تنسيق مصري ـ سوداني لدفع إثيوبيا إلى التفاوض بجدية

أديس أبابا تؤكد التزامها «حلاً سلمياً» رغم إصرارها على الملء الثاني من دون اتفاق

رئيس مجلس السيادة السوداني مستقبلاً وزير الخارجية المصري في الخرطوم أمس (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني مستقبلاً وزير الخارجية المصري في الخرطوم أمس (الخارجية المصرية)
TT

تنسيق مصري ـ سوداني لدفع إثيوبيا إلى التفاوض بجدية

رئيس مجلس السيادة السوداني مستقبلاً وزير الخارجية المصري في الخرطوم أمس (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني مستقبلاً وزير الخارجية المصري في الخرطوم أمس (الخارجية المصرية)

أعلنت مصر والسودان عن قلقهما البالغ من الأضرار والآثار المترتبة على الملء والتشغيل الأحادي المحتمل لـ«سد النهضة» الإثيوبي، والمخاطر الجدية التي قد تترتب عليه، واتفقا على توحيد جهودهما على المستويات الإقليمية والدولية، لدفع إثيوبيا للتفاوض بجدية وحسن نية وإرادة سياسية حقيقية للتوصل لاتفاق قانوني ملزم، وذلك بعد أشهر من فشل المفاوضات بين البلدان الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي.
وأجرى وزيرا الخارجية والموارد المائية المصريان سامح شكري ومحمد عبد العاطي اللذان وصلا إلى السودان في زيارة قصيرة مفاجئة، أمس، مباحثات مطولة في الخرطوم مع نظيريهما السودانيين مريم الصادق المهدي وياسر عباس، بحضور ممثلين فنيين وقانونيين من البلدين. كما التقى الوزيران المصريان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان صحافي أعقب المحادثات، إن البلدين أجريا مباحثات مكثفة، سادها جو ودي وإيجابي، وصفته بأنه «اتسم بالتفهم المتبادل»، وأن الطرفين «اتفقا على الموقف من تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، والمخاطر الجدية والآثار الوخيمة المترتبة على الملء الأحادي للسد».
وأوضحت أن الطرفين «اتفقا على تنسيق الجهود على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية، الهادفة لدفع إثيوبيا إلى التفاوض بجدية، وبحسن نية، وبإرادة سياسية حقيقية، من أجل التوصل لاتفاق شامل وعادل وملزم قانوناً، حول ملء وتشغيل سد النهضة».
وقطع البلدان، بحسب البيان، بأن المفاوضات بين البلدان الثلاثة التي جرت برعاية الاتحاد الأفريقي وصلت إلى «طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي»، ما يستدعي «تنسيق التحرك المشترك لحماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة وفي القارة الأفريقية».
ودعا البيان المشترك المجتمع الدولي إلى «تدخل نشط» لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على «فرض الأمر الواقع على دولتي المصب» والإرادة المنفردة التي تواصل اتباعها ممثلة في إعلانها العزم على ملء بحيرة السد خلال موسم الفيضان المقبل، من دون مراعاة لمصالح البلدين.
وأبدى وزراء الخارجية والري والمياه في البلدين، قلقهم البالغ من الآثار والأضرار المحتملة لملء وتشغيل السد بشكل أحادي من دون اتفاق ملزم قانوناً «ينظم عمل هذا السد الضخم» وتأثيره على حقوقهما ومصالحهما المائية.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية السودانية إن المباحثات تطرقت كذلك إلى العلاقات الثنائية. ووفقا للبيان الصادر عن الخارجية السودانية، فإن الوفدين بحثا العلاقات الثنائية، وأكدا الحرص المتبادل على تعزيز وتعميق «العلاقات الأزلية التي تربط شعبي البلدين».
وأتت زيارة الوفد المصري الرفيع بعد ساعات من تصريحات إثيوبية، أعلنت فيها أديس أبابا التزامها الحلول السلمية للنزاع الحدودي مع السودان، والمفاوضات الثلاثية على «سد النهضة». وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإثيوبية رضوان حسين، إن بلاده ملتزمة إيجاد حلول سلمية للنزاع حول السد، خلال لقائه وزيرة الخارجية الكينية رايشيل أومامو، مساء أول من أمس.
وحذر رئيس الوزراء السوداني الاثنين الماضي من «التهديد المباشر» الذي يشكله الملء الأحادي للسد الإثيوبي على منشآت بلاده المائية، وعلى وجه الخصوص سد الروصيرص المتاخم لسد النهضة، وتأثيره على مشروعات الري ومنظومات توليد الطاقة في البلاد، وعلى المواطنين السودانيين المقيمين على ضفتي النيل الأزرق.
وأكد حمدوك خلال اجتماع مع فريقه لمفاوضات سد النهضة، «إيمان السودان بمبدأ الحلول الأفريقية، مسترشداً بالتجارب المماثلة، لا سيما في إدارة نهري النيجر والسنغال، وغير ذلك من تجارب إدارة موارد المياه القائمة على الأنهر العابرة للحدود». وتُصر إثيوبيا التي أنجزت 80 في المائة من بناء السد على بدء الملء الثاني للخزان الشهر المقبل قبل التوصل إلى اتفاق، ما ترفضه مصر والسودان باعتباره تهديداً لأمنهما القومي.
وشدد وزير الري المصري خلال لقائه برلمانيين مصريين، السبت الماضي، على حرص بلاده على الاستمرار في مفاوضات سد النهضة للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم يلبي طموحات جميع الدول في التنمية.
وتعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث منذ أبريل (نيسان) الماضي، بسبب الخلافات حول بعض بنود اتفاق تشغيل السد وملئه، إذ تشترط مصر والسودان الاتفاق على القواعد المنظمة لعملية الملء والتنسيق في فترات الجفاف والجفاف الممتد، فيما تصر إثيوبيا على عدم وضع قيود عليها.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.