موسم المقايضات يهب على «معابر» سوريا... وممراتها

بايدن يبحث مع بوتين وإردوغان المساعدات الإنسانية «عبر الحدود»... وروسيا تركز على الخطوط بين «مناطق النفوذ»

صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
TT

موسم المقايضات يهب على «معابر» سوريا... وممراتها

صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لقافلة أممية تحمل مساعدات بريف دمشق في يونيو 2016 (رويترز)

ستكون سوريا، بمعابرها الحدودية وممراتها الداخلية، ممدودة على مائدتي قمتي الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيريه التركي رجب طيب اروغان (غداً في بروكسل)، والروسي فلاديمير بوتين (في جنيف الأربعاء).
صحيح أن التركيز سيكون على إغاثة السوريين، مع اقتراب انتهاء صلاحية قرار إيصال المساعدات «عبر الحدود» في 11 يوليو (تموز) المقبل، لكن ملف المساعدات يخفي وراءه صراعاً جيوسياسياً بين واشنطن وموسكو وأنقرة سيشكل اتجاه حسمه مؤشراً للسنوات المقبلة.
وتربط موسكو بين ملفي «المعابر» الخارجية و«الممرات» الداخلية للضغط على الخصوم لفتح «شرايين» سوريا الاقتصادية، ومقابلة الضغوط الخارجية التي تربط فك العزلة ودعم الإعمار بتقدم العملية السياسية.
- روسيا... وتمرير القرار
بعد معركة دبلوماسية، وافقت موسكو في 2014 على تمرير القرار الدولي (2165) لإيصال المساعدات «عبر الحدود» إلى سوريا من خلال معابر «نصيب» مع الأردن، و«اليعربية» مع كردستان العراق، و«باب السلامة» و«باب الهوى» مع تركيا.
روسيا التي كانت قد أعربت عن خشيتها من تكرار سيناريو ليبيا «عبر تدخل الغرب عسكرياً من بوابة المساعدات الإنسانية»، وافقت على عدم استخدام حق النقض (الفيتو) استناداً إلى تطمينات غربية وقراءة للواقع، حيث كانت مناطق سيطرة قوات المعارضة في اتساع على حساب الحكومة. ومع تغير التوازن بعد التدخل العسكري الروسي نهاية 2015، غيرت موسكو من أولوياتها.
وقبل سنة، وفي يوليو (تموز) تحديداً، مع قرب انتهاء صلاحية القرار الدولي، اندلعت «حرب مسودات» في نيويورك، بين واشنطن وحلفائها من جهة، وموسكو وشركائها من جهة أخرى، استقرت على إصدار القرار (2533) لمدة سنة، مع شرط خفض البوابات الصالحة من ثلاث إلى واحدة، هي «باب الهوى» بين إدلب وتركيا (معبر نصيب ألغي بعد عودة قوات دمشق إلى الجنوب في 2018).
ومع بدء العد التنازلي لصلاحية هذا القرار، أشاعت روسيا أنها ستصوت ضد تمديد القرار (2533) كي ترسل الأمم المتحدة مساعداتها عبر دمشق، ضمن تصور روسي واسع يدفع باتجاه «شرعنة التعامل مع الحكومة السورية»، خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية، وفوز الرئيس بشار الأسد بولاية جديدة.
وعلى الرغم من سيطرة دمشق على نحو 65 في المائة من مساحة سوريا، مقابل نحو 25 في المائة لقوات تدعمها أميركا شرق الفرات، ونحو 10 في المائة لفصائل تدعمها أنقرة، لا تزال قوات الحكومة تسيطر فقط على 15 في المائة من الحدود، فيما الـ85 في المائة الباقية خاضعة لسيطرة حلفاء دمشق وخصومها، بما في ذلك سلطات الأمر الواقع في مناطق النفوذ الأخرى التي تسيطر أيضاً على معظم البوابات الحدودية الـ19 بين سوريا والدول المجاورة.

