الشرعية تدعو الحوثيين إلى اغتنام مبادرات السلام

تصاعد التنديد المحلي والدولي بمجزرة الجماعة في مأرب

TT

الشرعية تدعو الحوثيين إلى اغتنام مبادرات السلام

وسط استمرار موجة الغضب اليمني والتنديد الدولي بالهجوم الحوثي المزدوج الذي أودى السبت الماضي بحياة 21 مدنياً على الأقل في مدينة مأرب، دعت الحكومة اليمنية الجماعة المدعومة من إيران إلى اغتنام مبادرات السلام وعدم تفويت الفرصة، بحسب ما جاء في تصريحات لوزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال لقائه في مسقط، أمس، وزير المكتب السلطاني الفريق أول سلطان بن محمد النعماني.
وفي حين حوّل آلاف الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي إحدى ضحايا الهجوم الحوثي على مأرب وهي طفلة تدعى ليان طاهر (5 سنوات) إلى أيقونة دالة على وحشية المجزرة التي ارتكبتها الجماعة، طالب حقوقيون بتحقيق دولي ومحاكمة قادة الجماعة وإدراجهم على قوائم الإرهاب الدولي.
وفي أحدث تنديد دولي بهذا الهجوم، قالت القائمة بأعمال السفير الأميركي في اليمن كاثي ويستلي في رسالة على «تويتر» إنها «تشعر بالصدمة المروعة»، مشددة على أنه «يجب أن ينتهي هذا العنف اللاإنساني». ودعت الحوثيين إلى «الموافقة على وقف فوري لإطلاق النار والعمل من أجل إحلال السلام في اليمن».
وكانت الميليشيات قصفت محطة للوقود في حي الروضة بمدينة مأرب بصاروخ باليستي وأتبعته بطائرة مسيرة مفخخة استهدفت سيارتي إسعاف، وهو ما تسبب في سقوط 17 قتيلاً مدنياً قبل أن يرتفع العدد إلى 21، بحسب ما أوردته مصادر رسمية.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية اليمني الداعية إلى السلام من العاصمة العمانية بالتزامن مع وجود وفد عُماني في صنعاء في سياق المساعي التي تقودها السلطنة لإقناع الجماعة الانقلابية بخطة الأمم المتحدة لوقف النار والشروع في تدابير إنسانية واقتصادية تمهد للعودة إلى مشاورات الحل السياسي.
وذكرت المصادر الرسمية أن بن مبارك بحث مع الوزير العماني «جهود السلام الإقليمية والدولية في ضوء المبادرة الأممية لإنهاء الحرب ووقف نزيف الدم اليمني والتنسيق بين البلدين في هذا الصدد». ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن وزير الخارجية اليمني أنه «أشاد بالدور الكبير الذي تلعبه سلطنة عمان وسعيها لتحقيق التسوية السياسية وتقريب وجهات النظر ودفعها بالجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب وآثارها الإنسانية، رغم التعنت والصلف الذي تبديه ميليشيات الحوثي في كل مرة وآخرها ارتكابها لمجزرة ضد المدنيين العزل في محطة وقود بمدينة مأرب وإطلاقها طائرات مسيرة مفخخة على الأراضي السعودية في مدينة خميس مشيط لتؤكد عدم جديتها في التعاطي مع الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات».
واعتبر بن مبارك أن «من الأهمية أن تغتنم الميليشيات الحوثية تلك المبادرات المتتالية لإحلال السلام وعدم تفويت الفرصة لما فيه مصلحة الشعب اليمني على ما سواها من الأجندات الأخرى وتحقيق الأمن والسلم في اليمن والمنطقة».
وأضاف أن «الحكومة قدمت الكثير من التنازلات منذ بدء الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي على الشعب اليمني وانقلابها على الشرعية الدستورية في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وما أعقبها من تدمير للمدن وتفاقم المعاناة الإنسانية، ما جعل اليمن يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم».
وعن رؤية الشرعية في بلاده للحل، قال بن مبارك إن «الحكومة ما زالت تمد يدها لتحقيق السلام العادل والشامل وفقاً للمرجعيات الثلاث، وتتعاطى بمسؤولية وحرص مع جميع الجهود الإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم وإنهاء معاناة المواطنين».
وكانت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية المدعومة من إيران أفادت السبت الماضي بوصول وفد من مكتب السلطان العماني إلى صنعاء برفقة المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام فليتة، فيما يعتقد مراقبون يمنيون أنها محاولة أخيرة من مسقط لإقناع زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي بالخطة الأممية التي اقترحها مارتن غريفيث.
وإذ تحوم الشكوك في الأوساط اليمنية حول عدم جدية الجماعة في التوصل إلى وقف شامل للنار بحسب الخطة الأممية المقترحة، توقع سياسيون يمنيون أن تنتهي المساعي العمانية كسابقاتها من قبل غريفيث والمبعوث الأميركي تيم لندركينغ الذي صرح أخيراً بتحميل الجماعة المسؤولية عن عدم الموافقة على وقف النار ودعم مسار السلام في البلاد.
ويأتي التحرك العماني بعد بيان للخارجية الأميركية ذكرت فيه أن الحوثيين «يتحملون مسؤولية كبيرة عن رفض الانخراط بشكل هادف في وقف إطلاق النار، واتخاذ خطوات لحل النزاع المستمر منذ ما يقرب من سبعة أعوام، والذي جلب معاناة لا يمكن تصورها للشعب اليمني».
وكان غريفيث زار صنعاء، الأسبوع الماضي، بعد قطيعة مع قادة الجماعة هناك دامت نحو 14 شهراً. وقال بعد الزيارة إنه حمل أفكاراً من زعيم الميليشيات لمناقشتها مع الشرعية، مع تلميحه إلى أن الحوثي لا يزال يرفض خطته لوقف النار ويتمسك برفع القيود عن المنافذ التي تتحكم بها ميليشياته، مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وفي أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أظهر عدم اكتراث بالمقترح الأممي والمساعي الدولية، لا سيما الأميركية، داعياً أتباعه إلى حشد المزيد من المقاتلين وجمع المزيد من الأموال للاستمرار في الحرب.
ورهن الحوثي حدوث أي سلام في اليمن برفع القيود عن المنافذ بما فيها مطار صنعاء وموانئ الحديدة، بعيداً عن الوقف الشامل للحرب. كما رهنها بتخلي تحالف دعم الشرعية عن الحكومة المعترف بها دولياً، بحسب ما فُهم من مجمل خطابه.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.