات المتحدة.

ويبدو أن نهج إيشيبا المباشر يمثل تحولاً في موقف الحكومة اليابانية بشأن الصفقة، التي أصبحت قضيةً سياسيةً ساخنةً، في ولاية أميركية متأرجحة رئيسة في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.

وكان سلف إيشيبا، فوميو كيشيدا، قد سعى إلى إبعاد إدارته عن عملية الاستحواذ المثيرة للجدل، ووصفها بأنها مسألة تجارية خاصة حتى مع تصاعد المعارضة السياسية في الولايات المتحدة.

وبدا أن عملية الاستحواذ على وشك أن تُعرقَل عندما زعمت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة في رسالة أرسلتها إلى الشركات في 31 أغسطس (آب) أن الصفقة تُشكِّل خطراً على الأمن القومي من خلال تهديد سلسلة توريد الصلب للصناعات الأميركية الحيوية.

ولكن تم تمديد عملية المراجعة في النهاية إلى ما بعد الانتخابات؛ لإعطاء اللجنة مزيداً من الوقت لفهم تأثير الصفقة على الأمن القومي والتواصل مع الأطراف، وفقاً لما قاله شخص مطلع على الأمر.

وقبل تولي إيشيبا منصبه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، قال إن أي تحرك أميركي لمنع الصفقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي سيكون «مقلقاً للغاية» نظراً للعلاقات الوثيقة بين الحلفاء.

والتقى إيشيبا وبايدن لأول مرة بصفتهما زعيمَين، على هامش قمة دولية في بيرو في وقت سابق من هذا الشهر. وقال إيشيبا في خطابه إن الرجلين لم يتمكّنا من الخوض في مناقشات بشأن العلاقة الاقتصادية في ذلك الاجتماع؛ بسبب قيود الوقت، وإنه يريد متابعة الأمر لجذب انتباهه إلى الصفقة في «منعطف حرج».

وقدَّمت شركة «نيبون ستيل» ضمانات وتعهدات استثمارية مختلفة من أجل الفوز بالموافقة. وأكد إيشيبا في خطابه إلى بايدن أن الصفقة ستفيد كلا البلدين، وقال: «إن شركة (نيبون ستيل) ملتزمة بشدة بحماية عمال الصلب في الولايات المتحدة، وفتح مستقبل مزدهر مع شركة الصلب الأميركية وعمالها. وستُمكِّن عملية الاستحواذ المقترحة شركات الصلب اليابانية والأميركية من الجمع بين التقنيات المتقدمة وزيادة القدرة التنافسية، وستسهم في تعزيز قدرة إنتاج الصلب وتشغيل العمالة في الولايات المتحدة»... ولم يتضح ما إذا كان بايدن قد ردَّ على الرسالة.