جهود دولية وإسرائيلية سحبت فتيل {مكيدة المسيرة الاستفزازية}

الاختبار الأول لحكومة بنيت

الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقاً في القدس الشرقية أمس قبل انطلاق مسيرة الأعلام اليهودية (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقاً في القدس الشرقية أمس قبل انطلاق مسيرة الأعلام اليهودية (أ.ب)
TT

جهود دولية وإسرائيلية سحبت فتيل {مكيدة المسيرة الاستفزازية}

الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقاً في القدس الشرقية أمس قبل انطلاق مسيرة الأعلام اليهودية (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقاً في القدس الشرقية أمس قبل انطلاق مسيرة الأعلام اليهودية (أ.ب)

في الوقت الذي بنى فيه اليمين المعارض في إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، آمالاً كبيرة بأن تؤدي مسيرة الاستيطان الاستفزازية في القدس إلى فشل حكومة التغيير برئاسة نفتالي بنيت، جرت في أروقة الحكم في إسرائيل وفي العديد من عواصم دول العالم، جهود حثيثة لتبديد هذه الآمال وتمرير الحادث من دون انفجار عسكري وبأقل ما يمكن من احتكاك، وإظهار الحكومة الإسرائيلية الجديدة حكومة متوازنة وقادرة على الحكم.
نتنياهو نصب مصيدة لحكومة بنيت، فإذا أوقفت المسيرة يستطيع إظهارها حكومة يسارية ضعيفة، وإن سمحت بها، ستدخل في مغامرة توتر مع الفلسطينيين. وكانت هذه المسيرة سبباً أساسياً في إشعال الحرب على قطاع غزة، التي سميت في إسرائيل «حامي الأسوار»، وسميت في فلسطين «سيف القدس». فقد تقرر إجراؤها هذه السنة في موعد يسمى «يوم أورشليم»، العاشر من مايو (أيار) الماضي، وهو يوم احتلال القدس الشرقية سنة 1967 وفقاً للتقويم العبري. وفي حينه، عملت حكومة نتنياهو على إجراء المسيرة بأي ثمن، رغم أن أجهزة الأمن حذرت من عواقبها وأوضحت أنها يمكن أن تجر البلاد إلى صدامات دامية. وكما هو معروف، صادفت المسيرة السابقة في الثامن والعشرين من شهر رمضان، وقبل شهر من إطلاقها، انتبهت الشرطة والمخابرات الإسرائيلية إلى أن هناك خطر وقوع احتكاكات بين المتظاهرين اليهود وبين الشبان الفلسطينيين، الذين يتجمعون عادة في ساحة باب العامود في القدس لإحياء ليالي رمضان. وكي لا يقع هذا الاحتكاك؛ قررت إسرائيل إلغاء جميع ليالي رمضان، بالقوة، وتسبب القرار في تسخين الشارع الفلسطيني منذراً بالانفجار، وحصل الانفجار فعلاً، في يوم المسيرة نفسه.
ولكن حكومة نتنياهو اضطرت إلى قطع المسيرة وهي في عزّ مسارها تقترب من القدس الشرقية، وذلك بعدما أطلقت «حماس» صاروخاً نحو القدس. وردت إسرائيل بغارات كثيفة على قطاع غزة واشتعلت الحرب طيلة 11 يوماً، نفذت إسرائيل خلالها 6500 غارة، أسفرت عن سقوط 1410 شهيداً، منهم 355 طفلاً و240 امرأة و134 شرطياً و1032 مواطناً مدنياً، وعن إصابة 5380 فلسطينياً، منهم 1872 طفلاً ونحو 800 امرأة. كما ألحق القصف الإسرائيلي دماراً شاملاً في البنى التحتية في مختلف أنحاء القطاع، شمل 50 في المائة من شبكات المياه، و55 في المائة من شبكات الكهرباء. ودمرت الغارات الإسرائيلية 11122 منزلاً؛ ما أدى إلى تشريد سكانها وتشتتهم بين منازل الأقرباء أو الأصدقاء، أو اللجوء إلى المدارس، أو إنشاء خيام على أنقاض المنازل. ودمرت 581 عمارة، منها 149 دمرت تدميراً كلياً وتدمير695 منشأة تجارية، أدت إلى توقف 3900 منشأة صناعية عن العمل، وفقدان أكثر من 40 ألف شخص وظائفهم في القطاع الزراعي، و90 ألف شخص لوظائفهم في قطاعات مختلفة؛ مما رفع نسبة الفقر في قطاع غزة إلى 79 في المائة.
