جولة بايدن الأوروبية لاستعادة ثقة الحلفاء وتنبيه الخصوم (تحليل إخباري)

جولة بايدن الأوروبية لاستعادة ثقة الحلفاء وتنبيه الخصوم (تحليل إخباري)
TT

جولة بايدن الأوروبية لاستعادة ثقة الحلفاء وتنبيه الخصوم (تحليل إخباري)

جولة بايدن الأوروبية لاستعادة ثقة الحلفاء وتنبيه الخصوم (تحليل إخباري)

أربع قمم تنتظر الرئيس جو بايدن في أقل من أسبوع: قمة الدول الصناعة السبع الكبرى في كورنوال في بريطانيا، وقمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل، وقمة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في العاصمة البلجيكية أيضاً، وأخيراً اللقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سويسرا.
يضاف إلى القمم هذه لقاءات بعضها يتعلق بالمراسم والأعراف الدبلوماسية على غرار اجتماع بايدن بالملكة إليزابيث الثانية في قصر وندسور، والبعض الآخر يتناول مشكلات دقيقة مع الحلفاء على غرار اجتماعه بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة الأطلسي، بعد أسابيع قليلة على اعتراف واشنطن بالمجزرة الأرمنية كـ«إبادة»، ما أثار الغضب الشديد في أنقرة وزاد من تشنج العلاقات التركية – الأميركية التي تشهد منذ أعوام عدة افتراقاً واسعاً يشمل القضية الكردية وحقوق الإنسان والدور التركي في سوريا وصولاً إلى شراء صواريخ «إس 400» المتطورة المضادة للطائرات من روسيا.
لكل واحد من هذه اللقاءات جدول أعمال مختلف بطبيعة الحال: مكافحة وباء «كورونا» ودور الاقتصادات الكبرى في التصدي للتغير المناخي، وهو ما سيعود بايدن لبحثه في القمة العالمية المخصصة للمناخ التي ستنعقد في مدينة غلاسكو الاسكوتلندية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. يضاف إلى ذلك البحث في التداعيات الاقتصادية للوباء ومرحلة التعافي العالمي. وسيعمل في قمة «الناتو» على طمأنة الحلفاء إلى صلابة الالتزام الأميركي بأمنهم في إطار الشعار الذي رفعه بعد توليه منصبه «الديمقراطيات تواجه أنظمة التسلط»، وبالتالي توجيه جهودهم لتنسيق التحرك لتطويق التمدد السياسي والاقتصادي الصيني.
أما في سويسرا، فتثير القمة التي اقترح عقدها مع بوتين تساؤلات المراقبين الأميركيين، إذ إن عدداً منهم يرى أن ظروفها غير ناضجة بعد وأن بايدن الذي وصف الرئيس الروسي بـ«القاتل» قبل شهور قليلة، يبدو كأنه لن يتمكن من انتزاع أي تنازل من بوتين المراوغ ومحترف التلاعب بالخصوم وخداعهم. المسائل التي ينتظر أن يثيرها بايدن في القمة المقررة في السادس عشر من يونيو (حزيران) الحالي، تشمل تحذيراً من مغبّة العودة إلى التدخل في الانتخابات الأميركية وطلباً صارماً بوقف الهجمات السيبرانية على شبكات المؤسسات الرسمية والخاصة في الولايات المتحدة إضافةً إلى الامتناع عن تهديد أوكرانيا وتوتير الأجواء ضدها.
ويعلم الرئيس الأميركي أن بوتين الذي يواجه اختناقاً اقتصادياً فاقمه تفشي مرض «كوفيد - 19» يُصعّد خطابه العدائي حيال الغرب عموماً كنوع من إلهاء للمواطنين الروس عن تراجع أوضاعهم الاقتصادية خلافاً لوعود سابقة كان رئيسهم قد قطعها لهم. وأن بوتين لن يتورع عن طرح مطالب بعدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية الروسية على نحو ما فعلت بعد محاولة اغتيال المعارض أليكسي نافالني أو قمع المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على الحكم بسجنه. ناهيك بعدم تشجيع واشنطن لدول تعدّها موسكو تدور في فلك نفوذها على تحدي الكرملين. موافقة أميركا على طلبات من هذا النوع ستشكل اختباراً لصدق التعهدات التي أعلنتها إدارة بايدن عن اهتمامها بحقوق الإنسان والحكم الديمقراطي وأمن الحلفاء.
لكن الأهم من بين كل أهداف القمم الأربع هو سعي الرئيس الأميركي إلى إقناع الحلفاء والخصوم بأن «أميركا قد عادت»، وأنها حليف يُعتمد عليه مقابل القبول بتبني الأولويات التي تضعها على رأس اهتماماتها الدولية مثل إحباط جهود الصين للتحول إلى قوة عالمية عظمى.
وعلى الرغم من « العودة الأميركية»، فالأوروبيون والحلفاء الآخرون في الأطلسي سيسألون عن الضمانة لعدم العودة إلى سياسات ترمب ومزاجيته. وهل ما جرى في أيام الإدارة السابقة كان هزة بسيطة وانحرافاً مؤقتاً عن مسار السياسات الأميركية التقليدية أم أن المسألة قد تتكرر بعد أربع سنوات مع مجيء رئيس جديد إلى البيت الأبيض؟
تتأسس هذه التساؤلات على إلغاء ترمب للاتفاق النووي مع إيران من دون التشاور مع الحلفاء خصوصاً الذين شاركوا في التفاوض في شأنه مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. فقد مثّل إلغاء الاتفاق إجهاضاً لجهود مضنية بذلتها هذه الدول على امتداد سنوات وليس هناك ما يضمن ألا تتكرر هذه التجربة مع أي إدارة مقبلة يترأسها ترمب أو أحد مقلديه.
والاتفاق مع إيران مجرد عينة على ما يمكن أن يمتد إلى معاهدة باريس للحد من التغير المناخي التي أُقرت على أيام باراك أوباما وانسحب ترمب منها وعاد بايدن إليها. ولا يخفى أن سلوكاً كهذا يُلحق أضراراً ضخمة بانتظام العمل الدولي عندما يصدر من جهة بوزن الولايات المتحدة.
الحلفاء ينتظرون من بايدن إذن ما يتجاوز الطمأنة اللفظية حول عودة أميركا. ولا شك في أن استعادة المكانة الأميركية السابقة عند الأوروبيين طريق طويل.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.