- ماذا عن أميركا؟
مع تسلم إدارة بايدن السلطة، كان واضحاً أن ملف المساعدات أساسي في أولوياتها، مقابل تراجع الملف السياسي والعسكري، إذ إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اختار ترؤس اجتماع في مجلس الأمن في مارس (آذار) الماضي لإطلاق حملة الدعم لتمديد القرار الدولي، بدل المشاركة في مؤتمر بروكسل للمانحين. وقال بلينكن في نيويورك: «أصبح الوصول إلى السوريين دونه عوائق أكثر أهمية من أي وقت مضى، ليس فقط بسبب الأزمة الإنسانية المتزايدة، ولكن أيضاً بسبب التهديد الذي يشكله فيروس (كوفيد - 19)»، بل إن بلينكن رفع سقف التوقعات والمطالب قائلاً: «دعونا نعيد الترخيص للمعبرين الحدوديين الذين تم إغلاقهما (اليعربية مع العراق وباب السلامة مع تركيا)، ونعيد ترخيص المعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً (معبر باب الهوى مع تركيا)». وتابع: «يجب ضمان حصول السوريين على المساعدات التي يحتاجون إليها».
وقامت مندوبة أميركا في مجلس الأمن، ليندا توماس - غرينفيلد، بجولة على الحدود السورية - التركية لهذا الغرض، في وقت بعث فيه القيمون على لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس رسالة إلى بلينكن لحثه على الضغط على موسكو، جاء فيها: «حملة روسيا للقضاء على إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود هي جزء من جهد أكبر للحفاظ على الوصول إلى شرق البحر المتوسط، وتشجيع المجتمع الدولي على إعادة تأهيل نظام الأسد، وفتح الباب أمام تمويل إعادة الإعمار الذي من شأنه ترسيخ نظام الأسد في السلطة، وتأمينه موطئ قدم استراتيجياً لروسيا».
وقبل يومين، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، عن أن بايدن سيبحث القضايا المتعلقة بسوريا مع بوتين، وقال: «ستكون سوريا على جدول الأعمال؛ موقفنا من قضية وصول المساعدات الإنسانية واضح جداً»، وتابع: «نعتقد أنه يجب أن يكون هناك ممرات إنسانية في سوريا لوصول المساعدات وإنقاذ الأرواح، وهذا بالتأكيد سيناقشه الرئيسان».
- نداء أممي... وقلق
ودعت الأمم المتحدة إلى تمديد العمل بالقرار، إذ أشار أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن «إغلاق المعبر الحدودي الأخير المتبقي في سوريا سيوقف جهود توزيع لقاحات (كوفيد – 19) عبر شمال غربي البلاد، الأمر الذي سيخلف عواقب خطيرة على المنطقة الأوسع». وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة العاجلة: «في الوقت الذي نوفر فيه ألف شاحنة شهرياً من المساعدات عبر الحدود إلى داخل شمال غربي البلاد، لم نر حتى شاحنة واحدة تتجاوز الخط (الفاصل بين مناطق النفوذ)».
وتعد السلامة من الاعتبارات المثيرة للقلق لدى محاولة اجتياز الخط الأمامي. وفي 19 سبتمبر (أيلول) 2016، أفادت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بأن القوات السورية «خططت بدقة ونفذت بقوة» هجوماً ضد قافلة مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الهلال الأحمر السورية، ما أسفر عن مقتل 18 مدنياً، وتدمير إمدادات كانت في طريقها إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في حلب.
ونقلت الباحثة ناتا هيل، من «مركز الاستراتيجيات والدراسات الدولية»، عن وكالات إنسانية قولها إن الذين «يعيشون في شمال غربي البلاد يخشون من الأجهزة المشاركة في جهود توزيع المساعدات التي تتولى التنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة، الأمر الذي يعرض متلقي المساعدات للخطر. وإنه في عام 2018، بعد انتهاء الحصار الذي استمر 5 سنوات لضواحي دمشق في شرق الغوطة، أعلنت منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحكومة جردت قوافل مساعدات من 70 في المائة من الإمدادات الطبية».
ولعب مسؤولون أمميون في تركيا دوراً حيوياً خلال مناقشات مكاتب الأمم المتحدة في دمشق وعنتاب وعمّان حول وصف الأوضاع في سوريا. وكانت المنظمات الدولية غير الحكومية في تركيا قد قلصت عملياتها شمال غربي سوريا، ما زاد الاعتماد على الأمم المتحدة. وقد تركت مصالح الحكومة السورية تأثيراً قوياً على مكتب دمشق، في مقابل «حجج» فريق تركيا. ولا شك في أن فقدان العمليات «العابرة للحدود» سيعزز وجهة نظر الحكومة السورية بصورة ممنهجة، في مقابل تقديرات الأمم المتحدة. ويجري تقليص التركيز على احتياجات الأفراد في شمال غربي سوريا، وهو أمر تدفع به روسيا، علماً بأن أميركا عرقلت محاولات لنقل «الثقل الأممي» إلى دمشق.
