إجراءات «عقابية» من دمشق في درعا تحت «الخطوط الحمر» لموسكو

مصادر محلية تتحدث عن تحركات عسكرية بعد مقاطعة الانتخابات الرئاسية

دورية سورية تفصل بين «مناطق التسويات» في مخيم درعا وحي طريق السد بدرعا المحطة جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
دورية سورية تفصل بين «مناطق التسويات» في مخيم درعا وحي طريق السد بدرعا المحطة جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

إجراءات «عقابية» من دمشق في درعا تحت «الخطوط الحمر» لموسكو

دورية سورية تفصل بين «مناطق التسويات» في مخيم درعا وحي طريق السد بدرعا المحطة جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
دورية سورية تفصل بين «مناطق التسويات» في مخيم درعا وحي طريق السد بدرعا المحطة جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

شهدت محافظة درعا خلال الأيام الماضية تحركات لقوات النظام السوري، تمثلت بتعزيز الحواجز العسكرية في مدينة درعا المحطة وفي الحواجز الرئيسية بريفي المحافظة الشرقي والغربي، وإغلاق بعض الطرقات المؤدية من مناطق خاضعة لاتفاق التسوية إلى مدينة درعا المحطة التي تعتبر المركز الأمني للنظام السوري في المحافظة وتضم الدوائر الحكومية وتنتشر داخلها الأجهزة الأمنية.
واعتبر الناشط الإعلامي باسل الغزاوي من درعا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الأفعال الأخيرة للنظام السوري في درعا والقنيطرة «تحمل رسائل عديدة للمنطقة بعد إضراب عدة مناطق ضمن اتفاق التسوية عن المشاركة بالانتخابات الرئاسية السورية، وانطلاق مظاهرات مناهضة للنظام السوري منها، في ذات الوقت الذي كان النظام السوري يعمل على إعادة تعويم نفسه في المنطقة».
وأوضح أن أفعال وقرارات قوات النظام في محافظة درعا «جاءت بمثابة المعاقبة الجماعية لمناطق التسويات عقب الانتخابات وما شهدته مناطق التسويات من رفض للمشاركة، وبدأت هذه الأفعال والقرارات بافتعال قوات النظام السوري في مركز مدينة درعا (درعا المحطة) التوتر في المدينة لتبرير أفعالها، بفصل المناطق الموالية للنظام السوري عن مناطق التسويات، وعمليات الاعتقال التي حدثت مؤخراً في المدينة، حيث نُفذ قبل يومين أكثر من عملية تفجير لعبوات ناسفة كانت مزروعة في مدينة درعا المحطة في مناطق تعتبر مربعا أمنيا مغلقا يصعب التسلل إليه، وتحوي أجهزة حماية وكاميرات مراقبة، فقامت قوات النظام السوري بعد يوم من وقع تفجير العبوات الناسفة، على فصل منطقة درعا المحطة عن منطقة مخيم اللاجئين الفلسطينيين عبر رفع السواتر الترابية وإغلاق الطرقات المؤدية إلى المدينة، واحتفظت ببعض ممرات المشاة المؤدية لحاجز تابع لجهاز المخابرات الجوية، مما يجبر الأهالي على العبور من الحاجز».
كما ألغى النظام السوري السماح بسفر المؤجلين وفقاً للقرار الإداري الذي صدر مؤخراً لأبناء محافظة درعا والقنيطرة بمنحهم تأجيل عام كامل عن السوق للخدمة العسكرية والاحتياطية، ويبقى التأجيل سارياً في داخل سوريا فقط، وحرمان بعض مناطق التسويات من مادة الطحين، وزيادة ساعات التقنين بالكهرباء عليها، مضيفاً أن النظام السوري يهدف إلى إعادة التفكير بما حققه في مناطق التسويات بعد عامين ونصف العام من السيطرة على المنطقة، وما بدر من هذه المناطق في عملية الانتخابات الرئاسية.
وأشار الصحافي السوري محمد الحمادي من درعا إلى أن ما جرى في القنيطرة قبل فترة وجيزة من تهجير لأهالي «أم باطنة» بعد محاصرتها وقصفها، وفي مدينة درعا مؤخرا من عزل منطقة المخيم وحي «طريق السد»، وقبلها تهديد بلدات «طفس» و«المزيريب» بريف درعا الغربي، لا يخرج عن إطار هذه العقلية العسكرية دائماً، رغم خضوع هذه المناطق لاتفاق التسوية بين فصائل المعارضة سابقاً التي كانت تنتشر جنوب سوريا مع الجانب الروسي والنظام السوري.
