انطلاق الحملات الانتخابية الرئاسية رسميا في أفغانستان

بدأت أمس في أفغانستان رسميا حملة الانتخابات الرئاسية غداة اغتيال عضوين من فريق حملة عبد الله عبد الله المرشح في هذا الاقتراع، مما يكشف حجم المخاطر التي تحيط بهذا التصويت مع اقتراب موعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي. وقال سيد فاضل سانغشراكي المتحدث باسم عبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية بأن مسلحين «قتلوا الدكتور همدارد الذي كان رئيس فريق حملتنا في هرات إضافة إلى عضو آخر في الفريق». وأكد المتحدث باسم شرطة إقليم هرات عبد الرؤوف أحمدي أن رجلين يدعيان أحمد همدارد وشجاع الدين «قتلا في الدائرة الرابعة من المدينة هذا المساء».
وقال: إن «رجالا مسلحين أطلقوا النار عليهما وسط الشارع» ولاذوا بالفرار. ويعقد المرشحون لهذا الاقتراع تجمعاتهم الانتخابية الأولى. وقالت فريشتا محمودي الطالبة التي جاءت لحضور تجمع لعبد الله بأن «هذه الانتخابات مهمة
جدا لبلدنا». وأضافت: «جئت لأقول: إنني أريد المشاركة في الحملة رغم المشاكل الأمنية. إذا لم نصوت فقد نخسر كل التقدم الذي تحقق في السنوات الأخيرة وخصوصا في مجال حقوق المرأة». كما عقد أشرف غاني المرشح الآخر للاقتراع اجتماعا سياسيا في قاعة في كابل. وقال غاني في كلمته وسط تصفيق حاد من مؤيديه «نحن التغيير». ويتوقع أن يهيمن على هذه الحملة للانتخابات التي ستجرى في الخامس من أبريل (نيسان)، الخلاف بين كابل وواشنطن بشأن اتفاق على إبقاء قوة أميركية صغيرة بعد انسحاب القوات الأجنبية في 2014. وقد يفتح هذا الاتفاق الذي كان موضع نقاش صعب طيلة أشهر بين الحليفين، المجال أمام إبقاء عشرة آلاف جندي أميركي في أفغانستان، بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي التي تضم 58 ألف جندي. وفاجأ الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الذي يحكم أفغانستان منذ سقوط نظام طالبان في 2001 ولا يمكنه الترشح لولاية رئاسية ثالثة، واشنطن نهاية 2013 بإعلانه أن التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي لن يتم قبل الانتخابات الرئاسية وبشروط. وعبر عبد الله عبد الله مؤخرا عن الأسف مؤكدا أن «هذه المسألة تقلق الأفغان في حين أن ما يريدونه هو انتخابات سليمة». وأضاف: «من مصلحة أفغانستان التوقيع على الاتفاق الأمني الثنائي». ويخوض الحملة أحد عشر مرشحا في بلد ما زال يشهد أعمال عنف. وستفتح هذه الانتخابات صفحة جديدة في تاريخ أفغانستان التي شهدت تغييرا كبيرا لكن مؤسساتها ما زالت هشة وتواجه خطر التمرد المسلح لمقاتلي طالبان وغيرهم، الذين لم تفلح 12 سنة من الحرب وقوة الحلف الأطلسي وفي مقدمتها قوات الولايات المتحدة في القضاء عليهم. ولا تزال أعمال العنف متواصلة في هذا البلد المقسم بين قبائل وجماعات مسلحة وميليشيات، قالت الأمم المتحدة بأنها أسفرت عن مقتل 2730 مدنيا خلال الأشهر الـ11 الأولى من سنة 2013 أي بزيادة 10 في المائة عن 2012. وتستمر الحملة الانتخابية شهرين. ولم يهدد قائد حركة طالبان الملا عمر الاقتراع بشكل مباشر بينما لمح قياديون كبار في الحركة أنهم سيستهدفون الانتخابات.
