مستوى ستيرلينغ ولياقة هندرسون صداع في رأس ساوثغيت

بعد بلوغه نصف النهائي مرتين في بطولتين على رأس منتخب إنجلترا، يأمل غاريث ساوثغيت أن تكون الثالثة ثابتة كي يقود «الأسود الثلاثة» إلى لقب كبير في كأس أوروبا لكرة القدم. وعما إذا كان الفشل في بلوغ المربع الأخير سيعد خيبة أمل، أم لا، قال ساوثغيت الذي قاد بلاده إلى المركز الثالث في دوري الأمم الأوروبية 2019: «نعم، أعتقد ذلك». وتابع: «أعتقد أننا واقعيون حول هذا الأمر، يجب أن نعيش مع التوقعات. هل نحن جاهزون للفوز؟ بلغنا نصف النهائي مرتين، لذا الخطوة التالية تكمن بالذهاب أبعد». إلا أن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي لديه كثير من الأمور التي يتعين عليه التعامل معها، أهمها كيفية التعامل مع الغياب المبدئي لقائد الفريق هاري ماغواير عن خط الدفاع.

لغز الظهير الأيمن
كان المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت تجنب كثيراً من الانتقادات والجدل قبل انطلاق بطولة كأس الأمم الأوروبية، باختيار الظهير الأيمن لليفربول ترينت ألكسندر أرنولد، الذي يتمتع بشعبية كبيرة للغاية. وأعلن أنه ضم اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً لأنه واحد من أفضل 26 لاعباً في البلاد، وليس لأنه تأثر بالرأي العام. إلا أن ساوثغيت استدعى بن وايت مدافع برايتون ليحل محل ألكسندر أرنولد الذي انسحب من تشكيلة إنجلترا الأسبوع الماضي، عقب تعرضه لإصابة عضلية في الدقائق الأخيرة خلال الفوز الودي 1 - صفر على النمسا. وكان بن وايت قد سجل مشاركته الدولية الأولى أمام النمسا. كذلك شارك في المباراة الودية التي فاز فيها المنتخب الإنجليزي على نظيره الروماني 1 - صفر الأحد، رغم أنه لم يكن ضمن القائمة المبدئية للمنتخب التي ضمت 26 لاعباً.
ولم يهتم ساوثغيت بحقيقة أن لديه ثلاثة لاعبين آخرين في مركز الظهير الأيمن، قدموا جميعاً مستويات رائعة هذا الموسم، ويبدو أنهم سيكونون متقدمين على بن وايت وحتى ألكسندر أرنولد قبل إصابته في الترتيب من حيث أولوية المشاركة في المباريات. وأشار ساوثغيت إلى أن كيران تريبيير يمكن أن يلعب في مركز الظهير الأيمن، في حين يمكن أن يلعب ريس جيمس على الجهة اليمنى في خط دفاع مكون من ثلاثة لاعبين، كما يمكنه اللعب في مركز الظهير الأيمن أيضاً، وينطبق الأمر نفسه على كايل ووكر، الذي يمكنه حتى اللعب كظهير أيسر. وقد رأينا جيمس يلعب في خط الوسط مع نادي تشيلسي، وبالتالي فإن هذه المرونة ستصب في مصلحة المنتخب الإنجليزي بكل تأكيد. ومن المؤكد أن بن وايت سيكون إضافة قوية للمنتخب الإنجليزي، على الرغم من أنه يبقى أن نرى كم عدد الدقائق التي سيشارك فيها خلال البطولة.

