سلفة تؤجل أزمتي الكهرباء والإنترنت في لبنان

خبراء ينبّهون إلى أن الخدمات كلها باتت في خطر

عون ودياب يوقعان سلفة للكهرباء (الوكالة المركزية)
عون ودياب يوقعان سلفة للكهرباء (الوكالة المركزية)
TT

سلفة تؤجل أزمتي الكهرباء والإنترنت في لبنان

عون ودياب يوقعان سلفة للكهرباء (الوكالة المركزية)
عون ودياب يوقعان سلفة للكهرباء (الوكالة المركزية)

أجلت الموافقة الاستثنائية التي أصدرها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لتغطية سلفة الخزينة لمؤسسة «كهرباء لبنان» لشراء المحروقات، أزمتي انقطاع الكهرباء والإنترنت ما بين شهر وشهرين.
ووصلت ساعات تقنين الكهرباء في لبنان إلى مستويات غير مسبوقة في الأيام الماضية، حيث تجاوزت ساعات القطع ١٨ ساعة يوميا ما دفع عماد كريدية، مدير عام هيئة «أوجيرو»، إلى التحذير من تأثر خدمة الإنترنت وصولا لانقطاعها في بعض المناطق.
وبعد إرسال وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول تبلغه الموافقة الاستثنائية من عون ودياب لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء والطلب منه العمل على تنفيذها، قال كريدية لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم مرحليا إبعاد شبح الأزمة عن قطاع الإنترنت، وإن كانت المخاوف تبقى قائمة في المرحلة المقبلة نتيجة غياب الحلول المستدامة». وأشار إلى «انكباب الهيئة على استنباط حلول جديدة للمدى المتوسط كزيادة عدد المولدات واستبدال بعضها من خلال مولدات أكبر إضافة للتخطيط لتركيب طاقة بديلة في المواقع، حيث استهلاك الكهرباء محدود»، مضيفا «مشكلتنا الأساسية حاليا بساعات التقنين وليس بمادة المازوت التي تؤمنها لنا مشكورة المنشآت النفطية، وإن كنا لا نعلم مدى قدرتها على مواصلة تأمينها... فالمولدات التي لدينا غير قادرة على العمل ٢٠ ساعة متواصلة».
من جهته، طمأن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال المهندس طلال حواط، أنه «رغم الأزمة التي يمر بها لبنان، فإن قطاع الاتصالات لن ينقطع ما دام أن مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول». وقال: «طبعا إذا لم تتوافر مادة الفيول سيتوقف الإنترنت، ونحن لسنا حاليا في هذه المرحلة، إذ إن وزير الطاقة يؤمن لنا الكمية المطلوبة لتسيير عمل كل الشبكات الأرضية والخلوية، علما بأننا اليوم في حاجة إلى ثلاثة أضعاف الكمية التي كنا نستخدمها سابقا (من 25 ألف طن يوميا إلى 70 الفا) بسبب انقطاع الكهرباء». ولفت حواط، بحسب ما نقلت عنه «الوكالة الوطنية للإعلام» إلى أن «وزارة الاتصالات تؤمن مولدات للشبكة من أجل حالات الطوارئ وليس للاستخدام المتواصل، وهي تغطي حوالي 8 ساعات، إلا أنها تعمل حاليا بين 20 و21 ساعة يوميا، إضافة إلى الأعطال الطارئة التي يتم تصليحها».
ونبّه مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» ‪‪دكتور سامي نادر من أن «كل الخدمات في لبنان باتت مهددة». وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «خطر على المدى المتوسط بسبب ترهل شبكة البنى التحتية نتيجة الغياب التام للاستثمارات وافتقاد النفقات الحكومية للصيانة، وعن خطر على المدى القصير مرتبط بتغذية بعض الخدمات بالكهرباء بسبب أزمة السيولة التي يرزح تحتها لبنان».
وقال نادر: «بات يتم تمويل كل شيء من الكهرباء إلى البطاقات التمويلية التي يفترض أن توزع على المحتاجين وغيرها من احتياطي المصرف المركزي أي مما تبقى من الودائع وقد بدأ ذلك في فبراير (شباط) 2020 وهو ما أشار إليه تقرير (موديز) الأخير الذي تحدث عن أن الأموال التي يمكن استخدامها في «المركزي» نفدت في شهر فبراير من العام 2020 ما يعني أنه يتم اليوم استخدام مال خاص لتمويل خدمات عامة وهي أموال على طريق النفاد بظل غياب مصادر تمويل أخرى وعدم القدرة على جباية الضرائب خاصة في ظل استمرار دعم المحروقات ما يكلفنا ما بين ٤٠٠ و٥٠٠ مليون دولار شهريا». ورأى أن «سياسات الهروب إلى الأمام المعتمدة لا يمكن أن تستمر طويلا».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».