- «داعش»... و«كوفيد - 19»
وعلى الرغم من أن العمليات العابرة للحدود في شمال شرقي سوريا كانت متواضعة نسبياً، أسهم معبر «اليعربية» في توفير معدات إنسانية وطبية. وقدمت منظمة الصحة العالمية إمدادات منتظمة كل 3 أشهر، تبعاً لاحتياجات سكان المنطقة، بناءً على اتفاق متبادل بين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تخدم المجتمعات المحلية.
ومنذ انتهاء العمليات عبر الحدود في يناير (كانون الثاني) 2020، تراجعت المهام العابرة للخطوط المتجهة للشمال الشرقي. وأدت الترتيبات إلى منع وكالات الأمم المتحدة العاملة من دمشق من التواصل بحرية مع المنظمات غير الحكومية، وسمحت للحكومة السورية بالتدخل في عمليات توصيل المساعدات، و«تمخض هذا الوضع عن مشكلات أكثر خطورة عما كان متوقعاً» في المدى القصير، حسب هيل. وعلى المدى الطويل، من الممكن أن «تتسبب هذه الأمور في تقويض الاستقرار والأمن في منطقة هيمن عليها من قبل تنظيم داعش».
أما في إدلب، حيث يعيش نحو 3 ملايين شخص، وعلى الرغم من أن أعمال القتال وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بعد هدنة إدلب بين موسكو وأنقرة في مارس (آذار) من العام الماضي، فقد شهدت الحاجة للمساعدات ارتفاعاً جراء التشريد طويل الأمد الذي تعرض له كثيرون من دون توافر إمكانية للعودة، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة داخل سوريا وجائحة «كوفيد - 19».
وتشير الأرقام إلى أن ما يزيد على ثلثي الـ2.7 مليون شخص في شمال غربي البلاد مشردون داخلياً. ولا يزال أكثر من نصف مليون شخص يعيشون داخل مخيمات، ويعانون من السيول والبرد... والحرارة. وأيضاً، تعد هذه المنطقة معرضة على نحو استثنائي لجائحة «كوفيد - 19» بسبب تداعي المنظومة الصحية فيها، والتكدس الشديد للأفراد، ونقص المياه، وسوء أوضاع الصرف الصحي.
وتضررت الحياة السياسية كذلك، إذ إنه منذ زادت «هيئة تحرير الشام» نطاق سيطرتها على محافظة إدلب في 2019، تحولت الجهات الدولية المانحة من دعم صمود المجتمعات، من خلال مساعدات الاستقرار وبرامج أخرى، إلى توفير دعم إنساني خالص.
وبالنظر إلى تزايد الاعتماد على المساعدات الإنسانية، يقول كثير من عمال المساعدات المحليين إنهم يخشون أن يؤدي أي تقليص في المساعدات إلى مزيد من زعزعة الاستقرار، وأن تعمد الجماعات المتطرفة إلى تأجيج هذا الغضب، الأمر الذي يرفع مستوى التعقيد، حسب «مركز الاستراتيجيات والدراسات الدولية». ثم إن حجم العمليات العابرة للحدود التي تنفذها الأمم المتحدة، ومستوى تعقيد العمل داخل سوريا، يجعلان من الصعب تعويض الدور الأممي. وفي حال انتهاء العمليات العابرة للحدود، فإن الأمم المتحدة ستفقد مكانتها، بصفتها «الملاذ الأخير» في شمال غربي البلاد، ومن المتعذر التنبؤ بمسار المساعدات... وخروج «كوفيد - 19» عن السيطرة. ومن شأن وقوع كارثة إنسانية في خضم وباء عالمي أن يفرض ضغوطاً هائلة على تركيا المجاورة، ومن الممكن بسهولة أن تمتد تبعات ذلك إلى باقي أرجاء الشرق الأوسط وأوروبا.
