«الري المصرية»: مصر والسودان لن يقبلا الفعل الأحادي لملء «السد الإثيوبي»

القاهرة تدعو إلى مفاوضات «جادة» للوصول لاتفاق قانوني

وزير الري المصري خلال لقائه رئيس مؤسسة «ماعت» وممثلي المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» (صفحة «الري» على «فيسبوك»)
وزير الري المصري خلال لقائه رئيس مؤسسة «ماعت» وممثلي المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» (صفحة «الري» على «فيسبوك»)
TT

«الري المصرية»: مصر والسودان لن يقبلا الفعل الأحادي لملء «السد الإثيوبي»

وزير الري المصري خلال لقائه رئيس مؤسسة «ماعت» وممثلي المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» (صفحة «الري» على «فيسبوك»)
وزير الري المصري خلال لقائه رئيس مؤسسة «ماعت» وممثلي المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» (صفحة «الري» على «فيسبوك»)

أكدت القاهرة مجدداً حرصها على «استكمال مفاوضات (سد النهضة) على أن تتسم بـ(الجدية) للتوصل لاتفاق (قانوني)». وجددت القاهرة تأكيدها على «ثوابتها في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول (السد)». بينما قالت «الري المصرية» إن «القاهرة والخرطوم لن تقبلا بـ(الفعل الأحادي) لملء وتشغيل (السد)». وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، مع بدء موسم الأمطار في يوليو (تموز) المقبل، بصرف النظر عن إبرام أي اتفاق. فيما تخشى مصر والسودان على حصتيهما من مياه النيل. وتتهمان إثيوبيا بـ«(التعنت وإفشال المفاوضات) التي جرت على مدار نحو 10 سنوات».
وأشار وزير الري المصري محمد عبد العاطي، أمس، إلى «حرص بلاده على استكمال مفاوضات (السد) للتوصل إلى اتفاق (عادل ومُلزم) للجميع يلبّي طموحات جميع الدول في التنمية»، لافتاً إلى أن «مسار المفاوضات الحالية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي لن يؤدي لحدوث (تقدم ملحوظ)، ومصر والسودان طالبتا بتشكيل (رباعية دولية) تقودها الكونغو الديمقراطية، وتشارك فيها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، للتوسط بين الدول الثلاث».
وفشلت آخر جولة من مفاوضات «السد» عُقدت برعاية الاتحاد الأفريقي، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية... كما تصاعد النزاع بين الدول الثلاث خلال الأسابيع الأخيرة بسبب إصرار أديس أبابا على تنفيذ الملء الثاني. ولفت وزير الري المصري أمس، إلى «أهمية أن تتسم المفاوضات بـ(الفاعلية والجدية) لتعظيم فرص نجاحها، خصوصاً مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من (الجمود) نتيجة لـ(التعنت الإثيوبي)»، مؤكداً أن «مصر والسودان لن يقبلا بـ(الفعل الأحادي) لملء وتشغيل (السد)».
جاء حديث وزير الري المصري خلال لقائه رئيس مؤسسة «ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان» أيمن عقيل، ومدير وحدة الشؤون الأفريقية والتنمية المستدامة بالمؤسسة هاجر منصف، وممثلي المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام». وأشار الوزير عبد العاطي، حسب بيان لوزارة الري المصرية أمس، إلى «الأضرار الجسيمة التي تعرَّض لها السودان نتيجة الملء الأحادي لـ(السد) العام الماضي، والذي تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة، بسبب قيام الجانب الإثيوبي بتنفيذ عملية الملء الأول من دون التنسيق مع دولتَي المصب، ثم قيام الجانب الإثيوبي بإطلاق كميات من المياه المحمّلة بالطمي خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دون إبلاغ دولتَي المصب، مما تسبب في زيادة (العكارة) بمحطات مياه الشرب بالسودان». وكانت مصر والسودان قد أصدرا بياناً مشتركاً (الخميس) الماضي، أعلنا فيه اتفاقهما على «تنسيق الجهود على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية لدفع إثيوبيا إلى التفاوض بـ(جدية) وبـ(حسن نية) وبإرادة سياسية حقيقية من أجل التوصل لاتفاق (شامل وعادل ومُلزم قانوناً) حول ملء وتشغيل (السد)». وأوضح الوزير عبد العاطي أن «مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية، حيث قامت مصر بإنشاء كثير من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية، لتوفير مياه الشرب النقية في المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية، مع استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية في عدد كبير من الآبار الجوفية بما يسمح باستدامة تشغيلها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء الكثير من المزارع السمكية والمراسي النهرية، ومساهمة وزارة الري في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض، لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية»، مضيفاً: «كما تساعد مصر الدول الأفريقية على بناء السدود، ومنها سد (ستيجلر جورج) على نهر (روفينجي) بتنزانيا والذي يقوم عدد من الشركات المصرية بإنشائه، وبما يلبّي طموحات الشعب التنزاني في تحقيق التنمية، بالإضافة إلى ما تقدمه مصر في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل».
ومنظمة «ماعت» هي عضو مؤسس في المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام»، التي تم تدشينها في العاصمة الأوغندية «كمبالا» في أبريل الماضي، وصدرت عنها وثيقة تدعو للوصول لاتفاق «قانوني مُلزم» بين مصر والسودان وإثيوبيا فيما يخص «السد» يحافظ على مصالح الدول الثلاث، وتضم المبادرة 500 عضو من 60 دولة.
وأشار وزير الري المصري في هذا الصدد أمس، إلى «الدور المهم الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني في التعريف بقضايا المياه في قارة أفريقيا وتحقيق التواصل وتبادل الرؤى بين الشعوب، وتصحيح المفاهيم و(الأكاذيب) التي تروّج ويتداولها البعض فيما يخص قطاع المياه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.