«التحالف» يجهز طائرات «إف 16» العراقية بقدرات إضافية

في إطار مواجهة عصابات «داعش» وتمكين الأجهزة الأمنية من حماية البلد

طائرات «إف 16» التابعة للقوات الجوية العراقية خلال طلعة تدريبية سابقة (صورة لسلاح الجو الأميركي)
طائرات «إف 16» التابعة للقوات الجوية العراقية خلال طلعة تدريبية سابقة (صورة لسلاح الجو الأميركي)
TT

«التحالف» يجهز طائرات «إف 16» العراقية بقدرات إضافية

طائرات «إف 16» التابعة للقوات الجوية العراقية خلال طلعة تدريبية سابقة (صورة لسلاح الجو الأميركي)
طائرات «إف 16» التابعة للقوات الجوية العراقية خلال طلعة تدريبية سابقة (صورة لسلاح الجو الأميركي)

بعد توقف استمر نحو شهرين؛ استأنف التحالف الدولي تجهيز طائرات «إف16» العراقية بالإمكانات والقدرات والأدوات الاحتياطية؛ مما يمكنها من القيام بواجبها في حماية البلد.
وقالت «العمليات المشتركة»، في بيان لها أمس الأربعاء، إن «(العمليات المشتركة) من خلال عملها مع التحالف الدولي أسهمت بتأمين الكثير من المعدات والأسلحة والكاميرات والأبراج». وأضاف البيان أن «التحالف الدولي باشر بتقديم الأدوات الاحتياطية لطائرات الـ(إف16) وطائرات الـ(سي130) في إطار إسناد التحالف القوات الأمنية العراقية والتزامها بأن تكون متقدمة وتعمل على امتلاك القدرات والإمكانيات القادرة على حماية البلد».
وأوضح أن «الجهود مستمرة من قبل (قيادة العمليات المشتركة) بالتعاون مع التحالف الدولي في تجهيز كثير من الوحدات الأمنية بإمكانيات وقدرات تمكنها من مواجهة عصابات (داعش) الإرهابية».
وكان التحالف الدولي أعلن الشهر الماضي انسحاب شركة «لوكهيد» الأميركية الخاصة بصيانة طائرات «إف16» بعد تعرض قاعدة «بلد» التي توجد فيها تلك الطائرات لعدد من صواريخ «كاتيوشا».
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عد ما حدث على صعيد انسحاب تلك الشركة بمثابة «إحراج للعراق». وقال عقب عملية الانسحاب إن «عدم وجود خبراء لصيانة الطائرات حسب الاتفاقية التي وقعت مع الشركات الأميركية عند شرائها يمثل مشكلة»، مبيناً أن «بعضاً من هذه الشركات انسحب من العراق بسبب أعمال عبثية».
وفي وقت يجري فيه العراق مباحثات مع الجانب الأميركي بشأن مخرجات الحوار الاستراتيجي بين البلدين الذي بدأ العام الماضي، تتواصل الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على القواعد والمصالح الأميركية في العراق. وباستثناء الهدنة التي لا تزال قائمة فيما يتعلق بمقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، فإن قاعدة «فيكتوريا» بالقرب من مطار بغداد الدولي حيث يوجد مقاتلون أميركيون، وقاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق، فضلاً عن قاعدة «بلد» الجوية، تتعرض بين فترة وأخرى لهجمات بالصواريخ.
ورغم عدم توضيح «قيادة العمليات العراقية المشتركة» الآلية التي سيحدد من خلالها التحالف الدولي كيفية صيانة طائرات «إف16»، فإن بدء عملية الصيانة ربما يوسع نطاق الهدنة. مع ذلك، أبدت قيادة الجيش الأميركي مخاوفها مما باتت تملكه الفصائل المسلحة القريبة من إيران في العراق من أسلحة جديدة تتمثل في استخدام الطائرات المسيرة.