وفي المقابل، أطلقت التنظيمات الفلسطينية المسلحة 4360 صاروخاً باتجاه إسرائيل، منها 176 سقطت في مناطق مأهولة ووصلت حتى شمالي تل أبيب، وتسببت في مقتل 12 شخصاً، بينهم ثلاثة عمال أجانب ومواطنان عربيان من فلسطينيي 48 (أب وطفلته من مدينة اللد)، وأدخلت نحو مليون إسرائيلي إلى الملاجئ، وأوقفت حركة القطارات بين مدن وسط وجنوب البلاد، وتعليق هبوط وإقلاع الرحلات الجوية لفترات بمطار بن غوريون الدولي بتل أبيب، وهجر بيوتهم نحو نصف عدد سكان البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، وبلغت الخسائر المادية أكثر من 3 مليارات دولار، لا تشمل خسائر الجيش.
هذه الصورة المأساوية، لم تمنع نتنياهو ونشطاء اليمين تحت قيادته من إعادة المسيرة، فقرروا إجراءها من جديد، رغم أن أجهزة الأمن الإسرائيلية أبلغت أنها تحبذ إلغاءها. في البداية، حددوا لذلك أحد أيام الأسبوع الماضي، لكن نتنياهو قرر تأجيلها إلى ما بعد يوم واحد من دخول الحكومة الجديدة إلى عملها، حتى يحرجها ويبرهن على أنها ضعيفة وعلى أن بنيت، الذي يؤيد المسيرة، لا يجرؤ على تنفيذها بسبب تحالفه مع اليسار، وبأن إسرائيل تحتاج إلى «قائد قوي» مثله يواجه الفلسطينيين والضغوط الدولية.
من هنا بدأت جهود ضخمة من مختلف الاتجاهات لمواجهة الأزمة. وكان من الطبيعي أن يتم إلغاء المسيرة، فهي مسيرة ذات أهداف احتلالية استيطانية استفزازية، يمكنها أن تفجّر الأوضاع الأمنية من جديد. وتوجه الوزير العربي في الحكومة، عيساوي فريج، إلى بنيت، طالباً إلغاء المسيرة وكذلك فعلت «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، برئاسة أيمن عودة. وتلقت إسرائيل توجهات شبيهة من دول عدة في الاتحاد الأوروبي ومن دول عربية. وبذلت إدارة الرئيس جو بايدن جهداً مميزاً في هذا الاتجاه، وأوضحت أن جميع المسؤولين الأميركيين، الذين التقوا مع وزير الدفاع بيني غانتس خلال زيارته واشنطن، قبل أسبوعين، عبّروا عن قلقهم من الوضع في القدس المحتلة واحتمال أن يؤدي التصعيد الحربي. وفي يوم أمس، اتصل مع غانتس، نظيره وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، وأبلغه أن المطلوب اليوم البرهنة على أن الحكومة الجديدة حكومة أمل تشجع المعتدلين الفلسطينيين، ولا يجوز أن تساعد على تفجير الأوضاع الأمنية. وحسب غانتس، فإنه أبلغ اوستن أنه سيعمل على تعزيز السلطة الفلسطينية والجهات المعتدلة في المنطقة.
ولكن غانتس، وكذلك رئيس حكومته، نفتالي بنيت، وبقية الوزراء في الحكومة الجديدة، خشوا من أن يفسر إلغاء المسيرة أنه «نتيجة ضعف أمام تهديدات (حماس)». وقالوا، إن إلغاء المسيرة سيخدم فقط نتنياهو الذي يعمل على إسقاط حكومتهم. وقد وجهوا الأنظار إلى وزير الأمن الداخلي في الحكومة الجديدة، عومر بارليف، الذي كان ذات مرة قائداً لأهم وحدة كوماندوس في الجيش الإسرائيلي، ويعتبر اليوم من المعتدلين في حزب العمل. إنه نجل حايم بارليف، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي أصبح لاحقاً وزيراً للشرطة. الوالد كان من صقور حزب العمل، ومع ذلك، فإنه ألغى مسيرة أورشليم هذه في سنة 1988 بسبب الانتفاضة الفلسطينية. ولكن الابن، الذي يؤكد أنه «رجل يسار حمائمي»، يقرر اليوم إجراء المسيرة؛ حتى لا يفسر أنه ضعيف ابن حكومة ضعيفة. وقال، إنه سيسعى إلى إحداث تغييرات في مسار هذه المسيرة، بحيث لا تقترب من المسجد الأقصى وتتجنب المناطق ذات الاحتكاك مع الفلسطينيين. وقرر مع غانتس «العمل على منع الاحتكاك والحفاظ على أمن جميع المواطنين، اليهود والعرب، ونقل رسائل بهذه الروح إلى جميع الجهات ذات العلاقة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.