الصفات القيادية لماغواير وهندرسون
لم يقل ساوثغيت شيئاً عن هاري ماغواير، الذي أصيب في أربطة الكاحل خلال مباراة مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في التاسع من مايو (أيار) ولم يلعب منذ ذلك الحين، وهو الأمر الذي أعطى انطباعاً بأن ماغواير سيكون لائقاً للمشاركة في المبارة الافتتاحية للمنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس الأمم الأوروبية أمام كرواتيا، وفي بقية مباريات دور المجموعات بعد ذلك. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على جوردان هندرسون، الذي لم يشارك في أي مباراة مع المنتخب الإنجليزي منذ نهاية فبراير (شباط)، بسبب خضوعه لجراحة في الفخذ، على الرغم من أن لاعب خط وسط ليفربول قد بدأ مرحلة إعادة التأهيل. وجلس هندرسون على مقاعد البدلاء في مباراة النمسا، لكنه لم يشارك بديلاً، إلا أنه شارك بديلاً أمام رومانيا وأضاع ركلة جزاء. لقد كان الأمر كله يتعلق بـ«إمكانية» مشاركة ماغواير وهندرسون في نهائيات البطولة، وأنه حتى «لو لم يتمكنا من المشاركة» فستكون هناك بدائل أخرى في القائمة التي تضم 26 لاعباً.
ومع ذلك، كان من الواضح أن ساوثغيت لديه رغبة كبيرة في الاستفادة من الصفات القيادية لكل من ماغواير وهندرسون خارج الملعب، وقدرتهما على لم شمل جميع اللاعبين، خصوصاً أن الفريق يضم عدداً كبيراً من اللاعبين الشباب الذين يفتقرون لخبرات البطولات الكبرى، والدليل على ذلك أن تسعة لاعبين فقط في قائمة المنتخب الإنجليزي خاضوا أكثر من 25 مباراة دولية.

العودة إلى 3 لاعبين في الخط الخلفي
الغياب المحتمل لماغواير عن جزء من البطولة يزيد من احتمال اعتماد ساوثغيت على ثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، من أجل إضفاء مزيد من الأمان على الجوانب الدفاعية. وقد اعتمد ساوثغيت على ثلاثة لاعبين في الخط الخلفي في معظم فترات الموسم، ولم يلعب بأربعة لاعبين في خط الدفاع إلا في المباريات الثلاثة التي لعبها في شهر مارس (آذار) الماضي. وإذا لم يتمكن هندرسون من اللعب أمام خط الدفاع، فقد يكون ذلك دافعاً آخر لعودة ساوثغيت إلى التأمين الدفاعي واللعب بثلاثة لاعبين في الخلف.
ومرة أخرى، سيستفيد ساوثغيت من المرونة التكتيكية لعدد كبير من اللاعبين وقدرتهم على اللعب في أكثر من مركز، خصوصاً أن المدير الفني الإنجليزي يعطي أولوية دائماً لتقوية الجوانب الدفاعية حتى لا يخسر في المقام الأول. وقال ساوثغيت: «كثير من طرق لعبنا الهجومي، على وجه الخصوص، لن تتغير، سواء لعبنا بثلاثة أو أربعة لاعبين في الخط الخلفي. فلا يزال لدينا التكوين الهجومي نفسه للخط الأمامي، وما زلنا نركض بالطريقة نفسها، وما قد يتغير هو بعض اللاعبين في هذه المراكز. لذلك، فإن ذلك لا يمثل لنا مشكلة كبيرة، كما يتوقع البعض».

مشكلة كبيرة في مركز محور الارتكاز
تضم قائمة المنتخب الإنجليزي عدداً كبيراً من اللاعبين الذين يلعبون في مركزي الظهير الأيمن ومحور الارتكاز، وبالتالي فهناك فضول كبير لمعرفة اللاعبين الذين سيعتمد عليهم ساوثغيت في هذين المركزين بالتحديد. صحيح أن ماسون ماونت يمكنه اللعب كأحد محاور الارتكاز في ظل طريقة 4 - 3 - 3، لكن المدير الفني الإنجليزي متردد في الدفع به كأحد لاعبي خط الوسط في طريقة 3 - 4 - 3. وأشار ساوثغيت إلى أنه يرى أن فيل فودن وجاك غريليش يتنافسان على حجز مكان في مركزي الجناح الأيمن والجناح الأيسر، كما تم إدراج بوكايو ساكا في القائمة كمهاجم.
وبالتالي، يتبقى في مركز محور الارتكاز كل من جوردان هندرسون وديكلان رايس وكالفين فيليبس وجود بيلينغهام. لكن هندرسون يفتقر إلى حساسية المباريات ويعاني في النواحي البدنية بسبب غيابه لفترة طويلة بسبب الإصابة. وبالتالي، يواجه الفريق مشكلة كبيرة في مركز محور الارتكاز، وهذا هو السبب في الشعور بالدهشة عند استبعاد جيمس وارد براوز لاعب ساوثهامبتون، بعدما كان هناك اعتقاد في مارس (آذار) الماضي، بأنه ضمن مكانه في قائمة الفريق. ووصف ساوثغيت بيلينغهام، البالغ من العمر 17 عاماً، بأنه «ظاهرة» استحق وجوده في قائمة المنتخب الإنجليزي بعد العروض القوية التي قدمها مع بوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا أمام كل من إشبيلية ومانشستر سيتي.