وفي هذا السياق، علق خبيران عراقيان لـ«الشرق الأوسط» حول طبيعة هذه الطائرات وأهميتها ومدى جدية المخاوف الأميركية. ويقول الخبير الاستراتيجي، معن الجبوري، لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية إطلاق الصواريخ سواء أكانت (غراند) أم (كاتيوشا) أكثر تعقيداً؛ حيث تحتاج إلى وقت أطول وإلى جهد كبير وخدمات لوجيستية وعدد أفراد أكثر، وبالتالي يمكن أن تكشف أي فعالية في هذا المجال من خلال المشاهدة بالعين المجردة من قبل الناس أو الأجهزة الأمنية، وفي حال أطلقت ليلاً يمكن مشاهدة وميضها، وبالتالي رصد الهدف ومعالجته، فضلاً عن أن الصواريخ قابلة للخطأ بنسبة كبيرة».
وأضاف الجبوري أنه «لهذه الأسباب لجأت هذه الميليشيات والفصائل المسلحة إلى أسلوب جديد هو أسلوب المسّيرات (الدرونز) التي تعدّ أكثر دقة في إصابة الهدف، كما يصعب رصدها من قبل الرادارات لأنها تطير على ارتفاعات منخفضة»، مبيناً أن «هذه المسيرات تعدّ سلاحاً حديثاً؛ حيث إن مضادات معالجة (الدرونز) محدودة، وبالتالي هي أسهل من حيث العمل وتحمل متفجرات تصل زنتها إلى نحو 30 كيلوغراماً، وممكن أن تصيب الهدف وتوقع خسائر كبيرة، مما جعلها تمثل مشكلة جديدة ومتغيراً في ضرب الأهداف».
ولفت الجبوري إلى أن «هناك حالياً مضادات لهذه الطائرات، ولكنها لا تزال في بداياتها، وهي في الواقع تمثل حالة قلقة بالنسبة للأميركان في الوقت الحاضر».
من جهته؛ يقول الدكتور معتز محيي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات السياسية والاستراتيجية» لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير الأخيرة تشير بالفعل إلى زيادة القلق من قبل الجانب الأميركي نتيجة استخدام هذا النوع من الطائرات المسيرة من قبل الفصائل المسلحة؛ حيث إن هذه الجهات قامت بضرب أهداف نوعية لدى الأميركان بطائرات مسيرة صغيرة بأجنحة ثابتة، وتمتلك هذه الطائرات القدرة على الهرب من الأنظمة الدفاعية الموجودة في هذه القواعد مثل (عين الأسد) و(أربيل)، فضلاً عن المنشآت الدبلوماسية».
وأضاف أن «عملية أربيل في شهر أبريل (نيسان) الماضي أظهرت استهداف حظيرة طائرات تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية تقع في بناية المجمع الخاص بالمطار، علماً بأن هذا الاستهداف حدث أيضاً خلال شهر مايو (أيار) عند استهداف قاعدة (عين الأسد)»، مبيناً أن «كل هذه المواقع كانت تستهدف من قبل طائرات مسيّرة، وهذه لها فاعلية كبيرة في ضرب الأهداف الحساسة، وما يمكن أن يترتب عليها، مما دفع بالقوات الأميركية إلى تطوير تدابير أكثر فاعلية لمعالجة هذه الطائرات؛ بما في ذلك تطوير أجهزة الاستشعار الراداري وأجهزة التشويش الإلكتروني... وما إلى ذلك من وسائل متطورة».
وبين محيي الدين أن «هذه الطائرات المسيرة لا تزال لديها القدرة على خداع كل هذه الأجهزة المتطورة وتصل إلى أهدافها بسهولة؛ الأمر الذي يدلل على أن الجماعات المسلحة التي تبنت هذه العمليات وذكرت في أكثر من خطاب أنها تستطيع إرسال رسائل عدة من خلال هذه العمليات، يمكن أن تضاعف القلق غير المسيطر عليه حتى الآن».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.