حكومة إسرائيلية جديدة تضع حداً لعهد نتنياهو

بنيت يرفض الاتفاق مع إيران ويهدد «حماس» لكنه يؤيد التهدئة

نتنياهو في الكنيست بعد أن ألقى خطابه... وإلى اليسار الشريكان في الحكومة الجديدة لبيد وبنيت (إ.ب.أ)
نتنياهو في الكنيست بعد أن ألقى خطابه... وإلى اليسار الشريكان في الحكومة الجديدة لبيد وبنيت (إ.ب.أ)
TT

حكومة إسرائيلية جديدة تضع حداً لعهد نتنياهو

نتنياهو في الكنيست بعد أن ألقى خطابه... وإلى اليسار الشريكان في الحكومة الجديدة لبيد وبنيت (إ.ب.أ)
نتنياهو في الكنيست بعد أن ألقى خطابه... وإلى اليسار الشريكان في الحكومة الجديدة لبيد وبنيت (إ.ب.أ)

في جلسة ساخنة تخللها الصراخ والمقاطعات والتشويش الشديد، وضع الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) حداً، أمس (الأحد)، لعهد بنيامين نتنياهو، وانتخب حكومة جديدة مناوئة له برئاسة نفتالي بنيت، رئيس حزب اليمين المتطرف (يمينا)، وعضوية واسعة تضم ثمانية أحزاب من اليمين واليسار وتضم حتى كتلة الحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس. وحظيت الحكومة بتأييد 60 نائباً. وبالمصادقة عليها، يكون عهد بنيامين نتنياهو قد ولى، مع أنه أعلن أنه لن يترك الحلبة.
وقد ألقى رئيس الوزراء ورئيس الوزراء البديل وبقية الوزراء، قسم الولاء الذي التزموا به الحفاظ على الولاء لدولة إسرائيل وقوانينها، والوفاء بأمانة بدورهم في الحكومة واحترام قرارات الكنيست. وعقدت الحكومة جلستها الأولى بشكل رسمي، مساء أمس.
وتضم الحكومة الجديدة 28 وزيراً وستة نواب وزراء، بينهم لأول مرة وزيران عربيان، هما: عيساوي فريج من حزب ميرتس اليساري، الذي سيتولى وزارة التعاون الإقليمي، وحمد عمار، من حزب «يسرائيل بيتينو» برئاسة أفيغدور ليبرمان، الذي سيكون وزيراً في وزارة المالية إلى جانب ليبرمان. كما سيتولى منصور عباس منصب نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، ويتخصص في شؤون العرب.
وتقوم هذه الحكومة على معسكرين، أحدهما برئاسة يائير بنيت ويضم حزبي «يمينا» و«يوجد أمل» (برئاسة غدعون ساعر)، والثاني برئاسة لبيد ويضم حزب «يسرائيل بيتينو»، برئاسة ليبرمان، وحزب «يش عتيد»، برئاسة لبيد، وحزب «كحول لفان» (أزرق أبيض) برئاسة بيني غانتس، و«القائمة العربية الموحدة - الحركة الإسلامية»، برئاسة منصور عباس، وحزب «العمل» برئاسة ميراف ميخائيلي، وحزب «ميرتس» برئاسة نتسان هوروفيتس. ويتقاسم المعسكران الحكم مناصفة وبالتناوب، على النحو التالي: بنيت يكون رئيس حكومة حتى 27 أغسطس (آب) 2023، ولبيد يكون وزيراً للخارجية ورئيس حكومة بديل. ثم يصبح لبيد رئيساً للحكومة ويحل بنيت محله في الخارجية ومنصب رئيس الحكومة البديل. ويكون غانتس نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للأمن، فيما يكون ساعر نائباً ثانياً لرئيس الحكومة ووزيراً للقضاء. وانتخب ليبرمان في منصب وزير المالية. وأييليت شاكيد من حزب «يمينا» وزيرة الداخلية، وحصلت ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب «العمل»، وزيرة المواصلات وزميلها في الحزب عومر بارليف على منصب وزير الأمن الداخلي، ورئيس حزب «ميرتس»، نتسان هوروفيتس وزيراً للصحة، بينما ستكون زميلته في الحزب تمار زاندبرغ وزيرة لحماية البيئة.