تراجع مستوى راشفورد وستيرلينغ
يمكن القول إن أكبر مشكلة تواجه ساوثغيت هي تراجع مستوى ماركوس راشفورد ورحيم ستيرلينغ، اللذين كانا عنصرين أساسيين في تشكيلة المنتخب الإنجليزي على الأطراف الهجومية. ويحب ساوثغيت استغلال سرعتهما لاختراق دفاعات الفرق المنافسة، لا سيما أن هاري كين يتراجع أحياناً للخلف لتسلم الكرات والهروب من الرقابة وفتح مساحات للقادمين من الخلف، كما أن ساوثغيت يُقدر كثيراً قدرة كل من راشفورد وستيرلينغ على إحراز الأهداف.
لكن المشكلة تتمثل في أن مستوى اللاعبين قد تراجع بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى أن راشفورد - الذي سجل هدف الفوز على رومانيا من ركلة جزاء - يعاني من الناحية البدنية أيضاً، حيث يعاني من مشاكل في القدم والكتف منذ فترة. وتراجعت أرقام راشفورد بشكل ملحوظ منذ مطلع العام، لكن المشكلة الكبرى تتمثل في هبوط مستواه ككل في كثير من المباريات. وفي الوقت نفسه، واجه ستيرلينغ أوقاتاً عصيبة في مانشستر سيتي، حيث لم يسجل سوى هدف وحيد منذ أواخر فبراير (شباط) الماضي، كما خسر مكانه في التشكيلة الأساسية للسيتيزنز في بعض من أكبر وأهم مباريات الفريق. ورغم أنه شارك في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام تشيلسي، فإنه لم يحدث تأثيراً يذكر قبل أن يستبدله جوسيب غوارديولا.

سانشو المتألق قد يكون المنقذ
شعر جادون سانشو كأنه لاعب مهمش في تشكيلة المنتخب الإنجليزي هذا الموسم. وبعد أن شارك في التشكيلة الأساسية أمام آيسلندا والدنمارك في سبتمبر (أيلول) الماضي، تم استبعاده من قائمة منتخب بلاده بعدما خرق قواعد مكافحة فيروس كورونا بحضوره حفل عيد ميلاد مفاجئاً لتامي أبراهام في أكتوبر (تشرين الأول). وعلى الرغم من أنه لعب أساسياً وسجل هدفاً ضد جمهورية آيرلندا في نوفمبر (تشرين الأول)، فقد تم الاعتماد عليه بديلاً بعد ذلك وغاب عن معسكر المنتخب الإنجليزي في مارس (آذار) بسبب تعرضه لإصابة عضلية، لكنه عاد وشارك أمام رومانيا.
وغاب سانشو عن الملاعب لمدة سبعة أسابيع بسبب هذه الإصابة، لكن منذ عودته في نهاية أبريل (نيسان)، ظهر بشكل جيد للغاية وساعد بوروسيا دورتموند في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، والفوز بالمباراة النهائية لكأس ألمانيا، بعدما سجل هدفين في مرمى لايبزيغ في اللقاء الذي انتهى بفوز دورتموند بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد. وقدم سانشو مستويات جيدة للغاية خلال الفترة بين مطلع العام وحتى تعرضه للإصابة، وسرعان ما استعاد بريقه وتألقه بعد العودة من الإصابة، ليصبح أحد الخيارات المهمة للغاية بالنسبة لساوثغيت.