السودان يضع شروطاً جديدة لحل معضلة «سد النهضة»

وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

السودان يضع شروطاً جديدة لحل معضلة «سد النهضة»

وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

اشترط السودان الموافقة على توقيع اتفاق جزئي لتجاوز الخلافات بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، توقيع الدول الثلاث على كل ما تم التوصل إليه من توافق في جولات التفاوض السابقة، على أن يظل الاتفاق سارياً إلى أن يجدد باتفاق آخر، فيما يعقد وزراء خارجية الدول العربية اليوم (الثلاثاء) اجتماعاً غير عادي بالدوحة لبحث تطورات ملف سد النهضة. وقال وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، نسبة لضيق الزمن فإن بلاده يمكن أن توافق على اتفاق مرحلي شريطة التوقيع على كل ما سبق التوافق عليه من القضايا الفنية بشأن ملء وتشغيل السد، ووجود ضمانات لاستمرارية للتفاوض بعد المرحلة الأولى، على أن تظل الاتفاقية سارية إلى أن تجدد باتفاقية أخرى، وأن يكون التفاوض على المراحل، وفقاً لجدول زمني محدد. وأشار إلى وجود تنسيق سوداني – مصري حرصاً من الدولتين على الوصول إلى اتفاق قانوني يحفظ مصالح الدول الثلاث، كاشفاً عن مخاطبة مصر لمجلس الأمن الدولي، وأن السودان بصدد اتخاذ ذات الخطوة ويتحين الزمن المناسب للدفع بطلبه للمجلس.
وقال في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إنه لا جديد في زيارة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي والوفد المرافق له للخرطوم اليومين الماضيين، وأن بلاده مع تقوية الاتحاد الأفريقي بالوساطة الرباعية بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا، وليس مع خروج الاتحاد الأفريقي من الوساطة في ملف سد النهضة. وأكد عباس أن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي سيعقد اليوم بالعاصمة القطرية (الدوحة) ليس اصطفافاً عربياً أفريقياً، لكنه تعبير لمخاطبة «التعنت» الإثيوبي وإصرارها على الإجراءات الأحادية، وعدم رغبتها التوصل لاتفاق مبني على الحقوق المشتركة للدول الثلاث. وأوضح أن الهدف من الاجتماع تسليط الضوء على آخر التطورات في ملف سد النهضة وتهديداته المباشرة للأمن القومي والمائي للسودان.
وقال عباس إن تحركات مبعوث الرئيس الأميركي للقرن الأفريقي في المنطقة، جيفري فيلتمان، لم تسفر عن مبادرة واضحة أو حلول محددة للخلافات بين الدول الثلاث.
وبشأن المبادرة الإماراتية لحل الأزمة، قال: إن المبادرة الإماراتية «غير رسمية» وهي مقترح لاتفاق ولم تصل بعد إلى مسودة اتفاق إطاري. وأشار إلى أن طرح إثيوبيا لقضية تقاسم المياه يعد شرطاً تعجيزياً لعدم الوصول إلى اتفاق، مشدداً على أن بلاده ترفض جملة وتفصيلاً ربط تقاسم المياه مع ملف ملء وتشغيل سد النهضة، لأنه لا يوجد علاقة بين القضيتين. وعرضت إثيوبيا على السودان في أبريل (نيسان) الماضي التوقيع على اتفاق جزئي مع السودان لتبادل المعلومات حول ملء سد النهضة، وآخر للتشغيل المستمر للسد، لكنه وجد رفضاً من السودان.
وجدد الوزير موقف السودان وهو أن عدم وجود اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة غير مقبول وفقاً للقانون الدولي، ونسعى لتوحيد الجبهة الداخلية حول الموقف من ملف سد النهضة لتعضيد موقفنا التفاوضي.
واستبعد وزير الري السوداني اللجوء إلى الخيار العسكري لحل ملف سد النهضة، وقال: «إن السودان لا يرغب في ذلك، ويصر على الحلول القانونية». واتفق السودان ومصر في مباحثات أجريت بالخرطوم الأسبوع الماضي على أهمية التنسيق والتحرك لحماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والقارة الأفريقية. ودعت الدولتان لتدخل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياسة فرض الأمر الواقع بعزمها البدء في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل دون مراعاة مصالح السودان ومصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».