إردوغان ينفذ تهديده باستهداف مخيم للاجئين شمال العراق

«درون» تركية أوقعت ثلاثة قتلى في «مخمور»... ومقتل 5 من البيشمركة في كمين لـ«العمال الكردستاني»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
TT

إردوغان ينفذ تهديده باستهداف مخيم للاجئين شمال العراق

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

قتل ثلاثة مدنيين وأصيب اثنان بجروح إثر قصف تركي على مخيم مخمور في محافظة نينوى شمال العراق، فيما قُتل 5 من قوات البيشمركة الكردية في كمين لـ«حزب العمال الكردستاني» بمحافظة دهوك في إقليم كردستان.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النائب الكردي رشاد جلالي أن طائرة تركية قامت «بقصف حديقة للأطفال واقعة قرب مدرسة» في المخيم الذي يضمّ لاجئين أكراداً من تركيا وتقول أنقرة إنه يؤوي عناصر من «حزب العمال الكردستاني». بدوره، أفاد الحزب عن قصف طائرة مسيرة المخيم.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدد قبل أيام بـ«تنظيف» هذا المخيم. وقال إردوغان: «مخمور بات حاضنة لقنديل»، مقر قيادة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، مؤكداً أنه «إذا لم نتدخل، فستواصل تلك الحاضنة الإنتاج (إرهابيين)». وأضاف: "نتحدّث مع جميع اللاعبين (...) إذا لم تقم الأمم المتحدة بتنظيف هذا المكان، فسنتولى نحن تلك المهمة بصفتنا أعضاء في الأمم المتحدة».
وتقوم أنقرة مراراً بعمليات قصف لشمال العراق لملاحقة مقاتلي «العمال الكردستاني» المصنف إرهابياً من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي وواشنطن.
وجاء الاستهداف التركي لمخيم مخمور بعد ساعات من مقتل خمسة عناصر من مقاتلي البيشمركة في إقليم كردستان في كمين لحزب العمال الكردستاني، على ما صرّح وكيل وزارة البيشمركة في الإقليم لصحافيين.
وأوضح سربست لزكين أن الكمين وقع في جبل متين في محافظة دهوك.
ودعت وزارة البيشمركة، في بيان، تعقيباً على الحادث، الحكومة العراقية إلى التدخل الفوري، لمنع التحركات العسكرية والهجمات المتواصلة للقوات التركية، كما طالب حزب العمال الكردستاني باحترام حدود وسيادة أرض إقليم كردستان وإبعاد الحرب عنه. وقالت الوزارة، في بيانها الذي أوردته شبكة «رووداو الإعلامية»: «تعرضت قافلة لقوات البيشمركة لاستهداف غير مبرر من قبل قوة من مقاتلي حزب العمال، أسفرت عن استشهاد 5 من قوات البيشمركة وجرح 7 آخرين». وأضاف البيان أن «مقاتلي حزب العمال الكردستاني استخدموا الأسلحة الخفيفة والثقيلة في هجومهم، وذلك أثناء توجه قوة من البيشمركة للحدود، بهدف حماية الأمن والاستقرار في المنطقة، مثل باقي المناطق الحدودية لإقليم كردستان، حيث ترى قوات البيشمركة أنه من حقها التحرك والتمحور في الأوقات التي تستوجب ذلك».
وأدانت وزارة البيشمركة الهجوم بشدة، وحذّرت من أن «الوضع الحساس لإقليم كردستان، لا يتطلب زجه في أوضاع مماثلة، ويجب منع اعتداءات حزب العمال، وإيقاف جميع الهجمات، على قوات البيشمركة التي تقوم بواجبها الرئيسي في حماية أرض إقليم كردستان وهزيمة داعش».
من جهتها، بررت قوات الدفاع الشعبي، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، في بيان الكمين، بـ«وجود تحرك لقوات البيشمركة إلى مناطق نفوذنا في جبال متين»، معتبرةً «التحرك بمثابة طعنة في الظهر». وأكدت: «لن نقبل أي تحرك لقوات البيشمركة في مناطق سيطرتنا، لا سيما أنها منطقة حرب بيننا وبين القوات التركية التي تريد احتلال إقليم كردستان انطلاقاً من تلك المناطق».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.