الآلاف يتظاهرون في السودان في ذكرى مجزرة «فض الاعتصام»

الشرطة تستخدم الغاز المدمع لتفريق المتظاهرين قرب مجلس الوزراء

متظاهرون في شوارع الخرطوم للمطالبة بمحاسبة مرتكبي مجزرة الاعتصام (أ.ف.ب)
متظاهرون في شوارع الخرطوم للمطالبة بمحاسبة مرتكبي مجزرة الاعتصام (أ.ف.ب)
TT

الآلاف يتظاهرون في السودان في ذكرى مجزرة «فض الاعتصام»

متظاهرون في شوارع الخرطوم للمطالبة بمحاسبة مرتكبي مجزرة الاعتصام (أ.ف.ب)
متظاهرون في شوارع الخرطوم للمطالبة بمحاسبة مرتكبي مجزرة الاعتصام (أ.ف.ب)

استخدمت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق المئات من المحتجين، تجمعوا قرب مجلس الوزراء ورفضوا التفرق بعد نهاية الموعد المضروب لنهاية الموكب، بعد أن كانت قد وزعت عليهم في البداية قارورات المياه المثلجة، ورشت مكان التجمع برذاذ الماء لتخفيض حدة الحرارة على المحتجين، دون أن تقدم تبريراً لفعلها.
وانطلقت في الخرطوم مواكب احتجاجية شارك فيها الآلاف، إحياءً للذكرى الثانية لمجزرة فض الاعتصام، وخرجوا في موجات متفرقة تجمعت أمام مجلس الوزراء، وقرب مبنى النيابة العامة، للمطالبة بتحقيق العدالة والثأر من قتلة المحتجين السلميين أثناء تفريق الاعتصام في 3 يونيو (حزيران) قبل عامين، بينما طالب متظاهرون آخرون بإسقاط الحكومة الانتقالية، وفي الوقت نفسه أغلق الجيش منذ وقت باكر الطرقات المارة أمامها بحواجز إسمنتية ومعدنية.
واستخدم المجلس العسكري الانتقالي السابق، عنفاً مفرطاً في تفريق الاعتصام الشهير أمام قيادته وسط الخرطوم، في 3 يونيو 2020، ما أدى لمقتل العشرات وإصابة المئات، وسط اتهامات بعمليات إخفاء قسري، وعمليات اغتصاب، وإلقاء محتجين في نهر النيل بعد تقييدهم بالحجارة.
وجسد الموكب حالة من الانقسام الواضح بين المتظاهرين، ففيما يطالب «أغلب» المتظاهرون بتحقيق العدالة، طالب آخرون محسوبون على الحزب الشيوعي الذي أعلن في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس بإسقاط الحكومة الانتقالية، وفض الشراكة بين العسكريين والمدنيين، وتراوحت الشعارات والهتافات بين «المطالبة بالكشف عن قتلة الشهداء وتحقيق العدالة، وبين (يسقط حكم العسكر)، و(تسقط شراكة الدم)».
وقال محتجون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الانتقالية فشلت في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، وإنهم خرجوا للمطالبة باستعادة الثورة لمنصة التأسيس، فيما قال آخرون إنهم خرجوا لإسقاط الحكومة الانتقالية، وفض ما أطلقوا عليه شراكة الدم.
وشدد المحتجون على القصاص للشهداء، وحملوا أعلاماً رمزية تؤكد على أهمية تحقيق العدالة لذوي الشهداء والثأر ممن قتلوا أبناءهم، وأطلقوا على الاحتجاجات «مواكب تحقيق العدالة»، رغم طغيان الشعارات المطالبة بإسقاط الحكومة المدنية.
وكلف النائب العام نحو 20 من وكلاء النيابة لحماية المواكب، فيما انتشرت الشرطة بين المتظاهرين، وقامت بتوزيع مياه الشرب عليهم، ونشرت سيارات رذاذ الماء على المتظاهرين للتخفيف من حدة الحرارة، بينما أغلق الجيش الطرق المارة أمام قيادته وسط الخرطوم، ولأول مرة استخدم الحواجز الحديدية، وأقام ستارة بطول مبنى القيادة.
بيد أن الشرطة السودانية في وقت لاحق من اليوم، عادت لـ«عادتها القديمة»، وأطلقت الغاز المسيل بكثافة لتفريق من تبقى من المحتجين قرب مجلس الوزراء، وفي عدد من مناطق العاصمة بمدنها الثلاث، وشوهد المئات من المتظاهرين والشرطة تلاحقهم في طرقات وسط الخرطوم، ولم ترد تقارير عن إصابات.
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد استبق المواكب الاحتجاجية، ووصف في بيان ذكرى فض الاعتصام بـ«الذكرى الأليمة، والحدث الإجرامي الذي قدم فيه شعبنا عشرات الشهداء والشهيدات من المدنيين السلميين»، واعتبرها «صدمة للضمير الإنساني وجرحا غائراً في نفوس الشعب، نعرف يقينا أنه لن يندمل، إلاّ بتحقيق العدالة، وتقديم المجرمين للقضاء ليقول كلمته».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019 كون حمدوك «اللجنة المستقلة للتحقيق في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة»، وأوكل لها التحقيق والكشف عن المسؤولين عن فض الاعتصام أمام القيادة العامة والولايات، سواء بالمشاركة أو التحريض أو الاتفاق الجنائي، وتحديد وحصر الضحايا من الشهداء والجرحى والمفقودين، وتحديد الأضرار المادية النتاج عن عملية الفض وحصر الجهات والأشخاص الذين تضرروا من المجزرة، وكلف المحامي الشهير نبيل أديب برئاستها، بيد أن الثوار وذوي الشهداء وصفوا أداءها بالبطء في ظل وضوح الجريمة.
وحمل حمدوك ما أطلق عليه «العلاقة المعقدة مع الأجهزة الأمنية المتعددة»، المسؤولية في إبطاء عجلة العدالة وتأخير تقديم المعلومات المطلوبة للجان التحقيق والنيابة، وقال: «نحن نجري حوارات مستمرة مع هذه الأجهزة وقياداتها، لإجراء معالجة شاملة لهذه العلاقة».
وأبدى رئيس الوزراء تفهمه لما سماه «الغضب العارم وسط أسر الضحايا، وبين شباب المقاومة، ورغبتهم في تسريع عجلة العدالة لكشف المجرمين، ومثولهم أمام القضاء العادل»، وللحراك السلمي للتعبير عن مطالبهم المشروعة، وتعهد بضمان سلامة المشاركين في الحراك، ودعاهم للحرص على الطابع السلمي، وقطع الطريق أمام الراغبين في حرف المواكب السلمية عن المطالب التي خرجت من أجلها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.