دراسة عن الخطاب الروائي في روايات محمد ناجي

دراسة عن الخطاب الروائي في روايات محمد ناجي
TT

دراسة عن الخطاب الروائي في روايات محمد ناجي

دراسة عن الخطاب الروائي في روايات محمد ناجي

صدر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب «تحليل الخطاب الروائي... بناء الشخصية مدخلاً» للناقد الدكتور كمال اللهيب.
وللكتاب، وفق مقدمة اللهيب، هدف مزدوج، وهو سبر أغوار الخطاب الروائي بصفة عامة، بالوقوف عند مكوناته ومقولاته الأساسية، ساعين إلى استنباط الفلسفة الكامنة خلفها وخلف تشكيلاته السردية، وذلك عبر تناول تطبيقي لمجمل الأعمال الروائية لمحمد ناجي، الذي آثر أن يبتعد عن الصخب والضوضاء والمعارك، متفرغاً لمعركته مع مرضه اللعين، الذي كان ينذره في كل لحظة بالنهاية الوشيكة بالموت، فيقاومه ناجي بخلق حيوات متعددة ينفخ فيها من فنه، فتتجسد شخصيات يصعب على من يصادفها أن ينساها، ولعل في هذا الهاجس عنده ما يبرر ولعه الشديد بخلق الشخصيات، وتوظيف كل آليات الصنعة الفنية بمهارة وصبر وأناة في نحتها؛ حتى يصل بها إلى أن تصبح أيقونات في حد ذاتها.
ويتابع اللهيب: «الهدف الثاني هو دراسة مجمل الخطاب الروائي عند ناجي انطلاقاً من اتخاذ الشخصية الفنية كمدخل نقدي، وذلك عن طريق بناء متن نقدي يتناول الشخصية بصورة بانورامية، ويرصد تشابكاتها وتفاعلاتها مع مجمل عناصر البنية السردية».
ويأتى الكتاب من منطلق أن عنصر الشخصية هو أحد أهم مرتكزات فن الرواية، وأحد محددات السردية في العمل الفني، بمعنى أنه من دونها لا يكون هناك سرد، لذلك فإن دراسة الشخصية الروائية تعد مبحثاً من أهم مباحث النقد الروائي، وتشمل هذه الدراسة الحديث عن عملية بناء الشخصية بكل ما تشمله من تحديد لأبعادها والمظاهر الخارجية والداخلية والاجتماعية للشخصية، وطرق تقديم الشخصية، علاوةً على تصنيفها، ودراسة العلاقات الناشئة بينها وبين باقى عناصر البنية السردية. ويؤكد الكاتب أنه بسط المادة النظرية في الكتاب تمهيداً للتناول التطبيقي لأعمال الروائي محمد ناجي بصورة لا تجعل من عدم قراءة القارئ لأعمال الأخير عقبة في سبيل فهم ما يقدم من طرح نقدي.



سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد
TT

سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد

لدى السوريين عموماً عناوين غير مختلف عليها حول سوريا الجديدة: دولة مدنية. ديمقراطية. سيادة القانون. دستور. انتخابات. تداول السلطة. المواطنة. حرية التعبير والرأي. المساواة بين الرجل والمرأة. تَمتُّع إخوتنا الأكراد بحقوقهم كاملة في دولة لا تمثل كل طائفة ولا عرقية على حدة، وإنما جميع السوريين طائفة واحدة.

هذه هي سوريا الجديدة التي نطمح إليها، تبدو دولة مثالية حلمنا بها دائماً، ثم استعصى الحلم علينا، إلى أن نجحت الثورة ووضعتنا على أعتابها. لم يبقَ سوى أن نخطو نحوها، لكن لا بد أولاً من صناعتها على أرض الواقع؛ فهي وإن كانت متخيلة، فلا ينبغي بقاؤها أسيرة المخيلة.

يواجه تحقيق الدولة أكثر من معضلة، أهمها مسألة العلمانية. سوريا بلد متدين؛ ما يشمل جميع حملة الأديان؛ المسلمين والمسيحيين بمذاهبهم كلها دونما استثناء، كذلك الأكراد.

تفصل العلمانية الدين عن الدولة؛ ما يشكل حماية لجميع العقائد. ويتحدد الاختلاف حول تفسير العلمانية، ويتراوح بين الاعتدال والتشدد، وأعتقد أن هناك شِبه توافق على علمانية معتدلة حسب التعريف السابق، من دون الدخول في التفاصيل؛ ما يشكل الفضاء الروحي للإنسان، في حين أن المتشددة تلغي الدين ورموزه وتجلياته، وقد يبلغ بها الأمر المطالبة بتقنين المساجد ومنع الأذان، والدروس الدينية في المدارس.

وحتى لا يبقى هذا الجانب محل نزاع، ولا محل تجاذب سلبي في الدولة الجديدة، ينبغي التأكيد على حرية الاعتقاد، وصيانة المعتقد واحترامه، وعدم التعدي عليه. إن السوريين شعب مؤمن، خصوصاً مع ارتفاع نسبة الإيمان في العقد الأخير، في طبقات المجتمع من دون استثناء؛ الفقراء والأغنياء، نلاحظه في انتشار الحجاب الذي كان الرد الشعبي على القمع، والرد على التسيُّب الأخلاقي. فللأديان رأي في حياة البشر وسلوكياتهم وتوجهاتهم، وإن كانت غير ملزمة، لكنها غير ممنوعة من التعبير عنها.

يجب تحقيق توازن نحن بحاجة إليه؛ أي التعامل مع الواقع وليس إهماله، فالعلمانية مثل الديمقراطية؛ ليست ديناً، ولا بديلاً عنه، ولا تحل محله، ويحظر توريطه في أجندات سياسية. إن إدراك مُنظِّري العلمانية الصلبة أنهم لا يعيشون وحدهم في هذا البلد؛ يعني أنهم لا يستطيعون فرض مفاهيمهم المتطرفة على المجتمع.

إن ضمانة حرية المعتقد من ناحية الإيمان أو عدم الإيمان، من الحريات الشخصية التي لا يجوز المساس بها. والسبب؛ نحن لسنا بلداً غربياً، يجب ألا يكون الدين محل تجاذب... الوزارة ليست حزبية وإنما تكنوقراط لإنقاذ البلد من الضائقة الاقتصادية المستفحلة... الوزارة لا تمثل جهات ولا أحزاباً.

لدى الشعب السوري طاقات عظيمة تهدر في داخل البلد وخارجه. نحن بحاجة إلى استعادة أبنائنا، لكن يجب أن نقدم لهم الحوافز ولو بالحد المعقول.

* روائي سوري