معرض الرياض للكتاب: لن نسمح لأي جهة بسحب الكتب وفق رؤى شخصية

ينطلق الأربعاء المقبل تحت شعار «الكتاب.. تعايش».. وجنوب أفريقيا ضيف الشرف

جانب من المؤتمر الصحافي عن معرض الرياض الدولي للكتاب
جانب من المؤتمر الصحافي عن معرض الرياض الدولي للكتاب
TT

معرض الرياض للكتاب: لن نسمح لأي جهة بسحب الكتب وفق رؤى شخصية

جانب من المؤتمر الصحافي عن معرض الرياض الدولي للكتاب
جانب من المؤتمر الصحافي عن معرض الرياض الدولي للكتاب

وجه المسؤولون عن معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي ينطلق يوم الأربعاء المقبل، بمشاركة 915 دار نشر وهيئة ومؤسسة من 29 دولة، تحذيرا مباشرا من إحداث الفوضى داخل أروقته والأجنحة ودور النشر المشاركة، من خلال قيام أفراد بمنع بيع الكتب أو مصادرتها، بسبب ملاحظات شخصية من قبلهم عن محتويات هذه الكتب، أو مصادرتها كما حدث في الأعوام الماضية، مؤكدين أن عناوين الكتب المعروضة خضعت للرقابة التي تقوم على الوسطية وأن الأصل في الكتاب هو الفسح، والعبرة في القوائم ألا يكون عليها ملاحظات من قبل الرقابة.
وتنطلق يوم الأربعاء المقبل 4 مارس (آذار) الحالي، في الرياض، فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام، وتستمر لمدة 10 أيام، تحت شعار «الكتاب.. تعايش»، وستكون دولة جنوب أفريقيا ضيف شرف المعرض لهذا العام. وتشهد الدورة ندوتين؛ إحداهما عن جهود الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في تحقيق التعايش، والثانية عن الملك سلمان وصناعة الثقافة.
وأكد الدكتور ناصر بن صالح الحجيلان، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية والمشرف العام على معرض الرياض الدولي للكتاب، في مؤتمر صحافي عقد، أمس، في مركز الملك فهد الثقافي، أن «الاختلافات عنصر ثراء من خلال الحوار، وأن التصادم والجدل والخصام لا مكان لها لتحقيق التعايش»، لافتا إلى أن شعار المعرض لهذا العام، وهو «الكتاب.. تعايش»، له دلالات بهدف جعل التعايش مطلبا في كل مناحي حياتنا.
وأشار إلى أن هناك تناغما بين هذا الشعار واختيار جنوب أفريقيا ضيف شرف لهذا المعرض، حيث تمثل هذه الدولة الأفريقية نموذجا للتعايش، بسبب الأحداث التي مرت بها هذه الدولة، وخرجت منها بسلام، وأصبحت دولة يشار إليها وإلى رئيسها الراحل نيلسون مانديلا بالبنان.
وشدد الحجيلان على أن فعاليات المعرض لهذا العام متفقة مع سياق شعاره، من خلال ندوات: «الثقافة موجهة للتنمية»، و«الإسلام والتعايش»، و«الثقافة في جنوب أفريقيا: جذورها وروافدها»، و«جهود الملك عبد العزيز في تحقيق التعايش»، وندوة «الشباب والفنون: دعوة للتعايش والقانون»، هذا بخلاف الفعاليات الأخرى المتعلقة بالتشريعات وحقوق الملكية الفكرية، والأدب السعودي مترجما، وصناعة النشر في السعودية، وندوة تعزيز الانتماء الوطني.
وأكد المشاركون في المؤتمر الصحافي، وهم: الدكتور عبد العزيز العقيل المشرف على الإعلام الداخلي، والدكتور صالح الغامدي مدير المعرض، والدكتور جبريل العريشي، رئيس اللجنة الثقافية للمعرض، وعبد الله الكناني، مساعد مدير المعرض، أن الرقابة داخل المعرض تقوم على الوسطية، وأن الأصل في الكتاب يقوم على الفسح، وأن العبرة في قوائم وعناوين الكتب التي تشارك في المعرض التي يصل عددها إلى 600 ألف عنوان، ألا يكون عليها ملاحظات تمس الثوابات الدينية والسياسية.
وشدد المتحدثون في المؤتمر الصحافي، على أن المعرض لن يسمح لأي جهة بسحب الكتب من دور النشر، أو منع بيعها لاجتهادات ورؤى شخصية، أو القيام بإحداث الفوضى داخل المعرض لمنع عرض هذه الكتب أو بيعها، مستدركين بالقول «توجد بطاقات واستمارات تسجل من خلالها ملاحظات الزوار عن طبيعة الكتب المعروضة والمباعة ليجري دراستها والتأكد من محتواها، ومدى وجاهة هذه الملاحظات».



قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب
TT

قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب

(١)

حين تركنا الأوراق البيضاء

ورحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

لم يظهر ماذا يعني أن يرتبك الشاعر فوق الكلمات

أن يشطب مفردةً ويعيد صياغتها

ويعود إليها ثانيةً

ويحاول ثالثةً

ويخطَّ الخطَّ المائل فوق الكلمة

أو يرسم دائرة

ويشخبط فوق الأسطر ممتلئاً بالحزن وبالعبرات

مذ رحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

جفَّتْ أنهارٌ كثرٌ

وانسحبت من أقدام الشعراء الطرقات

الحاسوب صديق كهولتنا

جفف ما كنا نحمله من نزق العشاق المنسيين

على الشرفات

لا نعرف من أين نعود إلينا

نحن القديسين بلا صلوات

(٢)

قبل ثلاثين سنة

قالوا إن الحاسوب سيدخل قريتكم

وسيكفينا نزق الطباعين على الآلات

صفقنا للحاسوب القادم نحو منازلنا

وبدأنا نتحسسه

ونصادقه

ونبوح له بالأسرارْ

من يفتح هذا الغيب الغامض في شغفٍ

ويميط السر عن الأزرارْ؟

كيف سندخل هذا الصندوق الأسود؟

كيف نبوح له؟

وبماذا نكتب حيرتنا؟

ونشد العمر على الأسوارْ

يا حاسوب الدنيا حاول أن تأخذنا في رفقٍ

لتدلَّ عليك

حاول أن تفتح في هذي الظلمة عينيك

نحن البدو الرُحَّل منذ سنينَ عجافٍ

ننطر في هذا البرد القارس

دفء يديك

يا حاسوب الدنيا

ماذا يجري؟؟؟

بايعناك

ورافقناك

وضعنا فيك طويلاً

ضعنا فيك

لكنا حين أردنا أن نوقف حيرتنا المرة

ضعنا ثانيةً

وصرخنا خلفك

يا حاسوب الدنيا انتظر الناس قليلاً

فلقد جفَّ العمر على الشاشة

منكسراً وخجولا

ما عاد لنا في هذا العالم إلاك رسولا

لكنا يا حاسوب العمر

ذبلنا فوق الشاشات طويلا

وستأكلنا الوحشة

تأكلنا الوحشة

والتيه يمد يديه دليلا

ونعود من الحاسوب ضحايا منفردين

قتيلاً في الصحراء يدلُّ قتيلا

(٣)

بعد ثلاثين مضت

شاخ الحاسوب

وأنجب أطفالاً في حجم الكف

الحاسوب الآن يشيخ ويترك للناس صغاره

الحاسوب انتصر اليوم علينا

وقريباً جداً سوف يزفُّ لكل العالم

أجراس بشاره

الكل سيترك مخدعه ودياره

لا عائلةٌ تبقى

لا أطفال

الكل يقول ابتعد الآن

فقط الوحشة تطبق فكيها

وتصيح

تعالْ

المنزل ممتلئٌ بالأطفالْ

لكنَّ الأدغالْ

تمتد على الشرفات وفوق الأسطح

بين السكَّر في أقداح الشاي

وحدي أشربه ممتلئاً بالغربة

حتى حوَّلني الحاسوب

لبحِّة ناي

(٤)

لستُ وحيداً

لكني ممتلئٌ بالغربة يا الله

البيت الدافئ ممتلئٌ بالأولاد

صبيانٌ وبناتْ

ومعي امرأتي أيضاً

لكنا منفيون بهذا البيت الدافئ

* النص الكامل على الانترنتمنفيون

الكلمات تشحُّ علينا

اصرخ يومياً

يا أولاد تعالوا

لكنَّ الأولاد بعيدون

بعيدون

البيتُ الضيِّقُ يجمعنا

لكنَّا منفيِّون

ومنعزلون

جزرٌ تتباعد عن أخرى

وقلوبٌ ليس لهنَّ عيون

(٥)

ما أسعدني

يوم ذهبتُ إلى السوق وحيداً

أبتاع الحاسوب

وأرقص في فرحٍ

منتشياً بشراء صديقٍ

يتقاسم أفكاري وحياتي

هيأتُ له منضدةً في زاوية البيت

وبقيتُ أداريه مساءً وصباحا

حتى صار فتىً من فتيان البيت

أخاف عليه من الحمى

وأجسُّ حرارته

وأعدُّ له أكواب القهوة والشاي إذا صاحا

ماذا يحتاج الحاسوب صديقي أو ولدي؟

الشحن بطيء...؟

غيّرتُ الشاحن في غمضة عين

الحاسوب مريض...؟

رحتُ سريعاً أركض فيه إلى الجيران أو المستشفى

حيث الخبراء

يتلمس كلٌّ منهم زراً من أزرار الحاسوب المتعبْ

قالوا يا مجنون

خففْ عن كاهله الكلمات

أثقلتَ الحائط بالصرخات

وملأتَ السطح الأزرق

دمعاً ودماً وعويلَ محطات

(٦)

