كرة القدم ومُلاك الأندية من المليارديرات غير المحبوبين

ما لم يُعَد توزيع ثروات اللعبة سيكون وجود «فاحشي الثراء» ضرورياً ولا يمكن الاستغناء عنهم

جماهير مانشستر يونايتد تواصل الاحتجاج ضد عائلة غليزر مالكة النادي (رويترز)
جماهير مانشستر يونايتد تواصل الاحتجاج ضد عائلة غليزر مالكة النادي (رويترز)
TT

كرة القدم ومُلاك الأندية من المليارديرات غير المحبوبين

جماهير مانشستر يونايتد تواصل الاحتجاج ضد عائلة غليزر مالكة النادي (رويترز)
جماهير مانشستر يونايتد تواصل الاحتجاج ضد عائلة غليزر مالكة النادي (رويترز)

سواء رأيت أن المظاهرات التي نظمها مشجعو مانشستر يونايتد في ملعب «أولد ترافورد» مؤخراً تعد إهانة شديدة للقانون والأخلاق، أو طريقة شرعية للمعارضة، أو تعبيراً علنياً أخيراً عن المظالم التي طال أمدها، فمن الواضح، وربما لأول مرة في كرة القدم الإنجليزية، أن هناك شعوراً حقيقياً بالتشدد بين المشجعين. وفي ظل تراجع الأندية الكبرى في الوقت الحالي، تبدو إمكانية التغيير حقيقية - أو على الأقل أكثر واقعية مما كانت عليه منذ سنوات.
ومن الملاحظ بالفعل أن الاحتجاجات الشديدة قد تركزت على الناديين الكبيرين اللذين لديهما كل الأسباب التي تجعل الجمهور يشعر بإحباط شديد من مُلاك الناديين. وتبدو أجواء التمرد والشحن خلال الأسابيع القليلة الماضية «متعددة الطبقات»، إن جاز التعبير. ويجب أن نشير إلى أن مشجعي مانشستر يونايتد وآرسنال لديهم مشاكل محددة مع ملاك الناديين من أصحاب المليارديرات الأميركيين، وأن هذه المشاكل تتجاوز مجرد عدم النجاح على أرض الملعب، وتغذي الإحساس الأوسع بأن كرة القدم تُنتزع من جذورها ومن الأشخاص الذين «تنتمي إليهم». قد تكون الخلافات بشأن كيفية تدعيم هذه الأندية لصفوفها أحد الأسباب التي تؤدي إلى إثارة هذا الغضب، لكن من الواضح أن هناك غضباً أكبر بشأن الطريقة التي تستولي بها «صناديق التحوط» والمليارديرات على أندية كرة القدم والمؤسسات الاجتماعية العظيمة غير المحمية، فيما يعد أبرز مثال على الرأسمالية الحديثة.
لقد أصبحت كرة القدم فجأة موضوعاً سياسياً نشطاً بطريقة لم تكن موجودة في بريطانيا منذ سنوات - ويحدث هذا في مرحلة حرجة، حيث يبدو أن عائدات حقوق بث المباريات محلياً قد بلغت ذروتها. وهناك كثير من الحديث عن نموذج «50 في المائة + 1» المتبع في ألمانيا، الذي يضمن مشاركة الجماهير في القرارات التي تتخذها الأندية. لا أحد، بالتأكيد، يعتقد أن زيادة تمثيل الجماهير في مجالس إدارات الأندية ستكون فكرة سيئة، لكن هذا ليس سوى جزء واحد فقط من المشكلة، كما يتضح من هيمنة بايرن ميونيخ على الساحة المحلية تماماً. ومن المؤكد أن تمثيل الجماهير في مجالس إدارات الأندية ستكون له أهمية محدودة دون الوصول إلى تسوية مالية جديدة.
لذلك، يتعين علينا أن نعود إلى الأساسيات. فمن المفترض أن معظم الجماهير تتقبل فكرة وجود عدد من أندية النخبة وعدد آخر من الأندية العادية، وبالتالي فإن فكرة وجود 92 فريقاً في دوريات المحترفين بموارد مالية متساوية تماماً ليست مجرد فكرة غير عملية فحسب، لكنها مملة أيضاً. ويعرف الجميع أن الأندية الكبيرة لديها بريق خاص، وتُمتع الجميع بكرة القدم الجميلة والمثيرة التي تقدمها، وتكون لديها فرصة أكبر لتحقيق الفوز على المنافسين، كما أن أندية مثل مانشستر يونايتد وآرسنال لها تاريخ طويل في عالم كرة القدم بسبب الإنجازات الكبيرة التي حققتها على مدار سنوات طويلة.
