الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية تدخل مرحلة «كسب القرن الـ21»

إدارة بايدن تعتمد سلاح تعزيز التنافسية في التكنولوجيا المتقدّمة

مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ب)
مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ب)
TT

الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية تدخل مرحلة «كسب القرن الـ21»

مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ب)
مبنى الكونغرس الأميركي (أ.ب)

يأتي إقرار مجلس الشيوخ الأميركي أمس الثلاثاء، مشروع قانون يقضي بتخصيص استثمارات كبيرة في العلوم والتكنولوجيا، وذلك بهدف مواجهة السيطرة الصينية الكاسحة في هذا المجال، كأنه تنفيذ لرؤية الرئيس جو بايدن الذي أصدر في فبراير (شباط) الماضي أمرا تنفيذيا للوكالات الفدرالية لكي تضع تصوراً لطرق تعزيز الإنتاج المحلي لمجموعة من المكوّنات الصناعية، مثل الرقائق، وبالتالي تقليل الاعتماد على الموردين الأجانب، أي الصين عملياً.
وفي توافق نادر بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون يخصص مبلغ 52 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتشجيع الشركات على تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات في الولايات المتحدة. وخلال عرضهم النص، لفت برلمانيون إلى أن الحزب الشيوعي الصيني الممسك بالسلطة يستثمر في هذه التقنيات «بشكل كبير مع أكثر من 150 مليار» دولار.
كما تخصص الخطة الأميركية 120 مليار دولار للوكالة الحكومية «مؤسسة العلوم الوطنية» لتشجيع البحث في مختلف المجالات التي تعتبر رئيسية مثل الذكاء الصناعي. وهي تشمل مبلغ 1.5 مليار دولار لتطوير شبكة الجيل الخامس (5 جي) للاتصالات التي تشكل إحدى القضايا الخلافية الأساسية بين الصين والولايات المتحدة.
ويحتاج النص لكي يصير قانوناً إلى موافقة مجلس النواب وتوقيع بايدن.
وجاء الرد الصيني في بيان للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان قال إن هذا «النص يكشف جنون العظمة والغرور» لدى الولايات المتحدة، معتبراً أن واشنطن تبالغ في ما يسمى «التهديد الصيني».
ولعل بكين كانت تقصد تحديداً كلام بايدن الذي أعقب إقرار مجلس الشيوخ للنص، حين قال إن بلاده «تخوض منافسة لكسب القرن الحادي والعشرين». وأضاف من غير أن يسمّي الصين: «مع مواصلة البلدان الأخرى الاستثمار في أنشطة البحث والتطوير الخاصة بها، لا يمكننا أن نتخلف عن الركب»، مؤكداً ضرورة أن «تحافظ أميركا على مكانتها باعتبارها الدولة الأكثر إبداعا وإنتاجية في العالم».
والواقع أن التصويت بـ 68 مقابل 32 يعكس أن مواجهة الصين اقتصادياً هي قضية توحد الحزبين في مجلس الشيوخ. وهذا أمر نادر في عصر الانقسام الحادّ في المجتمع الأميركي، لا سيما بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما يعني أن إدارة بايدن قررت استئناف الحرب الاقتصادية التي تأججت نيرانها مع الصين في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، إنما باعتماد سلاح جديد هو تطوير القدرة التنافسية الأميركية، في حين أن الإدارة الجمهورية لم تعتمد إلا على سلاح فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع الصينية المستوردة، وهو أمر لم ينجح إلا نسبياً في تخفيف العجز في الميزان التجاري الأميركي في التبادل مع الصين.
وفي هذا السياق، قالت وزير التجارة جينا ريموندو إن «مجلس الشيوخ اتخذ خطوة حاسمة إلى الأمام بمشاركة الحزبين من أجل القيام بالاستثمارات التي نحتاج إليها لاستمرار الإرث الأميركي كرائد عالمي في الابتكار. ولا يتعلق هذا التمويل بمعالجة النقص الحالي في أشباه الموصلات فحسب، بل هو استثمار طويل الأمد».

*السلاح الجديد
يقول مؤيدو خطة بايدن إنها أكبر استثمار في البحث العلمي شهدته الولايات المتحدة منذ عقود. ويأتي ذلك بعد تراجع نصيبها من تصنيع أشباه الموصلات على مستوى العالم بشكل مطرد من 37٪ عام 1990 إلى نحو 12٪ راهناً.
عن ذلك، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: «المعادلة بسيطة، إذا أردنا أن يستمر العمال الأميركيون والشركات الأميركية في قيادة العالم، فيجب أن تستثمر الحكومة الفيدرالية في العلوم والبحث الأساسي والابتكار، تمامًا كما فعلنا بعد عقود من الحرب العالمية الثانية». وأضاف: «كل من يفوز بالسباق على تقنيات المستقبل سيكون قائد الاقتصاد العالمي، مع ما يعنيه ذلك على صعيدي السياسة الخارجية والأمن القومي أيضاً».
تجدر الإشارة إلى أن مشروع القانون نصّ على عدد من الأحكام المتعلقة مباشرة بالصين، أهمها حظر تنزيل تطبيق «تيك توك» في الأجهزة التابعة لإدارات حكومية، وحظر شراء الطائرات المسيّرة الصينية. كما سيسمح للدبلوماسيين والجيش التايواني بعرض علمهم وارتداء زيهم الرسمي أثناء وجودهم في الولايات المتحدة في زيارات رسمية. وهو أمر يستفز حتماً بكين التي تصر على اعتبار تايوان جزءاً لا يتجزّأ من أراضيها.
كما أنه سيفرض عقوبات جديدة واسعة النطاق على الكيانات الصينية المتورطة في الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها جهات أميركية، أو في سرقة الملكية الفكرية من شركات أميركية. وينص مشروع القانون على مراجعة ضوابط التصدير على اي منتجات يمكن استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان.
خلاصة القول إن الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين استؤنفت، إنما في شكل جديد حددته إدارة الرئيس الديمقراطي. وهي ستكون واسعة ولها حكماً ارتدادات جيوسياسية على مستوى العالم كله.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».