أطباق «أم فتفت» تُجمّع السودانيين بمطاعم القاهرة

البامية المفروكة تنافس العصيدة والتقلية مع كثير من البهارات

TT

أطباق «أم فتفت» تُجمّع السودانيين بمطاعم القاهرة

امتزاج عبق رائحة البخور المميزة مع نكهات الشواء بالتوابل و«الشطة» الشهيرة... خلطة سودانية خاصة تعلن عن نفسها في المطاعم المنتشرة بالعاصمة المصرية القاهرة، لها وقع السحر على اجتذاب جميع أطياف السودانيين بمختلف تنوعاتهم لتذوق أطباق تراثية شهيرة في مقدمتها «أم فتفت» والبامية المفروكة، مع تناول مشروب «الآبري».
ومن الطبيعي أن تنعكس خصوصية المطبخ السوداني على تفرد مطاعمه في مصر، مما يسمح للجميع من كل أنحاء الأقاليم تناول وجبهة شهية، بعيداً عن أي أبعاد سياسية، ورغم وجود بعض الاختلافات الصغيرة وتفضيل أصناف بعينها تبعاً لشهرتها بإقليم ما، فإن المطبخ السوداني متقارب تراثياً إلى حد كبير.
ولمزيد من اجتذاب الزبائن من جميع الجنسيات تحرص المطاعم السودانية على تقديم كل الأصناف في أجواء وديكورات تراثية بديعة. ففي مطعم «التكُل» بوسط القاهرة يضمن المنيو الخاصة به جميع الأصناف التي ترضي أذواق الجميع، بما فيهم المصريون والعرب، وتعتبر التقلية والبامية المفروكة والعصيدة من أهم الأطباق التي تتسابق المطاعم السودانية في تقديمها بطرق جذابة، خصوصاً الأخيرة التي تصنع من دقيق الذرة أو القمح، وما زال لأنواع الخبز السوداني مكانته البارزة على المائدة، ومنه «الكسرى» ويصنع من الذرة أو القمح، و«القراصة» التي تكون أكثر سمكاً وتصنع من دقيق القمح.
يقول مسعد أبو نائب، صاحب ومدير مطعم التكُل لـ«الشرق الأوسط» إن «المطبخ السوداني له طابع تراثي يجمع السودانيين كافة، ورغم وجود اختلافات بسيطة في طريقة الطهي فإن الأصناف الشهيرة تعد واحدة، لذلك نقدم أطباقاً ترضي الجميع، وهي أكلات تجتذب جنسيات أخرى عديدة منها المصريون والعرب والأجانب».
ويهتم المطبخ السوداني بتقديم اللحم بأصنافه كافة، من ذلك «الشية» وهي لحوم حمراء متبلة تشوى على الفحم أو الصاج الساخن، بجانب اللحم المجفف عن طريق وضعه في الشمس أو تدخينه، ويقدم مع الكسرى أو الويكة، والكمونية، بالإضافة إلى أطباق «أم فتفت» الشهية، وهي عبارة عن أجزاء من أحشاء الذبائح منقوعة في خليط من التوابل، مضافاً إليها عصير الليمون وشوربة الضاني، وفطيرة الكوارع، وكبدة الإبل، التي تؤكل نيئة مع إضافة شرائح البصل وكثير من التوابل والشطة «الساخنة».
وبجانب تنافس المطاعم السودانية بالقاهرة على تقديم اللحوم بجميع طرق طهيها، إلا أن أبو نائب صاحب مطعم التكُل، يقول إن «الفول والطعمية من الأصناف المشتركة بين المطابخ العربية، وفي المطاعم السودانية يجب أن يقدم الفول المدمس غير مهروس، ويضاف إليه توابل متنوعة وخاصة الشطة الحارة، بينما تصنع الطعمية من الحمص مضافاً إليه كثير من التوابل والبهارات».
ومن بين الأصناف السودانية التي تلقى رواجاً كبيراً بين المصريين والعرب، المسقعة والفتة سواء الضاني أو فتة العدس، وفتة حساء العدس بشرائح الكبدة، والسمك المقلي المُتبل، ولحم النيفة بالتتبيلة السودانية، والكوارع، والقراصة والتقلية، ومسحوق الفول السوداني الذي يعرف باسم سلطة «الدكوة».
الأمر لا يختلف كثيراً في مطعم «محسكو» الذي يقع في حي عابدين التاريخي، ويقدم أشهر المأكولات الشعبية السودانية، وبجانب العصيدة، والقراصة والتقلية، يحتوي المنيو على الكبدة والكفتة بالتوابل الحارة، وأنواع مختلفة من الحساء، العدس، والضاني، وفتة السخينة، وفتة العدس بالكبدة.
وتُشكل التوابل مكوناً رئيسياً بالمطبخ السوداني، حيث تُضاف بكميات كبيرة إلى معظم الأطباق، وأيضاً إلى المشروبات، مثل «الذريعة» الذي يصنع منه مشروب «الآبري» ويطلق عليه عصير «حلو مر»، ويضاف أيضاً إلى الويكة والعصيدة والبامية الجافة.
ومن أبرز التوابل السودانية، الشمار والكمون الأخضر والأسود والكسبرة، والقرنجال، وهو عشب عطري بهاري يشبه الجنزبيل، والشطة الحمراء والحرجل، الذي يتميز بطعمه الحار ورائحته المميزة، والكمبة، وتستخدم في تتبيل اللحوم لإذابة دهونها، والبردقوش والقرنفل والسماق والزعفران.
وفي مطعم الندى بشارع فيصل بمحافظة الجيزة، امتزج المطبخان السوداني والمصري، فهناك يمكن تناول أي من أصنافهما، ولكن بلمسة سودانية خالصة، إذ إن الفول والطعمية يتم خلطهما بالتوابل الحارة، فضلاً عن أصناف الدجاج واللحوم المتبلة.
وتقول ندى موسى، صاحبة مطعم الندى لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيرا من الأصناف السودانية الشهيرة تجتذب المصريين والعرب والأجانب، مثل القراصة والويكة، وهي عبارة عن بامية مجففة، مشيرة إلى أنهم يحرصون على تنوع الأطباق وتقديم بعض الأصناف التي تعبر عن الثقافة المحلية لمختلف المناطق لإرضاء جميع الزبائن».


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.