- ممرات داخلية
في موازاة «معركة المعابر» مع الخارج، هناك صراع خفي بين اللاعبين على «الممرات» بين «الجيوب الثلاثة» في سوريا التي استقرت خطوطها في السنة الأخيرة بعد تغيرات كبيرة، بدءاً من 2011. وإلى جانب المعابر التي نشأت نتيجة الحصار، ظهرت ممرات بين مناطق السيطرة التي انقسمت في البداية بين مناطق النظام والمعارضة، ثم ظهرت بعد ذلك مناطق «داعش»، و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي أصبحت مناطق إدارة ذاتية بحماية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
ولاحظ مركز «جسور» للدراسات وجود ما يزيد على 15 معبراً بين مناطق سيطرة «قسد» ومناطق النظام؛ 5 منها على الأقل تعد معابر رسمية تتدفق منها السلع بين الطرفين، ويعد معبرا «التايهة» (جنوب غربي مدينة منبج) و«الهورة» (شرق مدينة الطبقة) أبرز المعابر بين الطرفين. وهذه المعابر تفتح أبوابها وتغلقها حسب الواقع العسكري أو الأمني، أو حسب المزاج السياسي لطرفي النزاع. وقال المركز: «علاوة على المعابر التي يحكمها الطرفان، فإن الحاجة لتمرير سلع بين المنطقتين لا يمكن ضبطها، ما أدى لإنشاء معابر تهريب يخرج ويدخل منها كل من المدنيين والسلع». وفي التصعيد الأخير بين «الإدارة الذاتية» ودمشق، ظهر الترابط بين ممرات شرق الفرات وشمال حلب.
أما في إدلب، فإن «الممرات التجارية» التي كان قد نص عليها اتفاق «خفض التصعيد» بين روسيا وتركيا قبل 3 سنوات تتضمن كثيراً من الأبعاد السياسية بين «منطقة النفوذ التركية» وباقي المناطق السورية. ومع احتدام النزاع بشكل أكبر بين مناطق الحكومة والمعارضة، فإن حركة المدنيين باتت تقتصر على الموظفين وبعض الطلاب، لكن الحركة التجارية مستمرة في أغلب الأوقات، خصوصاً عبر معبر «قلعة المضيق» الذي سيطرت عليه دمشق في منتصف 2019، وكان يسهم في حركة تجارية واسعة، كما حافظت قوات المعارضة وقوات النظام لسنوات طويلة على وجود وسطاء تجاريين بين الطرفين، حسب مركز «جسور».
وتتدفق التجارة أحياناً عبر معابر تهريب، أو من خلال فتح مؤقتٍ لكل من معبري «ميزناز» و«سراقب». كما يتم استخدام معبر «أبو الزندين» قرب مدينة الباب لاستقبال المهجرين من مناطق الحكومة في أغلب الأوقات، وغالباً ما يتم استخدام المعابر بين مناطق «قسد» ومناطق المعارضة بصفتها معابر وسيطة لتحرك السلع والأفراد من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة، أو العكس، مروراً بمناطق «قسد» التي تتمتع بأهمية كبيرة للمعارضة لنقل البضائع من وإلى مناطق النظام، وأحياناً لإقامة علاقات تجارية مع العراق. ولا تتدفق السلع مؤخراً بسهولة بين مناطق «هيئة تحرير الشام» في إدلب ومناطق «الجيش الوطني» في حلب.
- موسم المقايضات
أميركا مهتمة باستمرار فتح المعابر الحدودية وزيادتها، خصوصاً إعادة فتح «اليعربية» بين مناطق سيطرتها شرق الفرات والعراق. وتركيا مهتمة باستمرار فتح «باب الهوى» مع إدلب، وإعادة تشغيل «باب السلامة» شمال سوريا، لكنها ليست متحمسة لفتح «اليعربية» وتعزيز «الإدارة الكردية». أما روسيا، فهي غير مهتمة بفتح معابر حدودية جديدة، لكنها مهتمة بتشغيل «الممرات» الداخلية للضغط على الأمم المتحدة والغرب للعمل مع الحكومة السورية عبر دمشق. وكانت تركيا قد ربطت تشغيل «الممرات» بين إدلب وريف حلب من جهة، ودمشق من جهة ثانية، بإغلاق المعابر القائمة بين دمشق والقامشلي.
ولا شك في أن المفاوضات القائمة بين الأميركيين والروس والأتراك حول تمديد القرار الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» تتضمن في العمق البحث عن خيط يربط «المعابر» و«الممرات»، ما يفتح الباب على صفقات ومقايضات خلال قمتي بايدن مع كل من بوتين وإردوغان في الأيام المقبلة.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.