لكن ما عدد أندية النخبة التي يجب أن تكون في كرة القدم الإنجليزية، وكيف يجب أن تكون أندية النخبة هذه؟ من الناحية التاريخية، كانت الأندية الإنجليزية العملاقة أقل هيمنة على الساحة المحلية من أي مكان آخر، والدليل على ذلك أن مانشستر يونايتد هو النادي الأكثر نجاحاً في تاريخ الدوري الإنجليزي، لكنه لم يفز إلا بـ20 لقباً للمسابقة، أي ما يقرب من 16 في المائة من عدد بطولات الدوري منذ انطلاقه. وفي المقابل، فاز بايرن ميونيخ بأكثر من نصف ألقاب الدوري الألماني الممتاز، ويوفنتوس بـ38 في المائة من ألقاب الدوري الإيطالي الممتاز، وريال مدريد بالنسبة نفسها تقريباً من ألقاب الدوري الإسباني الممتاز.
لكن هذا ليس سوى مقياس واحد من مقاييس القدرة على التنافس. فما الشكل الأمثل؟ ربما لا توجد إجابة صحيحة عن هذا السؤال. إن وجود ناديين كبيرين أو أربعة أو ستة أندية كبيرة لا يفيد بالضرورة المسابقة. وتُفرط أندية دوري الدرجة الأولى في إنجلترا في سد الفجوة بينها وبين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تحصل الأندية التي تهبط من الدوري الإنجليزي الممتاز على دعم مالي كبير يساعدها في المنافسة على الصعود مرة أخرى، وبالتالي يؤدي كل هذا إلى إحداث فجوة كبيرة بين أندية دوري الدرجة الأولى ودوري الدرجة الثانية.
لكن هناك مشكلة أساسية هنا، وهي أن الفريق الذي يحقق الفوز يحصل على مزيد من الجوائز المالية، ويحصل على عائدات أكبر من بيع تذاكر المباريات، ويكسب مزيداً من عائدات البث التلفزيوني، وبذلك يضمن هذا النادي تحقيق النجاح بشكل مستمر ومستدام، لأنه يمكنه شراء لاعبين أفضل، وهذا بدوره يجعله أكثر جاذبية للجماهير، ما يدر مزيداً من الأموال للاستثمار، وهكذا. وإذا لم تنجح أندية النخبة في تحقيق هذا النجاح المستمر، فإنها تحصل على دعم مالي، ولهذا السبب كانت الأندية التي تقام المباريات على ملاعبها في إنجلترا - حتى عام 1983 - تعطي 25 في المائة من عائدات بيع تذاكر المباريات للأندية الضيفة، وهو شكل من أشكال إعادة توزيع الموارد والأموال، بهدف تقليل الفجوة بين الأندية الصغيرة والأندية الكبيرة.
من السهل ازدراء الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن الاستثمارات الكبيرة التي حققها بعد انطلاقه أدت إلى تحسين المرافق وتطوير كرة القدم بشكل جذري. لكن إلى أي مدى سيكون الجمهور مستعداً للتضحية بذلك من أجل اتباع نموذج أكثر إنصافاً؟ وإلى أي مدى ينبغي أن يكون لنادٍ مثل مانسفيلد رأي في شؤون مانشستر يونايتد؟ وهل كان إنقاذ نادٍ مثل بيري من الإفلاس يستحق أن تكون أندية النخبة أقل قدرة على منافسة نادٍ آخر عملاق مثل برشلونة؟
إن وجود المُلاك الأثرياء من الخارج، والذين يشعرون في الواقع أن الأندية لا تحتاج إلى تحقيق إيراداتها من خلال كرة القدم، يزيد الأمور تعقيداً. لكن مسألة إعادة توزيع الموارد والأموال مهمة للغاية.
لقد كان هناك كثير من الحديث عن التضامن مع الأندية الصغيرة، لكن ما لم تتم معالجة مشكلة «النجاح المستدام» التي أشرنا إليها سابقاً، وما لم يواجه مشجعو الأندية الكبرى مسألة الدعم وإعادة توزيع الموارد، فإن الجماهير الساخطة تأمل فقط في رحيل بعض الملاك من المليارديرات واستبدال مليارديرات جدد بهم! وبالتالي، تكمن المشكلة الكبرى في أن أصحاب المليارات أصبح وجودهم ضرورياً في المقام الأول!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».