وقال وحيد وفاء الخبير في جامعة كابل بأن «المرشحين لا يستطيعون أن يقوموا بحملة عادية» مشيرا إلى أن الأجواء أكثر توترا من حملة الانتخابات الرئاسية في 2009 التي تخللتها أعمال عنف وعمليات تزوير. وقال: «في 2009 كان بإمكان المرشحين لقاء الناخبين لأن طالبان لم يكونوا قادرين على التحرك بسهولة كما يفعلون اليوم».
وخلافا لسنة 2009 التي كانت نتائجها محسومة سلفا لمصلحة كرزاي، لا تبدو
نتائج هذه الانتخابات واضحة ويرجح أن تنظم دورة ثانية لها في نهاية مايو (أيار).
وبين المرشحين الأحد عشر يبدو المعارض عبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق الذي كان من رفاق سلاح القائد الراحل أحمد شاه مسعود الذي قاتل طالبان، الأوفر حظا للفوز بالانتخابات.
وقد يثأر لنفسه من نتيجة انتخابات 2009 عندما انسحب من الدورة الثانية بدلا من التنافس مع كرزاي احتجاجا على عملية تزوير مكثفة. ويتنافس أيضا في هذه الانتخابات أشرف غاني وزير المالية السابق وقيوم كرزاي شقيق كرزاي الأكبر وزلماي رسول وزير الخارجية السابق وعبد الرسول سياف وهو زعيم حرب سابق مثير للجدل. وتعتبر هذه الانتخابات اختبارا لاستقرار البلاد ومستقبلها والتدخل الأجنبي الذي أنفقت خلاله طيلة 12 سنة مليارات الدولارات من المساعدات. وسيتابع المجتمع الدولي عن كثب هذه الانتخابات الرئاسية بعدما جعل من حسن تنظيم الاقتراع أحد شروط استمرار مساعدته إلى أفغانستان أحد البلدان الأكثر فقرا في العالم.
ورفضت طالبان الانتخابات التي تجرى في الخامس من أبريل وصعدت بالفعل هجماتها لتخريبها. وسيتطلع المتشددون أيضا إلى الاستفادة إذا شهدت الانتخابات تزويرا وصراعا بين المتنافسين الساعين ليحلوا محل الرئيس حميد كرزاي الذي لا يمكنه ترشيح نفسه لفترة ولاية ثالثة بموجب القانون الأفغاني.
وأيا كان من سيخلف كرزاي فإنه سيرث بلدا يعاني قلاقل متزايدة بشأن الأوضاع الأمنية مع استعداد معظم القوات الأجنبية للانسحاب بحلول نهاية العام لتترك القوات الأفغانية بمفردها تواجه المتشددين. وفي نهاية يناير (كانون الثاني) شدد رئيس وفد الأمم المتحدة في أفغانستان يان كوبيس على ضرورة تنظيم انتخابات شفافة و«مكافحة التزوير» كي يتمتع الرئيس المقبل بالشرعية الضرورية لممارسة الحكم.
وقالت سفارة إحدى الدول بالعاصمة كابل في تقرير أمني سري في الآونة الأخيرة أن الهجمات التي تشهدها العاصمة كابل شهريا وصلت لأعلى مستوى لها منذ عام 2008. ومن المتوقع أن يركز المرشحون جهودهم على كسب أصوات
النساء والشباب. وقالت السفارة: «هذه الزيادة يمكن أن تعزى إلى الجهود المبذولة نحو الانتخابات الرئاسية». ويقول أفغان كثيرون بأنهم يتوخون الحذر. وقال فؤاد صالح الذي يعمل حلاقا في كابل نصحت بالفعل عائلتي بالحد من الانتقالات غير الضرورية وعدم حضور تجمعات كبيرة على الإطلاق. طالبان ستصل إلى أي حملة وسترد بعنف.