روسيا: «التحشيد» الأميركي يضر بـ«فرص الحل السياسي» في سوريا

«داعش» يقتل 23 من قوات النظام في البادية

فرقة موسيقية روسية خلال مشاركتها في عرض بالمدينة القديمة من دمشق مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
فرقة موسيقية روسية خلال مشاركتها في عرض بالمدينة القديمة من دمشق مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

روسيا: «التحشيد» الأميركي يضر بـ«فرص الحل السياسي» في سوريا

فرقة موسيقية روسية خلال مشاركتها في عرض بالمدينة القديمة من دمشق مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
فرقة موسيقية روسية خلال مشاركتها في عرض بالمدينة القديمة من دمشق مساء أول من أمس (إ.ب.أ)

وجهت روسيا انتقادات، أمس، لنشاط التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة شرق سوريا، معربة عن قلقها لنقل مزيد من الأعتدة العسكرية إلى منطقة الجزيرة شمال شرقي البلاد. وجاء الموقف الروسي في وقت واصلت «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة أميركياً، حملاتها ضد خلايا تنظيم «داعش» شرق الفرات، فيما واصل هذا التنظيم المتطرف نشاطه المتزايد في البادية غرب نهر الفرات، موقعاً مزيداً من القتلى في صفوف قوات النظام السوري وحلفائه.
وأفاد تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، في تقرير، أمس، بأن وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» نفذت عملية أمنية في قرية بلالية التابعة لناحية الشدادي بريف الحسكة (شمال شرقي سوريا)، واعتقلت أحد أمراء تنظيم «داعش»، وصادرت سلاحه وجهاز هاتف وعدداً من الوثائق التي كانت لديه. ولم يوضح التقرير هوية هذا القيادي في «داعش»، علماً بأن خلايا التنظيم نفذت في الشهور الماضية هجمات واغتيالات طالت خصوصاً المتعاونين مع «قوات سوريا الديمقراطية» من سكان مناطق شرق الفرات.
وتزامن ذلك مع إعراب وزارة الدفاع الروسية عن قلقها من تكثيف «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة لأعمال نقل المعدات العسكرية إلى مناطق انتشاره في الجزيرة السورية. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مركز التنسيق الروسي في حميميم باللاذقية (غرب سوريا)، أن التحالف الذي تقوده واشنطن كثف أخيراً «حدة النقل الجوي للبضائع العسكرية والتحركات البرية للقوافل العسكرية إلى المنطقة الشرقية للجمهورية العربية السورية، الأمر الذي يبعث للقلق». ولفت المركز الروسي إلى أن «مثل ذلك التحشيد العسكري، بالتزامن مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي الطارئ الناجم عن الحصار الأميركي الخانق، يسبب ضرراً بالغاً بفرص الحل السياسي للأزمة في سوريا». ولفتت «سانا» إلى أن روسيا أمس أيضاً أعادت «التأكيد أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا غير شرعي وانتهاك للقوانين الدولية».
ويأتي هذا الموقف الروسي قبل أيام من قمة مرتقبة تستضيفها مدينة جنيف السويسرية بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس جو بايدن، حيث ستكون سوريا، على الأرجح، أحد محاور النقاشات بينهما، من بين العديد من ملفات الخلاف بين البلدين.
في غضون ذلك، واصل تنظيم «داعش» تسجيل حضوره المتزايد في البادية السورية، موقعاً خسائر جديدة في صفوف قوات النظام السوري وحلفائه، على رغم شن طائرات حربية روسية ما لا يقل عن 20 غارة على مواقع التنظيم المتطرف في هذه المنطقة مترامية الأطراف.
وذكر تقرير لـ«المرصد السوري» أن 23 عنصراً من قوات النظام قُتلوا خلال اليومين الماضيين في مناطق متفرقة من البادية السورية، بكمائن وألغام لخلايا تنظيم «داعش» المنتشرة في بادية حمص الشرقية مروراً ببادية حماة ودير الزور ووصولاً إلى بادية الرقة. وأوضح أن من بين القتلى الـ23 ضابطاً في «الحرس الثوري» الإيراني ومرافقه من الجنسية الإيرانية، حيث جرى استهدافهما بالأسلحة الرشاشة من قِبل عناصر التنظيم أثناء مرورهما على الطريق تدمر - دير الزور وسط سوريا. ويأتي ذلك على رغم تنفيذ الطائرات الحربية السورية لنحو 24 غارة جوية على مناطق متفرقة من البادية السورية خلال الـ48 ساعة الأخيرة، فضلاً عن عمليات التمشيط اليومية التي تجريها قوات النظام برفقة المسلحين الموالين لها في البادية، حسب تقرير «المرصد».
وأشار «المرصد» في تقرير آخر إلى أن لغماً أرضياً من مخلفات خلايا «داعش» انفجر بمجموعة من عناصر قوات النظام أثناء عملية تمشيط بحثاً عن خلايا التنظيم في منطقة وادي أبيض ببادية السخنة شرق حمص، ما أسفر عن مقتل ثلاثة من قوات النظام وإصابة اثنين آخرين.
وشن تنظيم «داعش» هجوماً فجر الجمعة على مواقع ونقاط لقوات النظام والميليشيات الموالية لها في منطقة فيضة ابن موينع ضمن بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث دارت اشتباكات استخدمت فيها قوات النظام القذائف الصاروخية في محاولة لصد الهجوم. وأوضح «المرصد» أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 5 من قوات النظام والمسلحين الموالين، بالإضافة لمقتل اثنين من عناصر التنظيم. وأشار التقرير أيضاً إلى مقتل 7 من قوات النظام والمسلحين الموالين بينهم ضابط برتبة عميد، في هجوم مباغت لعناصر «داعش» في بادية السخنة بأقصى ريف حمص الشرقي قرب الحدود الإدارية مع دير الزور. وقُتل ثلاثة من عناصر «داعش» في هذه العملية المباغتة، حسب «المرصد».
وبذلك بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الفترة الممتدة من 24 مارس (آذار) 2019 وحتى اليوم، وفق إحصاءات «المرصد»، 1458 قتيلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية، من بينهم اثنان من الروس على الأقل، بالإضافة لـ152 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم «داعش» غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء وحماة وحلب. كما وثق «المرصد» مقتل 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز وعشرات الرعاة والمدنيين الآخرين بينهم أطفال ونساء في هجمات «داعش» الذي قُتل من عناصره 968 فرداً خلال الفترة ذاتها.
وبالنسبة إلى الأوضاع في شمال غربي سوريا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن التنظيمات المسلحة المنتشرة في «منطقة خفض التصعيد» بإدلب نفذت «39 اعتداء» خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حسب ما أوردت «سانا» التي نقلت عن نائب مدير مركز التنسيق الروسي في حميميم قوله إنه «تم رصد 39 اعتداء من الأراضي التي ينتشر فيها إرهابيو تنظيم (جبهة النصرة) بينها 21 اعتداء في إدلب و10 في اللاذقية و4 في حماة و4 في حلب».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.