واشنطن تعلن استمرار الدعم لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل

باريس تريد تحويل عملية «برخان» إلى مسؤولية دولية

رجل في مالي يقرأ عناوين الصحف في العاصمة باماكو التي ركزت على خفض الوجود العسكري الفرنسي (أ.ف.ب)
رجل في مالي يقرأ عناوين الصحف في العاصمة باماكو التي ركزت على خفض الوجود العسكري الفرنسي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تعلن استمرار الدعم لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل

رجل في مالي يقرأ عناوين الصحف في العاصمة باماكو التي ركزت على خفض الوجود العسكري الفرنسي (أ.ف.ب)
رجل في مالي يقرأ عناوين الصحف في العاصمة باماكو التي ركزت على خفض الوجود العسكري الفرنسي (أ.ف.ب)

كان مرتقباً أن يحضر ملف الوضع الأمني في منطقة الساحل في اجتماع الرئيسين الأميركي والفرنسي الأول من نوعه. وأهمية الاجتماع أنه يأتي بعد إعلان إيمانويل ماكرون، الخميس الماضي، نهاية عملية «برخان» العسكرية في المنطقة المذكورة، بعد 8 سنوات من الجهود الفرنسية المتواصلة لاحتواء ومحاربة التنظيمات الإرهابية، خصوصاً في مالي وما يُسمى «المثلث الحدودي» (أي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو). وهم باريس الأول، من جانب واشنطن، أن يتواصل الدعم الأميركي بعد نهاية «برخان»، وتغيير النهج المتبع منذ عام 2014 الذي أفضى إلى نشر 5100 عسكري فرنسي، غالبيتهم في مالي، مدعومين لوجيستياً، ويتمتعون بغطاء جوي.
وتمثل الدعم الأميركي، حتى اليوم، بتوفير المساعدة اللوجيستية، خصوصاً في ميدان النقل وتزويد الطائرات المقاتلة الفرنسية بالوقود جواً، وكذلك تقديم المعلومات الاستخبارية الضرورية للتحرك في منطقة شاسعة تزيد مساحتها على مساحة أوروبا، بفضل الطائرات المسيرة «درون» الأميركية المرابطة في قاعدة جوية شمال النيجر. والحال أن وزارة الدفاع الأميركية استبقت قمة بايدن - ماكرون بالإعلان يوم الجمعة أن الولايات المتحدة سوف تواصل توفير الدعم. وقال جون كيربي، الناطق باسم وزارة الدفاع، إن واشنطن «مستمرة في المساهمة في تعزيز القدرات (القتالية) لشركائنا في أفريقيا، فيما خص عمليات محاربة الإرهاب»، مشيراً بالاسم إلى القوات الفرنسية.
والمعلومات التي سربت أفادت بأن باريس تنوي خفض عدد قوتها من 5100 رجل حالياً إلى 3500 رجل مع نهاية العام الحالي، ثم إلى 2500 رجل مع بداية عام 2023، الأمر الذي سيترافق مع إغلاق عدة قواعد تشغلها القوة الفرنسية في شمال مالي.
و«فلسفة» خطة ماكرون الجديدة «بناء تحالف دولي يضم دول المنطقة، وشركاءنا كافة، تكون مهمته محصورة فقط في محاربة الإرهاب». وهذا يعني عملياً تحول «برخان» من قوة عسكرية مهمتها إعادة السيطرة على الأرض، وطرد التنظيمات المسلحة والإرهابية، والمساعدة على عودة الإدارة والخدمات الحكومية، إلى قوة كوماندوس تعمل على استهداف التنظيمات الإرهابية، ويكون عمودها الفقري قوة «تاكوبا» المشكلة من وحدات خاصة أوروبية. ويبلغ عدد هذه القوة في الوقت الراهن 600 رجل، نصفهم من الفرنسيين الذين يعملون في إطار القوة المسماة «السيف». وتأمل باريس في تعزيز «تاكوبا» بانضمام وحدات أوروبية إضافية إليها، لتكون قادرة فعلاً على ملاحقة المجموعات الإرهابية في إطار عمليات كوماندوس.
