عودة الاشتباكات إلى غرب ليبيا... وحكومة «الوحدة» تلتزم الصمت

المنقوش تطالب بفتح سفارة مغربية في طرابلس

وزير الخارجية المغربية خلال استقبال نظيرته الليبية في الرباط أمس (ماب)
وزير الخارجية المغربية خلال استقبال نظيرته الليبية في الرباط أمس (ماب)
TT

عودة الاشتباكات إلى غرب ليبيا... وحكومة «الوحدة» تلتزم الصمت

وزير الخارجية المغربية خلال استقبال نظيرته الليبية في الرباط أمس (ماب)
وزير الخارجية المغربية خلال استقبال نظيرته الليبية في الرباط أمس (ماب)

اندلعت في مدينة العجيلات، الواقعة غرب ليبيا، اشتباكات بين ميلشيات مسلحة، أسفرت عن سقوط عدد من القتلى. وفي غضون ذلك، قالت البعثة الأممية لدى ليبيا، أمس، إن رئيسها يان كوبيش، أجرى مشاورات مع مسؤولين رفيعي المستوى محلياً ودولياً، كما زار روسيا ومالطا تمهيداً لمؤتمر «برلين 2».
وأظهرت لقطات مصورة تداولها ناشطون، وبثّها بعض وسائل الإعلام المحلية، وقوع اشتباكات عنيفة في العجيلات، بعدما شنت مجموعة تابعة للمدعو محمد بحرون (الفار)، من مدينة الزاوية والمطلوب لدى النائب العام ووزارة الداخلية، هجوماً مفاجئاً مساء أول من أمس، على منزل محمد بركة (الشلفوح) في العجيلات وقصفه وإحراقه، بينما انسحبت مديرية الأمن من شوارع المدينة.
وبينما قالت المنظمة إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين، وإصابة ثلاثة آخرين على الأقل، بالإضافة إلى حدوث أضرار مادية أخرى، تحدثت مصادر غير رسمية عن مصرع 7 أشخاص، من بينهم إحدى طالبات كلية التربية خلال الاشتباكات، فيما التزمت السلطة التنفيذية، سواء المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، أو حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة الصمت حيالها.
إلى ذلك، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لقوات حكومة «الوحدة» الوطنية، انتشار مقاتليه في عدة مناطق جنوب غرب العاصمة طرابلس بهدف ضبط المطلوبين أمنياً، وأدرج اللواء العسكري هذا التحرك في إطار تعليمات آمر منطقة طرابلس العسكرية، وخطة فرض الأمن، والاستجابة لشكاوى المواطنين من عمليات السّطو المسلح، وبسط الاستقرار في كل المناطق التي توجد بها تجاوزات. لكنّ وسائل إعلام محلية قالت في المقابل إن ميليشيات مسلحة محسوبة على بلدة الزنتان تحتشد لصد تقدم عناصر اللواء في منطقة العزيزية، جنوب غرب طرابلس.
في غضون ذلك، قال يان كوبيش، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، إنه أجرى مشاورات مع مسؤولين رفيعي المستوى محلياً ودولياً، تمهيداً لمؤتمر «برلين 2»، وفي إطار حشد مزيد من الدعم للعملية السياسية متعددة المسارات، التي تسيّرها الأمم المتحدة ويقودها الليبيون، مشدداً على أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والبدء بانسحاب «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا.
إلى ذلك، استغلت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية»، اجتماعها أمس في المغرب مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، لتأكيد أنه «لا يوجد مستقبل لليبيا إلا من خلال الحوار، ووضع رؤية موحدة من جميع الأطراف». كما شددت على أهمية ما وصفتها بـ«سياسة المغرب المحايدة»، التي تعزز الاستقرار في ليبيا، معربةً عن تطلعها إلى دور مغربي داعم لتحقيق خريطة الطريق الليبية وتعاون عسكري وأمني بين البلدين.
من جهته، قال بوريطة إن الرباط تواصل «مواكبة المسار السياسي في ليبيا»، قصد الوصول إلى «الاستقرار والتنمية»، مشيراً في لقاء صحافي مشترك مع نظيرته الليبية بمقر وزارة الخارجية المغربية، إلى أن المغرب «يقف إلى جانب ليبيا، ويواكب كل المؤسسات الليبية، خصوصاً على مستوى الاستعدادات لإجراء الانتخابات». موضحاً أن لجنة مشتركة بين البلدين حول الشؤون القنصلية ستنعقد قريباً لحل عدد من المشكلات. كما سيتم قريباً عقد المنتدى الاقتصادي الليبي - المغربي «لتفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين»، وتطوير التعاون في المجال الديني والأمني.
واعتبر بوريطة أن ليبيا توجد «في مرحلة دقيقة جداً»، وأن «المغرب متفائل بأن هذا البلد الشقيق يسير في الاتجاه الصحيح»، مشدداً على «دعم المغرب غير المشروط لما فيه مصلحة الليبيين».
من جهتها، ثمّنت المنقوش جهود المملكة المغربية، التي احتضنت حوار الليبيين في الصخيرات في 2015، وواصلت احتضان جلسات الحوار الليبي. مشيرةً إلى أهمية السياسة المغربية «المحايدة»، التي تعزز الاستقرار في ليبيا. وقالت إنه جرى الاتفاق على عقد اجتماع لجنة مشتركة للشؤون القنصلية لمعالجة ملفات عالقة، من قبيل التأشيرات وتسهيلات العمل والدراسة والإقامة لمواطني البلدين. كما طلبت دعم المغرب لأجندة الحكومة الليبية التي ستطرحها في مؤتمر برلين المقبل. داعية السلطات المغربية إلى فتح سفارة في طرابلس، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والتعاون العسكري والأمني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».