الحكومة السودانية وفصيل الحلو يعلقان التفاوض لحسم الخلافات

رئيس لجنة الوساطة الجنوبية توت قلواك خلال مؤتمر صحافي بجوبا والى جانبه وفود المشاركين (سونا)
رئيس لجنة الوساطة الجنوبية توت قلواك خلال مؤتمر صحافي بجوبا والى جانبه وفود المشاركين (سونا)
TT

الحكومة السودانية وفصيل الحلو يعلقان التفاوض لحسم الخلافات

رئيس لجنة الوساطة الجنوبية توت قلواك خلال مؤتمر صحافي بجوبا والى جانبه وفود المشاركين (سونا)
رئيس لجنة الوساطة الجنوبية توت قلواك خلال مؤتمر صحافي بجوبا والى جانبه وفود المشاركين (سونا)

أعلنت وساطة دولة جنوب السودان لمحادثات السلام السودانية أمس (الثلاثاء)، رفع جلسات التفاوض بين الحكومة الانتقالية في الخرطوم والحركة الشعبية – فصيل عبد العزيز الحلو، إلى أجل غير مسمى، لإتاحة الفرصة لتدخل الشركاء الدوليين والوساطة لتقريب المواقف التفاوضية بما يمهد التوقيع على الاتفاق الإطاري النهائي.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن كل القضايا التي جرى النقاش عليها معلقة، ولم تحرز أي تقدم في اتجاه التوافق عليها.
وذكر البيان الختامي المشترك أن طرفي التفاوض توصلا إلى اتفاقات وتفاهمات على معظم المحاور والقضايا التي وردت في مسودة الاتفاق الإطاري، وفي المقابل لم يتمكنا من الوصول إلى قرارات نهائية حول عدد من القضايا التي تم التباحث حولها.
ورأت لجنة الوساطة، حسب البيان، تعليق جلسات التفاوض بين الحكومة والشعبية لحماية وتثبيت نقاط الاتفاق الكبيرة التي توصلا إليها في مسودة الاتفاق، وفتح المجال أمام الأطراف لإجراء المزيد من المشاورات الداخلية حول نقاط الاختلاف. وأشار البيان إلى أن الوساطة والشركاء الدوليين سيجريان تحركات واسعة خلال الأسابيع المقبلة لتجسير الهوة وتقريب المواقف التفاوضية ووجهات النظر بين الطرفين، بهدف الوصول إلى اتفاق حول القضايا المختلف عليها والتوقيع على الاتفاق الإطاري في أقرب وقت ممكن.
وانطلقت جولة المفاوضات المباشرة بين الحكومة الانتقالية في السودان والحركة الشعبية - فصيل عبد العزيز الحلو في عاصمة جنوب السودان (جوبا) في 26 من مايو (أيار) الماضي. ووقع الطرفان في مارس (آذار) الماضي على إعلان المبادئ تجاوزا به الخلافات الحادة حول قضية فصل الدين عن الدولة.
وطالبت الحركة الشعبية، في مسودة الاتفاق الإطاري، بمدة 6 أشهر تسبق الفترة الانتقالية، التي قسمتها إلى جزأين، تخصص الفترة الأولى لإنشاء المؤسسات والآليات المتفق عليها، تنتهي بالتصديق على الدستور الدائم والإعداد للانتخابات، ويبدأ النصف الثاني بالانتخابات، وينتهي بتقييم وتقويم أداء الحكومة المنتخبة. كما اقترحت تقسيم البلاد إلى 8 أقاليم، بإضافة إقليم في جبال النوبة، وآخر لمجموعة الفونج، وتعيين حكام الأقاليم نواباً لرئيس الجمهورية، وتكوين مجلس رئاسي يقوم بمهام وسلطات الرئيس، بجانب رئيس وزراء يقوم بالإشراف على أداء الجهاز التنفيذي.
من جهة ثانية، دعا نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى استكمال ملف الترتيبات الأمنية في اتفاقية «جوبا» للسلام، والمسارعة في تشكيل قوات حماية المدنيين في إقليم دارفور، حاثاً شركاء السلام الدوليين والإقليمين لدعم عملية السلام في السودان. وقال حميدتي لدى مخاطبته فعالية تدشين برنامج حاكم إقليم دارفور، بقاعة الصداقة بالعاصمة الخرطوم، أمس، إن تحقيق السلام في دارفور يبدأ بفرض هيبة الدولة وبسط الأمن وتمكين الأجهزة الأمنية والعدلية في حماية المواطن وممتلكاته وحفظ الحقوق العامة والخاصة، وأن يعمل جميع الأطراف في السلطة الانتقالية لتنفيذ اتفاقية السلام على أرض الواقع.
وحضر الفعالية عدد من البعثات الدبلوماسية العربية والغربية وممثلون للمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في السودان.
ودعا حميدتي، حاكم الإقليم، إلى فتح مجالات الاستثمار للمؤسسات الوطنية والدولية لاستغلال الموارد والإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها الإقليم.
وجدد نائب رئيس مجلس السيادة، التأكيد على التزام الدولة الصارم بتنفيذ اتفاق السلام، والعمل على تحقيق أهداف الفترة الانتقالية وصولاً للانتقال للديمقراطية.
وبدوره تعهد حاكم دارفور، مني أركو مناوي، بتكوين حكومة في الإقليم تمثل كل مكونات الشعب السوداني، وعلى وجه الخصوص جميع أهل دارفور وإشراكهم في جميع أجهزة السلطة التنفيذية والتشريعية والأجهزة الأمنية.
وقال إن أولويات حكومته تنفيذ السلام على أرض الواقع عبر تطبيق بروتكولات الشأن الإنساني والأمني لوضع حد للأوضاع المضطربة في الإقليم ومحاصرة بؤر الصراعات والنزاعات القبلية.
وأضاف: «سنعمل بكل جدية على تخفيف أعباء الضائقة المعيشية وإعادة الإعمار والتنمية والعمل مع الجميع لمحاربة الفساد والمحسوبية عبر الطرق القانونية الصارمة مع الالتزام بسيادة حكم القانون».
وتابع: «سنتعاون مع الحكومة المركزية في مجلسي السيادة والوزراء في حفظ الأمن لتحقيق الاستقرار في دارفور، وإنجاح برنامج الفترة الانتقالية بما فيها تنفيذ الترتيبات الأمنية الشاملة».
والتمس من الجميع التعاون معه لرتق النسيج الاجتماعي، وإقامة المصالحات المجتمعية عبر الحوار الشامل، لإنهاء الصراعات والمرارات التي خلفتها الحرب في دارفور.
وتعهد مناوي بالعمل على نزع فتيل الأزمة والتوتر الأهلي في المناطق المختلفة، وذلك عبر آليات التصالح الاجتماعي والعدالة الانتقالية، ورتق الأمن بالتعاون مع جميع قوات الأمن من الحكومة وأطراف الاتفاق عبر القوات المشتركة لحماية المدنيين والطرق العامة وقوافل الإغاثة.
وقال: «أسعى مع السلطات الفيدرالية لعقد مؤتمر للمانحين من أجل تنمية دارفور برعاية الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي العالمي، ونمد الأيادي إلى الأشقاء في الدول العربية والأفريقية لدعمنا من أجل الأمن والاستقرار في إقليم دارفور».
واندلعت الحرب في إقليم دارفور عام 2003، بين نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والجماعات المتمردة، خلفت أكثر من 300 ألف قتيل وملايين اللاجئين والنازحين داخل وخارج، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.