الدبلوماسية الليبية... تاريخ حافل بالاختبارات السياسية

مسيرتها بدأت قبل عهد القذافي بالجربي وصولاً لبويصير والكيخيا

صالح مسعود بويصير
صالح مسعود بويصير
TT

الدبلوماسية الليبية... تاريخ حافل بالاختبارات السياسية

صالح مسعود بويصير
صالح مسعود بويصير

> قُدّر للدبلوماسية الليبية في أغلب مراحلها أن تكون محل اختبار مع «السلطة»، سواء أكان على رأسها ملك، أو رئيس. وهناك من بين وزراء الخارجية الذين تولوا هذا المنصب منذ بداية العهد الملكي، إلى وقت قريب، من فضّل الانتصار لصالح الوطن، في مقابل آخرين ترك التاريخ حول مسيرتهم علامات استفهام وتعجب. وفي أي حال، غلب على هذه الرحلة الممتدة منذ عام 1950 وجود شخصيات سياسية ودبلوماسية ناضلت من أجل «تحرير» ليبيا من بقايا الاستعمار والتدخلات الخارجية.
ساهم في ترسيخ هذه المسيرة قبل عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، 21 وزيراً، استهلها الدبلوماسي علي الجربي عام 1950 بتولي وزارتي الخارجية والصحة في الحكومة «الاتحادية المؤقتة»، قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في حكومة الاستقلال بعد عام فقط. ولقد وصفه الكاتب سالم الكبتي في كتبه «ليبيا... مسيرة الاستقلال... وثائق محلية ودولية»، بأنه أحد مؤسسي الدولة الليبية الحديثة.
ومع حلول القذافي رئيساً للبلاد تولى الصحّافي والمؤرّخ والسياسي الليبي صالح مسعود بويصير، حقيبة الخارجية كأول وزير لها، بين 8 سبتمبر (أيلول) 1969 و16 أكتوبر (تشرين الأول) 1970، وذلك من بين 23 وزيراً تنابوا على هذه الحقيبة حتى الآن.
وعرف عن بويصير معارضته الشديدة لحكم الملك إدريس السنوسي، ومن قبله الاحتلال الإيطالي، ولذا أمضى في المنفى 14 سنة إلى أن أعاده القذافي، فعمل مدة بقائه في الخارجية على إنهاء القواعد العسكرية الأجنبية في ليبيا. ولكن في 21 فبراير (شباط) 1973 قتل بويصير مع 107 آخرين بعد إسقاط طائرة «الخطوط الجوية العربية الليبية» فوق شبه جزيرة سيناء المصرية إبان رحلتها من مطار طرابلس العالمي إلى مطار القاهرة الدولي. وكانت عاصفة رملية قد أجبرت قائد الطائرة على دخول المجال الجوي لسيناء التي كانت يومذاك تحت الاحتلال الإسرائيلي، فقصفتها مقاتلات الاحتلال، وفقاً للتحقيقات التي أجريت آنذاك.
أيضاً، يعد من أشهر وزراء خارجية ليبيا في عهد القذافي، منصور رشيد الكيخيا، المولود في بنغازي. ولقد شغل الكيخيا هذا المنصب بين عامي 1972 و1973 قبل أن يُصبح سفيراً دائماً لليبيا لدى الأمم المتحدة. وبعدها استقال من المنصب وتحول إلى أحد أبرز معارضي نظام القذافي. ومن ثم، اختفى في القاهرة ونقل إلى طرابلس، وأحيطت هذه القضية ومدى ضلوع نظام القذافي بروايات عديدة.
وكان بين وزراء الخارجية البارزين الدكتور علي عبد السلام التريكي، المولود عام 1938 في مدينة مصراتة. وهو دبلوماسي مثقف حصل على الدكتوراه في التاريخ السياسي من جامعة تولوز الفرنسية، بعدما نال الإجازة في التاريخ من جامعة قاريونس في بنغازي، وكان متقناً للإنجليزية والفرنسية. ومن بين المهام والمناصب التي تقلّدها التريكي، وزارة الخارجية التي أسندت إليه مرتين متتاليين في عهد القذافي، بجانب السفارة في الأمم المتحدة، وله إسهامات في تأسيس الاتحاد الأفريقي، وشارك في وساطات في السودان، وبين إريتريا وإثيوبيا، وفي تشاد.
عبد العاطي العبيدي كان آخر وزير خارجية في عهد القذافي. وعيّن في السادس من أبريل (نيسان) 2011 وزيراً للخارجية خلفاً لموسى كوسا، الذي انشق فور خروج المتظاهرين على النظام وغادر إلى بريطانيا. وهو ينتمي إلى منطقة الجبل الأخضر، بغرب ليبيا والتحق بالعمل السياسي من السنوات الأولى لبداية عهد القذافي، وسبق أن تولى منصب المندوب العام الليبي في تونس وسفير ليبيا لدى إيطاليا. وفي مطلع أبريل من العام ذاته، أعلن كوسا انشقاقه عن نظام القذافي بعد وصوله إلى مطار هيثرو في لندن. وللعلم، تولى كوسا منصب نائب وزير الخارجية في الفترة من 1992 إلى 1994 قبل أن يعين على رأس جهاز الاستخبارات الليبية، المعروف باسم جهاز الأمن الخارجي (طوال 15 سنة) حتى عيّن مسؤول اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزارة الخارجية) في إطار تعديل وزاري أعلنه مؤتمر الشعب العام في ليبيا (البرلمان) مطلع مارس (آذار) 2009 خلفاً للوزير عبد الرحمن شلقم.
وخلال السنوات العشر التي تلت «ثورة 17 فبراير» وشهدت فيها البلاد انقساماً سياسيا حاداً كان هناك وزراء خارجية بعضهم كان تابعاً لـ«المؤتمر الوطني العام»، ومجلس النواب في طبرق، وحكومة «الوفاق الوطني» بطرابلس، من بينهم الدبلوماسي محمد الدايري، الذي تولى هذا المنصب في 28 سبتمبر (أيلول) 2014، قبل أن يقيله رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، ويعيّن عبد الهادي الحويج بدلاً منه. والدايري حصل على ليسانس الحقوق من جامعة غرونوبل الفرنسية، ثم على ماجستير في القانون من الجامعة نفسها، وقد درّس فيها 3 سنوات، قبل أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي ويعين ملحقاً في بعثة جامعة الدول العربية المعتمدة لدى الأمم المتحدة بجنيف.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»