ماذا نصنع؟

هذا الحاسوب مريضٌ جداً

لا بدَّ له من وقتٍ كي يرتاح

لا بدَّ لهذي الجُملِ الملغومةِ أنْ تنزاح

عن صدر الحاسوب

لكي يغفو مبتهحاً

بفراغ الحائط

مكتفياً بالغابات المحروقة

في صدر الشاعر

أو بالحزن النابت في الأرواح

الحاسوب مريضٌ هذي الليلة يا أشباح

ماذا نفعل والروح معلقةٌ

بالشاحن والمفتاح

ولهذا رحنا نمسحُ آلاف الكلمات

ونزيح برفقٍ عن كاهله

ما تركته الروح من الكدمات

كي يرتاح الحاسوب

مسحنا ذاكرة كاملة

وغناءً عذباً

وبكاء أميرات

كي يرتاح الكلب ابن الكلب

ويضحك منتصراً

رحنا نصرخ مهزومين ومندحرين

الحاسوب سيعلن دولته الكبرى

وسنأتيه سبايا منكسرين

(٧)

مسح الحاسوب بضغطة زر واحدة

آلاف الكلمات

الذاكرة انطفأت هذي الليلة

كي يغفو الحاسوب بلا صرخات

ماذا يعني

أن تشطب أياماً

وتحيل قصائد للنسيان

هذا العالم محكومٌ في ضغط زرٍ

والإنسان بلا إنسان

(٨)

كتب الأجداد على الطين حكايتهم

وكتبنا نحن على الحاسوب حكايتنا

ومضوا

ومضينا

واختلف الدرب علينا

لا نحن حفظنا

ما كتب الأجداد

ولا الحاسوب الأخرس

ردَّ العمر إلينا

يا ضيعتنا

يوم نسينا

في عمق البحر يدينا

(٩)

أعلنا نحن المسبيين هزيمتنا

وكسرنا آخر أقلام الليل

والمسودَّات انهزمت

ومزاج الأوراق تغير

من يقنع هذي الشاشة

أني أكتب شعراً

وبأني أبكي فوق الأوراق طويلاً

كي يخرج سطرٌ

ممتلئٌ بالأطفال

والآن كما تبصر

آلاف الكلمات تجيء وتذهب

فوق الشاشة

والأطفال الموتى

يختبئون وراء الشاشة

أيقوناتٍ

وينامون على الأدغال

هذا عصرك يا ابن رغال

فاستعجل

من أبطأ خطوك؟

والكل يصيح عليك

تعال

(١٠)

كنا حين يموت لنا رجلٌ

نتوشح بالأسود أعواماً أعواما

لا نفتح مذياعاً

أو نسمع أغنيةً

أو حتى نعلك في السرِّ

فقد صرنا نحن الفتيان

فتيان القرية

أشباحاً ويتامى

نبكي ونصيح ونحزن

نقطع آلاف الأمتار

لنبكي هذا الرجل الراحل عنا

أما اليوم

والفضل يعود إلى الحاسوب

فقد حولهم أرقاماً أرقاما

لن نبكي

فهنالك وجه في الشاشة يبكي بدلاً عني

لن أحزن

الشاشة فيها وجه مرسوم للحزن

سيحزن قبلي في ضغطة زر واحدة

وسيكتب تعزيةً قبلي

وسيرسلها بدلاً عني

وأنا متكئٌ منسيٌّ

كنكاتٍ مرَّ عليها زمنٌ

فاهترأتْ

وبقيت أعاتب أياماً هرمت

وأشيل على ظهريَ أياما

(١١)

ما الذي يصنعه الحاسوب فينا يا إلهي

نحن أولادك ساعدنا

فقد بعثرنا ليل المتاه

ونسينا العمر مشحوناً ومربوطاً مع النقال

فيما نحن منفيون بين الأهل

ملقاةٌ أغانينا القديمات على الدرب

وهذا العمر مشرورٌ على حبل الغوايات

وساهِ

دلنا يا رب

نحن أبناؤك تهنا

والعلامات التي توصلنا للبيت ضاعت

واختفت كل المواعيد الأغاني

الضحك الحلو النكات السير في الليل

ولم يبق سوى

حسرةٍ تنسل من فوق الشفاه

(١٢)

كل شيءٍ قد تغير

كل شي

صالة البيت التي نأوي إليها

ذبلت فينا ونامت دون ضي

جرس البيت اختفى أيضاً

وباب البيت ملقى في يدي

لم يعد يطرقه جارٌ

ولا صحبٌ

وحتى لم يعد يعبث في لحيته

أطفالنا في الحي

بدأت تذبل فينا الكلمات

مثلاً جار لنا قد مات

جارٌ طيبٌ كانت تناغيه المنازل

ما الذي نفعله

والجار هذا الجار راحل

غير أن نبعث وجهاً باكياً

نرسله بين الرسائل

كيف يا رب اختصرنا ذلك الحزن

ومن أطفأ بركان المشاعل

(١٣)

لم يعد للحب معنى

لم يعد كانوا وكنا

هبط الليل علينا ثم لم ترجع

إلى القلب المنازل

لم يعد يبكي المحبون

ولم يطرق جدار القلب سائل

كل ما يفعله الآن المحبون القلائل

صورة جاهزة يرسلها النقال صمتاً

ثم تنسى بين آلاف الرسائل

صورة كررها قبلك آلاف وآلاف

إلى أن بهت اللون

وتاه الحب منسياً

على الشاشات

منسياً وذابلْ.