رفيف الظل: ننتظرُ شمسًا ليست لنا

رفيف الظل: ننتظرُ شمسًا ليست لنا
TT

رفيف الظل: ننتظرُ شمسًا ليست لنا

رفيف الظل: ننتظرُ شمسًا ليست لنا

هي شرفاتٌ تخبئ الظلامَ الركيك، وتفضحُ غطرسة المؤلف. الستارة العظمى لا تزال تستجدي تصفيقَ الموتى، والنَصّ أفرغ أحشاءَهُ على المقاعد. ولم تعد سوى جماجم الجمهور، تنتظر أن تلقي بهمومها على قطن الأسرة المحترقة. ولن ننسى اكتمال العلّة وتشرد المنفى، وقرارَ عبدين أن يتحررا من نسق الجلافة.
هي الأبوابُ مخلوعة برفسة الغضبان، هو السور يلمّ شملَ المهاجر. على جذوع الهجرة، تتأرجحُ إشارات الناجين من الموت. ومن منافي الأرض، تفوح لغة واحدة، أبجديتها جمهرة تتوسل العبور إلى البحر الذي ضاقت شواطئه، فاختنق الماء. وما من متنفس إلا وسدّوه بوجوههم، وشفطوا الهواء من رئة الأمل.
العابسون على المصيبة، أبناء التيمم بالنار، هذه بعض الأحاجي في وصفهم؛ سِركُ الأمواس بعد نفي المهرّج، طامة الملعون، نهوض الاعوجاج ومشيه في سرب الأمان، تمرغ الأفعى في الطحين وخروجها بيضاء.
الرغيف يخبئ السم، والثورة من أجل الرغيف، مَنْ إذًا سيلدغه السم؟! من سيرقدُ في مخدع الأفعى؟ تسرّب الليلُ من بصمات الأنين المتناثرة على الأدلّة، ونهض الشهودُ تباعا ليثبتوا براءة الذئب، ويوسف لم يزلْ في غيابة الجب، لم يستجوبه أحد. الهواءُ الثقيل هو منقذنا من هذه الوهدة. أجنحته الرشيقة، كثيفة الريش بمعرفته القديمة، هو ما ادخرته لنا طبيعة الحيوان الأليف فينا، لا حاجة لنا بزعانفها، تلك الجنازير الحية، بيننا وبينها ما صنع السفاح.
فليكن لقناع القنافذ، وهي تحجل في حلقة أذكارها، فرصتُهُ الوحيدة والأخيرة، ليكفّ عن حجبنا عن غدنا بحجة الصحوة. نضرب أخماسا في أسداس، ونحن ننتظر شمسا ليست لنا. لكأن أكثر المخلوقات عنفا تُولد في أحضاننا، ونظنّ أنها سباتُنا السريّ؛ أي سماوات تقدر على أحلامنا إلى هذا الحد؟ من أي كوكب يأتي بريدنا، وما مِن انتظار ولا محطات ولا أدلاء؟ أطلقوا علينا نارَ الرحمة لئلا يقال عنا..
تركنا الخوفَ يمسك قيادنا، وعَرَضْنا عن استقبال القمر العانس ليلة العرس.
هو القتل، عودٌ على قتل. حينما فاضتِ الروحُ الأولى على يدِ أخيها، كان الغرابُ يقدّم الدرسَ له. كيف للغراب، رمز الموت، أن يكون عبرة للإنسان الأول؟ أن يكون معلمَهُ ومرشده؟ كيف يكون القتلُ درسَ الخليقة الافتتاحي؟
* المشهد الخامس:
كتبتُ لها الياسمينة، وهي متكئة على كبدي المفدوح لفرط الفقد.
متكئة؟! على كبدك؟! صِف لنا مرفقها.
ليس من الترف إلاّ قليلا، يضاهي الفلسفة، وفيه كثير من أخلاط الإنس والجنيات. صلته بالجسد مثلما يُستعارُ الماءُ من قطر السماء. تضعه في خاصرتي فأعرف أنّ ملاكا في الغرفة. تبدأ الكبد بالشفاء من علّة النسيان، كأن مرفقها بلسم الآلهة وقت الألم، غير أنّ هذا ليس مرفقها بالضبط.
وليكن، نستحق من يرفق بنا. أكبادنا اصفرّت وآلت للغبار، وكلما حلّ المساء،
تمشي المرارة باتجاه الماء، ترتبك الحديقة، فتعود الشمس للأطفال، كي تودّع مرجَهم.
شبهٌ سحيق، أكبادنا والشمس.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».