طائرات وقطارات وصناديق... قصة هروب كارلوس غصن الجريئة

كارلوس غصن (رويترز)
كارلوس غصن (رويترز)
TT

طائرات وقطارات وصناديق... قصة هروب كارلوس غصن الجريئة

كارلوس غصن (رويترز)
كارلوس غصن (رويترز)

بين طائرات خاصة وقطارات سريعة وصناديق مجهّزة للتنفّس، تبدو عملية فرار كارلوس غصن من اليابان، حيث كان ينتظر محاكمته، أشبه بسيناريو فيلم من إنتاج هوليوود.
من غير المستغرب ألا يتحمل نجم عالم صناعة السيارات المليونير الذي كان دائماً بين شخصيات الطبقة المخملية الحاضرة في قمة دافوس، القيود الصارمة التي فُرضت عليه كشروط الكفالة التي أُفرج عنه بموجبها قبيل محاكمة كان من المتوقع أن يطول أمدها في اليابان بتهم تتعلق بارتكاب مخالفات مالية.
ومع اقتراب نهاية العام 2019 هرب الرئيس السابق لتحالف «رينو - نيسان - ميتسوبيشي» من اليابان عائداً إلى بلده الأم لبنان.
وفيما يعيش آمناً حالياً في أحد بيوته العديدة في لبنان، بدأت في طوكيو محاكمة مايكل تايلور وابنه بيتر المتّهمين بالمشاركة في عملية تهريبه، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ورغم الكم الهائل من الأسئلة التي وجهها إليه الصحافيون خلال مؤتمر استمر أكثر من ساعتين في بيروت، رفض غصن الإفصاح عن أي تفاصيل متعلّقة بعملية هروبه.
واكتفى بالقول إنه «لم يكن أمامه من خيار» إلا الهروب من اليابان حيث كان «يعتبر مذنباً» قبل ثبوت التهم بحقه وبعد أن قضى 130 يوماً في السجن.
وفيما يأتي ما نعرفه عن عملية هروبه «الدرامية»:
بدأت عملية فرار غصن بخروجه بكل بساطة من منزله الفخم وسط طوكيو في 29 ديسمبر (كانون الأول)، بحسب تسجيل مصوّر التقطته عدسة كاميرا للمراقبة.

وبحسب وسائل إعلام يابانية، التقى مواطنين أميركيين في فندق قريب واستقل الثلاثة أحد قطارات «شينكانسن» السريعة من حي شيناغاوا الشهير في طوكيو إلى أوساكا في غرب اليابان في رحلة استمرت نحو ثلاث ساعات.
وتوّجه الثلاثة إلى فندق قرب مطار كانساي الدولي، حيث أظهر تسجيل كاميرات المراقبة الأميركيين يغادران وحدهما وهما حاملان «صندوقين كبيرين» يبدو أن غصن كان داخل أحدهما.
وغادر في طائرة خاصة قال محققون أتراك إنها من طراز «بومباردييه» هبطت في إسطنبول صباح 30 ديسمبر (كانون الأول).
وتظهر صورة أصدرتها شرطة إسطنبول الصندوقين اللذين يُعتقد أن غصن استخدمهما في عملية فراره.

وقال مسؤول في وزارة النقل اليابانية لوكالة الصحافة الفرنسية إن عمليات التفتيش على الأمتعة غير ضرورية عادة بالنسبة لمشغلي الطائرات الخاصة أن حجم الصندوقين كان على ما يبدو أكبر بكثير من إمكان تمريرهما على أجهزة الأشعة في المطار.
وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مصادر مقرّبة من التحقيقات في تركيا أنه تم حفر ثقوب في الصندوق الذي حُمل فيه غصن ليتمكّن من التنفس.
وفي كتابه، قال غصن إنه «بدأ يشعر بأن النجاح ممكن» حين وصل مدرج المطار. وقال إنّ «صوت الطائرة كان صوت الأمل».
وأفادت وكالة الأنباء التركية «دي إتش إيه» إن غصن استقل في إسطنبول طائرة خاصة ثانية إلى بيروت، غادرت بعد 45 دقيقة.

وأدين طياران تركيان وموظف في شركة طيران تركية بالسجن أربع سنوات وشهرين لدورهم في تهريب غصن. فيما برئ طياران آخران في القضية.
ورغم إصرار غصن على عدم الإفصاح عن معلومات بخصوص طريقة تهربيه، وجد المدعون اليابانيون أنه تلقى مساعدة من مايكل تايلور وابنه، بالإضافة لرجل ثالث يدعى أنطوني زايك وهو هارب حالياً.
وتايلور (60 عاماً) عميل سابق في القوات الخاصة الأميركية يعمل حالياً كمتعاقد أمني خاص ووصفته صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنه «خبير في فن عمليات الهروب السرّية».
وأكّدت السلطات اليابانية أن خروج غصن من البلاد لم يسجّل قط، وهو ما يعزز فرضية سفره داخل صندوق.
وأصدرت الشرطة الدولية إنتربول «نشرة حمراء» لتوقيف غصن، لكن لا اتفاق بين بيروت وطوكيو لتسليم المطلوبين. ويؤكد المسؤولون اللبنانيون أنه دخل البلاد بشكل قانوني.
وقال مصدر مطلع على القضية في اليابان إن المحاكمة المرتبطة بالمخالفات المالية التي يشتبه بأن غريغ كيلي، المقرّب من غصن، و«نيسان» ارتكباها، ستجري كما هو مقرر.
وينفي غصن جميع التهم الموجهة إليه وتحدّث عن «تواطؤ» بين المدعين اليابانيين ومسؤولين في نيسان لمنع الشركة من التقرّب كثيراً إلى «رينو» الفرنسية.
ومطلع الشهر الجاري، استمع قضاة فرنسيون لأقوال غصن في بيروت فيما يتعلق بمخالفات مالية مزعومة، لكنه قال إنه يعتبر هذه الإجراءات عادلة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».