صيدلية عمرها 100 عام تروي تاريخ الدواء في مصر (صور)

زهير إحسان سمان مالك الصيدلية (رويترز)
زهير إحسان سمان مالك الصيدلية (رويترز)
TT

صيدلية عمرها 100 عام تروي تاريخ الدواء في مصر (صور)

زهير إحسان سمان مالك الصيدلية (رويترز)
زهير إحسان سمان مالك الصيدلية (رويترز)

تأسست صيدلية ستيفنسون على يد صيدلي إنجليزي عام 1915 ولا تزال موجودة في قلب القاهرة بشوارعها المكتظة بالمارة، وتبيع الصيدلية الأدوية الحديثة، لكن الأرفف والجدران ما زالت تحمل بصمات التاريخ والنشأة القديمة في أوائل القرن العشرين، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
صمّم الصيدلية وبناها جورج ستيفنسون، الذي أسس سلسلة صيدليات بريطانية ابتداء من عام 1889. واشتراها في أواخر الأربعينات الصيدلي المصري إحسان سمان، الذي دفعه حب الأصالة إلى تركها دون تغيير.
قال زهير إحسان سمان، مالك الصيدلية ومديرها وابن مالكها الراحل: «جورج ستيفنسون قرر أن يفتح فرعاً هنا في القاهرة... اختاروا المكان، وأخدوا المقاسات كلها، وعملوا التصميم والخشب والديكورات في إنجلترا، وأتوا بها لمصر، وركبوها، وفي الأربعينات والدي اشتراها، ومن حبه لها وللمكان لم يغير أي شيء وتركها كما هي، واحتفظ بها».

يعمل الرجل البالغ من العمر 58 عاماً الآن مرشداً سياحياً للزوار والمارة من عشاق التاريخ؛ حيث يعرض عليهم عجائب الصيدلة في الأزمنة السابقة والأدوات التي شكلت تلك الأزمنة.
وقال: «نرحب بأي شخص يجيء يتفرج عليها، ونكون مبسوطين لما أي شخص يجيء يتفرج، ونشرح له كل حاجة موجودة، وكيفية استخدامها، والموازين، وحاجات التنفس، وأي حاجه قديمة، وإذا سأل الزائر نشرح له ونفهمه الأدوية، كيف كانت تركب، لكن الآن انقرضت هذه الأدوية».
أصبحت الصيدلية التي تعود لأكثر من قرن مكاناً لبيع الأدوية الحديثة، فضلاً عن كونها معرضاً مفتوحاً للزوار 6 أيام في الأسبوع من السادسة حتى التاسعة مساء.
يقول زهير إحسان: «الصيدلية شغالة، وفي نفس الوقت المكان مفتوح للزيارة من 6 إلى 9 ما عدا الجمعة إجازة. لنستطيع أن نشرح له المكان والحاجات القديمة».

ومن بين أثمن مقتنيات الصيدلية زجاجات الأدوية والقوارير القديمة، ومختبر يمزج فيه الكيميائيون الأدوية بعناية، وقفل الباب الذي ظل يعمل بكفاءة حتى وقت قريب.
وقال مصطفى فاروق، وهو زائر عراقي يعيش في كندا: «أنا بطبيعتي أحب كل شيء قديم، أي شيء فيه تاريخ، أتبعه وأروح إليها في البلدان التي أزورها، فأنا أبحث عن المكان القديم، وأول ما سمعت عن هذه الصيدلية في السوشيال ميديا من يومين فقط، قلت يجب أن أحضر، لأن ما رأيته في السوشيال ميديا جذبني جداً، وما في الصيدلية من الصعب أن تلقاه في أي مكان».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.