حفتر يعتبر غرب ليبيا «محتلاً» من تركيا ويرفض تولي الدبيبة وزارة الدفاع

صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه في طرابلس مساء أول أمس مع رئيس حكومة الوحدة
صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه في طرابلس مساء أول أمس مع رئيس حكومة الوحدة
TT

حفتر يعتبر غرب ليبيا «محتلاً» من تركيا ويرفض تولي الدبيبة وزارة الدفاع

صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه في طرابلس مساء أول أمس مع رئيس حكومة الوحدة
صورة وزعها المجلس الرئاسي لاجتماعه في طرابلس مساء أول أمس مع رئيس حكومة الوحدة

تصاعدت أمس حدة التوتر مجددا بين الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، والسلطة الانتقالية، بعدما شن الأول هجوما حادا على عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، ورفض اعترافه رسميا، وللمرة الأولى، بشغله أيضا لمنصب وزير الدفاع، الذي اعتبره «شاغرا حتى اللحظة».
ففي تصعيد غير مسبوق لحجم الخلافات المكتومة بين الجانبين، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في مدينة بنغازي، إن «التكليف الشرعي وأي شرعية في ليبيا تمر عبر البرلمان، ولا يوجد أي جسم شرعي في ليبيا ما لم يأخذ شرعية البرلمان». في إشارة إلى رفض «الجيش الوطني» الاعتراف بتعيين الدبيبة لمحمد الحداد رئيسا لأركان الجيش التابع له.
وأضاف المسماري مخاطبا الدبيبة: «الفريق عبد الرزاق الناظوري هو رئيس الأركان العامة للجيش بقوة التشريع والبرلمان الليبي، وما عداه مجرد استفزاز واختراق للاتفاق السياسي، ومحاولة لإجهاض مجهودات اللجنة العسكرية المشتركة»، المعروفة باسم لجنة (5+5).
وتابع المسماري موضحا: «نريد من رئيس الحكومة أن يقول لنا من هو وزير الدفاع، وإذا كان هو شخصيا وزير الدفاع فعليه أن يبلغنا في كتاب رسمي، وحتى تصلنا إجابة عن هذا السؤال، نعتبر وزارة الدفاع شاغرة، سواء من الوزير أو وكلائه نهائيا... لا توجد وزارة دفاع». معتبرا أن المشير حفتر «يقف ضد الغزاة والمحتلين، وضد مشروع تركنة ليبيا»، وقال بهذا الخصوص: «غرب ليبيا منطقة محتلة من الأتراك، وما يحدث انتهاك للسيادة الليبية. ونحن لا نعرف من جاء مع وزير الدفاع التركي إلى العاصمة طرابلس على نفس الطائرة... هل هم قادة من (تنظيم القاعدة) أو عناصر إرهابية أخرى؟». محذرا من «وقوع عمليات قادمة لـ(تنظيم داعش) في الجنوب الغربي... وكلما اقتربنا من الانتخابات سيكون التصعيد بوضع المفخخات والمتفجرات أمام قطار الانتخابات». على اعتبار أن هذه التنظيمات «تكفر الانتخابات، ولديها شعور بأنها ستخسر نتائجها». في المقابل، بحث المجلس الرئاسي مع الدبيبة، مساء أول من أمس، الأوضاع العسكرية والأمنية في البلاد، والقضايا المتعلقة بالإرهاب. وقال بيان للحكومة إن اللقاء استعرض آخر مستجدات التوتر الأمني في مدينة العجيلات، وعدد من المناطق الأخرى. كما أبلغ الدبيبة الصديق الصور، النائب العام، أن حكومته تعول على التحقيقات الجارية لمجابهة تنامي ظاهرة الفساد المالي والإداري في القطاع العام.
واستأنف مجلس النواب أمس جلسته الرسمية، بحضور رئيسه عقيلة صالح، ونائبيه لمناقشة بندي مشروع الميزانية العامة للدولة، وتولي الوظائف السيادية. وقال عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، إن الجلسة كانت مغلقة.
إلى ذلك، أبلغت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب في قطر، أمس، أن ليبيا «تعيش اليوم واقعا جديدا من خلال سلطة تنفيذية موحدة، تتولى مسؤولياتها على كافة الأراضي الليبية في تعزيز السلام، وحل الخلافات بالحوار والتجهيز للانتخابات القادمة».
لكنها حذرت من أن مسار التسوية يواجه تحديات كبيرة. مشيرة إلى أن أولويات حكومتها تتمثل في فرض السيادة الوطنية على كامل التراب الليبي، وإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وتحقيق المصالحة الوطنية.
في سياق ذلك، عقدت نجلاء المنقوش مع وزير خارجية مصر، سامح شكري، أمس، لقاءً على هامش الاجتماع التشاوري العربي في الدوحة. واتفق الوزيران على أهمية الدفع قدماً بالخطوات والإجراءات المتفق عليها في إطار العملية السياسية الليبية، ومنها إجراء الانتخابات قبل نهاية العام.
وحسب بيان أصدره مكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أمس، فقد ناقش الوزيران التطورات على الساحة الليبية، فيما أكد شكري دعوته للوزيرة المنقوش للقيام بزيارة إلى مصر خلال الأيام المقبلة. كما تم الاتفاق على موعد الزيارة لتتم في إطار التشاور القائم بين البلدين على جميع المستويات، وعلى ضوء حرص مصر الدائم على تقديم كل الدعم لليبيا في مساعيها لبدء مرحلة جديدة يسودها الوفاق، في إطار دولة ليبية مستقرة، وبعيدة عن التدخلات الخارجية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.