وبالتوازي، سيتم التركيز على تدريب القوات المحلية العاملة، إما على الصعيد الفردي أو على صعيد القوة الأفريقية المسماة «جي 5» التي تضم وحدات من مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا التي بقي أثرها حتى اليوم ضعيفاً، وهي تحتاج إلى التمويل والتدريب والتسليح. وميدانياً، ستعمد باريس، وفق المعلومات المتوافرة، إلى البدء بإغلاق عدد ممن القواعد التي تشغلها مع نهاية العام الحالي، وخفض «برخان» بنسبة 30 في المائة حتى منتصف عام 2022، و50 في المائة مع بداية عام 2023.
وفي افتتاحيتها ليوم أمس، عدت صحيفة «لوموند» المستقلة أن قرار ماكرون يعني «نهاية الأوهام» التي دغدغت السلطات الفرنسية بقدرتها على وقف تقدم التنظيمات المسلحة في المستعمرات الفرنسية السابقة. لكن باريس لا يمكنها ترك منطقة استراتيجية لمصيرها، في ظل وجود حكومات ضعيفة وجيوش غير قادرة على مواجهة تقدم التنظيمات المسلحة، على الرغم من النجاحات التي حققتها «برخان» في الأشهر الماضية.
وثمة قناعة مترسخة بأن قرار ماكرون لا يمكن فصله عن الاعتبارات الداخلية السياسية الفرنسية، واقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية ربيع العام المقبل التي سيخوضها ماكرون للفوز بولاية جديدة. ووفق استطلاع للرأي أجري لصالح مجلة «لوبوان»، فإن ما يزيد على نصف الفرنسيين يعارضون استمرار «برخان» بشكلها الراهن. وبين البقاء والانسحاب الكامل، اختار الرئيس الفرنسي صيغة «وسطية»، بحيث تتحول مهمة محاربة الإرهاب إلى عملية فرنسية - أوروبية - أفريقية من جهة، وبالتوازي يتم التركيز على دعم القوات الأفريقية.
وأفادت وزارة الدفاع بأن باريس ستبقي على علاقة قوية مع هذه القوات. ويبدو أن الانقلاب الثاني الذي قام به الكولونيل أسيمي غويتا في مالي، والذي أزاح بموجبه رئيسي الجمهورية والحكومة، ونصب نفسه رئيساً لمرحلة انتقالية، كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت فرنسا لتغيير نهجها. وترافق هذا الأمر مع بروز رغبة في باماكو للتحاور والتفاهم مع تنظيمات متطرفة تحاربها القوة الفرنسية، الأمر الذي شكل إحراجاً لباريس التي وجدت نفسها بعيدة عما يطبخ في مالي.
ومن جانب آخر، عدت باريس أن الحكومة المالية، وأيضاً غيرها من بلدان الساحل، تقصر السلطات فيها عن الوفاء بواجباتها، فيما تتصاعد موجة العداء لفرنسا ولحضورها العسكري. يضاف إلى ذلك أن باريس تعد مقتل الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي، وحلول ابنه محمد إدريس ديبي مكانه، خسارة لها من جانب، وإحراجاً من جانب آخر، حيث لم تحترم الأصول الدستورية، ما يعد «انقلاباً» آخر على حساب ما تدافع عنه وتروج له من قيم.
بيد أن الاستدارة الفرنسية بات تثير قلقاً لدى سلطات المنطقة سعت باريس إلى تطويقه والتخفيف من تبعاته. فقالت وزيرة الدفاع، فلورانس بارلي، أول من أمس، إن فرنسا «ستبقي على التزاماتها»، وإنه «ينبغي الاستمرار في محاربة المجموعات الإرهابية، والمواظبة على العمل الذي يتيح للقوات المسلحة في منطقة الساحل أن تكون قادرة على المواجهة».
ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية الذي كان في بوركينا فاسو أول من أمس أن قرار باريس «تغير في المفهوم، وليس نهاية الالتزام الفرنسي» في الساحل، مضيفاً أن محاربة التنظيمات الإرهابية «تشكل إحدى أولوياتنا، وذلك إلى جانب قوة (جي 5)، بحيث لا يفرض الإرهاب نفسه كأنه القانون المهيمن على السكان المعنيين». وحث لو دريان السلطات على السعي لإعادة السيطرة على مناطقها، وتوفير الخدمات ورعاية السكان.



تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».