وأضاف أن النظام السوري منذ سيطرته على مناطق جنوب سوريا يسعى إلى إنهاء معارضيه سواء عبر الاغتيال أو الاعتقال أو التهجير، وبدت هذه الملامح جلية في عدة مناسبات حدثت جنوب سوريا منذ عقد اتفاق التسوية بعام 2018.
من جانبه، يرى الصحافي مؤيد أبازيد أن قراءة ما فعله النظام السوري مؤخراً في محافظة درعا، يتجه أكثر لحماية مركز مدينة درعا المحطة حيث الوجود الأمني والدوائر الحكومية، وأن تخلل الوضع العام في المنطقة تهديدات باقتحام وتهجير سيبقى ضمن الأوامر الروسية، المشرفة على المنطقة منذ بدء اتفاق التسوية في المنطقة، لأن محافظة درعا بدت حالة استثنائية منذ ظروف سقوطها تحت سيطرة النظام «الشكلية» بمساعدة الروسي في يوليو (تموز) عام 2018. هذه السيطرة التي كانت بدعم روسي مع تخلي الداعم الأميركي بشكل مفاجئ عن دعم الفصائل، أيضا حين تم التسوية بدرعا تحت الرعاية الروسية فإن معظم الفصائل اتفقت مع الجانب الروسي، على تسليم المنطقة لكن بشرط بقاء السلاح الخفيف بيد المقاتلين، رغم أن روسيا لها تجارب سابقة في الشيشان وتعلم تأثير السلاح الفردي في حرب العصابات، وله اليد الطولى في ضرب وإرهاق الخصم.
كل هذه العوامل جعلت من سيطرة النظام شكلية في بعض المناطق أهمها طفس وبصرى الشام ودرعا البلد، ويمكن الاعتبار إلى رغبة الروسي في أن تبقى هذه المحافظة متمردة ضمن «الخطوط حمراء» (أي تحت سيطرتها وحدها) وذلك بهدف منع تمدد الميليشيات الإيرانية، لا سيما أن الحدود الغربية للمحافظة محاذية لإسرائيل (الجولان المحتل)، وأي استقرار وسيطرة كاملة على جنوب سوريا من قبل قوات النظام السوري، يعني مزيدا من التمدد والتغلغل الإيراني كما حصل في مناطق شرق سوريا مثل البوكمال ودير الزور، ويمكن الإشارة إلى أن هذا قد يكون ضمن التفاهم الأميركي الروسي الأردني حين تم تسليم المحافظة للروس.
وقال مصدر مقرب من اللجنة المركزية في درعا لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة المركزية تراقب ما يحدث مؤخراً في درعا من أفعال وقرارات صدرت من قوات النظام السوري بعد عملية الانتخابات، مرجحة أن قوات النظام السوري تتبع خطة جديدة لحماية مركز المدينة (درعا المحطة) من أي اعتداءات تتوقعها من مناطق خارجة عن سيطرتها، لذلك تكثف الوجود الأمني والعسكري، وأغلقت الطرقات الفرعية، وأبقت على طرقات رئيسية.
وأوضح المصدر أن اللجنة المركزية تستعد لاجتماع مع مندوبي النظام السوري في درعا، لمناقشة أي تغييرات على الأرض.
وأكد أن التواصل بين اللجنة المركزية والجانب الروسي «مفتوح»، وليس خافياً على أحد أن ما حدث ويحدث في المحافظات الجنوبية من سوريا (درعا والقنيطرة) مرتبط، باعتبارات إقليمية، وقوة دولية جعلت مصير هذه المناطق يرتبط بالتزامات روسيا مع دول إقليمية وعربية.
واعتبر أن التفاهمات الإقليمية والدولية المتعلقة بالجنوب، تلعب دوراً في عدم عودة التوتر والعمليات العسكرية إلى المنطقة الجنوبية، لأن لها تبعات كبيرة تبدأ «إقليمية» مع الأردن وإسرائيل (الجولان المحتل)، وحالة النزوح الكثيفة التي سوف تشهدها هذه المناطق الحدودية، وما يتبع ذلك من أزمات إنسانية وصحية وغيرها، وظهور جماعات مسلحة وغير مسلحة، تنفذ أجندات لصالح دول خارجة عن التفاهمات الروسية الأميركية حول المنطقة، وتبعات «دولية» تظهر ضعف روسيا بعد التزامها أمام دول إقليمية بالحفاظ على الحدود هادئة وعدم عودة التوتر إلى المنطقة، ما يؤثر على ظهورها كلاعب دولي أساسي بالمسألة السورية.



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.