باريس تتدخل لدى باسيل للتعامل إيجابياً مع طروحات بري

TT

باريس تتدخل لدى باسيل للتعامل إيجابياً مع طروحات بري

لم يعد لدى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ما يقدّمه كما ينقل عنه عدد من زواره، بعد أن توافق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الإطار العام لتشكيل الحكومة إصراراً منه على توفير كل الدعم لمبادرته الإنقاذية لإخراج عملية التأليف من المراوحة، وبالتالي فهو ينتظر ما سيقرر بري في ضوء تلقّيه الجواب النهائي من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل رداً على ما طرحه عليه معاونه السياسي النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، في حضور مسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا في اللقاء الذي جمعهم في بعبدا.
فالحريري لن يتفرد في اتخاذ أي موقف من دون التنسيق مع بري ورؤساء الحكومات السابقين بعد أن يطلع من رئيس المجلس على جواب باسيل الذي طلب إمهاله لدراسة العرض الذي تلقاه من الخليلين وفيه التصور النهائي لتشكيل حكومة من 24 وزيراً لا ثلث ضامناً فيها لأي فريق، وهذا ما يشكل ركيزة للتلاقي مع بري.
مع أن بري تجاوب مع باسيل - كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» - في تمديد المهلة لإعطائه الجواب النهائي على مبادرته، ليكون في وسع الحريري أن يبني على الشيء مقتضاه، فإن الأخير قدّم كل التسهيلات لرئيس المجلس بما فيها مبادرته إلى إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف بشكل عادل ومتوازن من دون أن يدخل في تسمية الوزراء الذين سيشغلونها.
ولفت المصدر السياسي إلى أنه لم تعد هناك مشكلة تتعلق بوزارتي الداخلية والعدل، وأن المشكلة المتبقية محصورة في تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين يعود للحريري تسميتهما باختيار اسمين حياديين لقطع الطريق على باسيل في الحصول على الثلث الضامن أو المعطل، وقال إن رئيس الجمهورية ميشال عون ينأى بنفسه عن التدخل، تاركاً «الإمرة» لباسيل في اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً.
واعتبر المصدر نفسه أن البيان الذي صدر عن الهيئة الإعلامية في «التيار الوطني» وتحدث فيه بإيجابية عن لقاء باسيل بالخليلين لا يعكس الأجواء «المكهربة» التي سادته، وهذا باعتراف قيادي بارز في الثنائي الشيعي الذي كشف أن المفاوضات اتسمت بتوتر ملحوظ بين باسيل والنائب خليل.
ورأى أن باسيل سارع إلى تطويق التوتر من دون أن يفلح في حجبه عن وسائل الإعلام، رغم أنه حاول أن يضفي الإيجابية على اللقاء، وعزا السبب إلى أمرين: الأول لاسترضاء حليفه «حزب الله» الذي تدخّل فور انفضاض اللقاء معاتباً إياه على تعاطيه السلبي مع مبادرة بري، بعد أن دعا أمينه العام حسن نصرالله للاستعانة به، مبدياً استعداده لمساعدته لتسريع تشكيل الحكومة.
أما الأمر الثاني - بحسب المصدر - فيعود إلى دخول باريس على خط الاتصالات من خلال أعضاء خلية الأزمة التي شكلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأوكل إليها التدخل لدى الأطراف التي شاركت في لقاء قصر الصنوبر الذي عُقد برعايته والذين سارعوا للاتصال برئيس المجلس للوقوف منه على ما انتهى لقاء باسيل والخليلين.
وكشف أن أعضاء الخلية تلقوا الخبر اليقين من بري، وهذا ما يكمن في تواصلهم مع باسيل الذي تبين أنه كان في موقع الدفاع عن النفس ليبادر لاحقاً إلى الحديث بإيجابية عن لقائه بالخليلين لتفادي دخوله في اشتباك سياسي مع باريس، وقال إن انقلاب باسيل على موقفه لا ينم عن رغبته بسحب السلبية التي سادت اللقاء من التداول بمقدار ما أنه أراد أن يؤدي واجباته حيال باريس لئلا يتم التعاطي معه على أنه لا يزال يعطّل الجهود الرامية لتشكيل الحكومة وصولاً إلى تبرئة فريقه السياسي من العقوبات الفرنسية التي وُضعت حالياً على نار حامية، وإن كانت لم ترَ النور حتى الساعة.
واعتبر أن بري وافق على تمديد الفرصة لباسيل نزولاً عند رغبة باريس التي أمهلت الأخير لعله يراجع مواقفه باتجاه الانخراط في مسعاها لإنقاذ لبنان باعتماد المبادرة الفرنسية، وأكد أن تلويح «التيار الوطني» باستقالة نوابه من البرلمان لن يصرف في مكان، لأنه لم يبقَ من عمر المجلس النيابي سوى 11 شهراً، ولا بد من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وقال إن باسيل يراهن على شراء الوقت لدفع الحريري للاعتذار انطلاقاً من تقديره بأن الحراك الدائر في المنطقة وصولاً إلى المفاوضات الجارية في فيينا بين واشنطن وطهران ستصب لمصلحته وتتيح له الفرصة ليعيد تلميع صورته كمرشح لرئاسة الجمهورية من جهة ويستعيد نفوذه في الشارع المسيحي، وكأن لا هم لدى كل هؤلاء سوى وضع أنفسهم بتصرف باسيل لتمكينه من أن يعيد إنتاج نفسه سياسياً.
لذلك، فإن الحريري ينتظر بري الذي ينتظر بدوره باسيل، وكل ما يقال عن استعداده لاتخاذ هذه الخطوة أو تلك يبقى سابقاً لأوانه لأنه لن يتفرّد بموقف إلا بعد التنسيق مع رئيس المجلس.
وعليه، فإن بري يتمسك بمبادرته المدعومة دولياً ومحلياً وبالحريري رئيساً للحكومة، ويبقى على باسيل أن يقرر في ضوء اشتداد الضغوط الفرنسية عليه التجاوب معها، لأن باريس تنظر إليه على أن قرار الحل والربط في يده وليس في مكان آخر.



انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.