ليبيون يراهنون على «برلين 2» للتقريب بين الأطراف المنقسمة

أرجعوا بطء المسار السياسي إلى افتقاد البعثة الأممية لـ«أدوات ضغط»

عبد الحميد الدبيبة (رويترز)
عبد الحميد الدبيبة (رويترز)
TT
20

ليبيون يراهنون على «برلين 2» للتقريب بين الأطراف المنقسمة

عبد الحميد الدبيبة (رويترز)
عبد الحميد الدبيبة (رويترز)

رغم تحركات المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيش، على مسارات عدة لإنجاح الحل السياسي في البلاد، فإن بعض نواب البرلمان الليبي والمحللين يرجعون تباطؤ هذا المسار إلى افتقاد البعثة «أدوات الضغط» التي تمكنها من إنجاز هذه المهمة، ويراهنون في المقابل على «مؤتمر برلين 2» في تقارب الأطراف المنقسمة.
ورأت عضوة مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو رأس، أنه منذ تسلم كوبيش مهامه في فبراير (شباط) الماضي، وإلى الآن، عقد عديد الاجتماعات مع ممثلي القوى الليبية «لكن لم يتمخض عنها سوى تصريحات إعلامية متكررة بالالتزام بدعم إجراء الانتخابات في موعدها، قبل نهاية العام الجاري».
واستدركت أبو رأس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «نعم الواقع على الأرض صعب، والجميع بدأ يستفيق من نشوة التوافق، الذي حدث عقب مخرجات ملتقى الحوار السياسي بجينيف، لكن كوبيش في المقابل لم يستطع توظيف واستثمار ما هو موجود تحت يديه للضغط على الأطراف السياسية، ومن بين ذلك دور ملتقى الحوار وتأثيره».
ورأت أبو رأس أن كوبيش أسهم منذ البداية في إيجاد فجوة في علاقته بأعضاء الملتقى لاكتفائه باللقاءات الافتراضية، لكنه سارع مؤخراً، وفقاً لقولها، بإحالة مقترح القاعدة الدستورية، المقدم من اللجنة القانونية بالملتقى، إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «دون استكمال واف للنقاشات بشأن هذه القاعدة داخل الملتقى، ودون تضمين لكافة التوصيات، وبدا الأمر وكأنه يزيح كرة اللهب ويلقي بها بعيداً عنه».
وأبدت النائبة تفهمها لمقارنة البعض بين كوبيش والمبعوثة الأممية السابقة بالإنابة، ستيفاني ويليامز، على نحو يبرز تميز الأخيرة، وقالت موضحة: «ويليامز بذلت جهداً كمسؤولة لمحاولة حل الأزمة، في مقابل سلوك نمطي اتسم به كوبيش، ويقترب به تدريجياً من أداء المتفرج الذي يجلس بعيداً يراقب التوصل لنتائج».
وكان كوبيش خلال إفادته أمام مجلس الأمن الدولي في 20 من الشهر الماضي، قد حذر من أن جهود حل الأزمة الليبية تراوح مكانها، مما يؤثر على دفع عملية الانتقال السياسي.
لكن رغم إقراره بصعوبة الوضع الراهن، وعدم امتلاك المبعوث الأممي عصا سحرية لحل الأزمات، انتقد وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة المؤقتة السابقة، حسن الصغير، «تركيز البعثة على موعد الانتخابات، والتغافل عن قضايا أخرى ترتبط بها بشكل مباشر، وتعد ممهدة لها». واعتبر الصغير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «أن المقارنة بين ويليامز وكوبيش غير منصفة لدرجة كبيرة»، ورأى أن جنسية ويليامز الأميركية «أجبرت أطراف الصراع الليبي على الاستجابة لخطتها، وهو ما يفتقد إليه كوبيش السلوفاكي، فضلا عن عامل الوقت. فهناك أطراف كتنظيم (الإخوان) لم يعد يجدي معها أي طريقة أو وسيلة ضغط لإجبارها على الاستجابة للخطط الأممية».
وتوقع الصغير أن يعطي مؤتمر «برلين 2» دفعة لعمل المبعوث الأممي، معتبرا أنه لا يزال بإمكانه النجاح في مهمته، وإنهاء المرحلة التمهيدية «إذا ما استطاع المزاوجة بشكل صحيح بين ما تحصل عليه من دعم دولي، وبين الإرادة الليبية الساعية والمتطلعة لإنجاز الانتخابات».
في غضون ذلك، يأمل جل الليبيين في أن يحدث مؤتمر «برلين 2»، المزمع انعقاده في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، نقلة نوعية في المشهد السياسي، تعزز من موقف البعثة الأممية، وتسهم في التقريب بين الأفرقاء المنقسمين في البلاد.
أما المحلل السياسي، فرج فركاش، فرأى أن هناك «قصورا ما يشوب جهود المبعوث الأممي فيما يتعلق بتحقيق إجماع دولي لقضية توحيد المؤسسة العسكرية، وهي القضية التي تراوح مكانها منذ توقيع وقف إطلاق النار، رغم كونها مفتاح استقرار المرحلة الراهنة والمستقبلية».
وأوضح فركاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن توحيد المؤسسة العسكرية، الذي يتضمن تفكيك التشكيلات العسكري، وإعادة دمج من تتوافر به الشروط من عناصرها بالمؤسسات الأمنية الرسمية، «هو الضامن لإجراء الانتخابات، وتعزيز شفافيتها والثقة بنزاهة نتائجها، كما أنه سينعكس إيجابيا على ملف المصالحة الوطنية وأيضا إخراج المرتزقة».
وقال المحلل السياسي بهذا الخصوص: «على المبعوث الأممي، الذي يبدو وكأنه يتلمس خطواته بنوع من الهدوء والبطء، إيجاد مقاربة سريعة لنهج سابقته ويليامز ليتفادى تعزيز الفكرة المأخوذة عنه في بعض الأوساط الدبلوماسية بعدم فاعليته في تحقيق الأهداف المطلوبة».
وأشار فركاش إلى أن ويليامز «وإن استفادت بالفعل من دعم سفير أميركا لدى ليبيا، بالإضافة إلى خبرتها السابقة من العمل مع المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، إلا أنها اجتهدت في التواصل المباشر مع مختلف الأطراف الليبية، وشرائح عدة بالمجتمع خاصة الشباب، فضلاً عن اهتمامها بالمسارين الاقتصادي والعسكري».



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.