وألقى بنيت كلمة عن برنامج حكومته، ووجه خلالها بمقاطعات كثيرة عاصفة، ورفع عدد من النواب في الليكود لافتات تقول: «المنافق بنيت» و«سارق الأصوات»، ما اضطر رئيس الكنيست إلى إخراج عدد من النواب من الجلسة. واستهل بنيت خطابه بامتداح نتنياهو على عطائه، ثم قال إن حكومته ستكون حكومة جميع الإسرائيليين من مدينة رهط (العربية البدوية في الجنوب)، وحتى المطلة (اليهودية في أقصى الشمال)، وتعهد بفتح صفحة جديدة مع المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48). وشكر بنيت الرئيس الأميركي، جو بايدن، على دعمه لإسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزة، الشهر الماضي، وخلال الأعوام الماضية كذلك. وعبّر بنيت عن معارضته القاطعة لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وقال إن الحرب الأخيرة ذكرت الجميع بأن هناك قضية لم تحل هي القضية الفلسطينية، لكنه رفض اعتبارها حرب أرض، وقال إن هناك من لا يريد أن تكون هناك دولة اسمها إسرائيل. وهدد بنيت حركة «حماس»، قائلاً إنه يؤيد الجهود للتوصل إلى تهدئة، ولكن في حال عدم التزام الطرف الآخر فإنه سيرد بضربات بلا حدود. وتطرق إلى موضوع تبادل الأسرى مع «حماس»، وعبر عن التزامه بإعادة جثتي الجنديين والمواطنيْن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. وقال في خطابه: «رفعت يدي في الكابينت أثناء التصويت الذي أرسلنا من خلاله، هدار وأورون، إلى القتال من أجلنا في عملية الجرف الصامد العسكرية. وأرى باستعادتهما واجباً مقدساً ينبغي تنفيذه بمسؤولية».
وألقى منصور عباس كلمة أكد فيها أن هذه الحكومة لن تحقق كل أمنياته وآمال شعبه الفلسطينيين، لكنها تفتح طريق الأمل للجميع. وقال إن المكاسب التي حققتها كتلته هي أكبر من كل مكاسب الأحزاب الأخرى، نحو 10 مليارات دولار، لتنفيذ مشاريع تطوير ضرورية لخدمة المواطنين العرب. وكان من المفترض أن يلقي لبيد خطاباً، بوصفه رئيس الحكومة المكلف والذي نجح في تشكيل حكومة بديلة لحكومة نتنياهو. ولكنه تنازل عن إلقاء خطاب، واكتفى بالقول إن أمنتيه الآن هي أن يتم تداول السلطة بشكل يثير اعتزاز المواطنين بقيادتهم.
وألقى نتنياهو خطاباً هجومياً كاسحاً، اعتبره المراقبون خطاباً انتخابياً، قال فيه إن هذه الحكومة تثير الفرح في إيران. وأضاف: «في طهران يعرفون أن هذه حكومة ضعيفة برئاسة شخصية هشة وغير ثابتة مثل نفتالي بنيت. وحاول نتنياهو أن يقول إن إسرائيل تحت قيادته كانت الدولة الأغنى والأقوى والأكثر احتراماً في العالم، والتي حققت إنجازات هائلة، بينها تحقيق السلام مع عدة دول عربية على أساس مبدأ «سلام مقابل السلام». وكشف أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، طلبت منه أن يبقي سراً الخلافات بينهما حول الاتفاق النووي الإيراني. وقال: «لقد رفضت ذلك بتاتاً. فنحن بموقفنا المعارض للاتفاق ندافع عن وجود إسرائيل ومستقبلها. ولا ننسى اليوم أيضاً أن الولايات المتحدة رفضت في سنة 1944 قصف المعسكرات النازية، ورفضت مساعدة اليهود في مغادرة أوروبا. لو حصل ذلك لما قتل 6 ملايين يهودي»، على حد تعبيره.
وحرص نتنياهو على التأكيد أن حكومة بهذه التركيبة العجيبة لن تصمد في الحكم ولن تنجح في شيء، وستلحق أضراراً كبيرة في إسرائيل اقتصادياً وأمنياً وسياسياً. وأنه شخصياً سيواصل العمل السياسي في المعارضة. ولكن، عندما نزل عن المنصة في الكنيست، أسدل الستار عن عهده، ليخوض الآن معركة من نوع آخر للبقاء، أولاً في مواجهة خصوم من داخل الليكود يتهمونه بالفشل وضرورة تركه الحلبة السياسية وإفساح المجال أمام جيل جديد من القادة، ومعركة أخرى في المحكمة حيث يواجه محاكمة بتهم الفساد.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.