كيف أصبح غيلينغهام النادي الوحيد الذي لم يدفع فلساً واحداً لوكلاء اللاعبين؟

مالك النادي بول سكالي يؤكد أن عالم كرة القدم كان أفضل من دونهم

يعد غيلينغهام حالة شاذة في عصر مليء بوكلاء اللاعبين الذين يحصلون على مبالغ مالية طائلة
يعد غيلينغهام حالة شاذة في عصر مليء بوكلاء اللاعبين الذين يحصلون على مبالغ مالية طائلة
TT

كيف أصبح غيلينغهام النادي الوحيد الذي لم يدفع فلساً واحداً لوكلاء اللاعبين؟

يعد غيلينغهام حالة شاذة في عصر مليء بوكلاء اللاعبين الذين يحصلون على مبالغ مالية طائلة
يعد غيلينغهام حالة شاذة في عصر مليء بوكلاء اللاعبين الذين يحصلون على مبالغ مالية طائلة

عندما أصدر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أحدث الأرقام الخاصة بالمبالغ المالية المدفوعة لوكلاء اللاعبين، اتجهت كل الأنظار بالتأكيد نحو الأرقام الواردة في العنوان الرئيسي، الذي يقول: أندية الدوري الإنجليزي الممتاز دفعت مبلغا قياسيا قدره 272 مليون جنيه إسترليني لوكلاء اللاعبين في عام واحد - دفعت تلك الأندية أكثر من مليار جنيه إسترليني خلال المواسم الأربعة الماضية - وهو ما يعني أن كل ناد من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز ينفق على وكلاء اللاعبين في المتوسط أكثر مما تنفقه أندية دوري الدرجة الثانية في إنجلترا معا، بما في ذلك نادي غيلينغهام، الذي كان النادي الوحيد في الدوريات الأربعة الأولى في إنجلترا الذي لم يدفع فلساً واحداً.
ودفعت أندية دوري الدرجة الأولى في إنجلترا لوكلاء اللاعبين أكثر من 40 مليون جنيه إسترليني في 12 شهراً حتى بداية فبراير (شباط) 2021 في حين دفعت أندية دوري الدرجة الثانية ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، وأندية دوري الدرجة الثالثة مليون جنيه إسترليني، وأندية دوري الدرجة الرابعة ما يقرب من 275 ألف جنيه إسترليني، في الوقت الذي دفع فيه نادي غويسيلي 450 جنيها إسترلينياً فقط.
في الحقيقة، يعد نادي غيلينغهام حالة شاذة في عصر مليء بوكلاء اللاعبين الذين يحصلون على مبالغ مالية طائلة. لقد أكد هذا النادي على أنه لن يدفع أموالا لوكلاء اللاعبين «إلا إذا اضطر تماماً إلى ذلك». يقول مالك النادي، بول سكالي، الذي احتفل بمرور 25 عاماً على رئاسته للنادي الصيف الماضي: «لا أهدف إلى تقليل الأموال التي تدفع لوكلاء اللاعبين إلى صفر، فهناك بعض المناسبات التي يتعين علي فيها دفع الأموال لوكلاء اللاعبين، لكنني أحاول تجنب ذلك، ونادراً ما أفعل ذلك. أنا لا أحب وكلاء اللاعبين، ولا أحب العمل الذي يقومون به، ولا أحب تجارتهم. لقد كنا نقوم بعمل جيد قبل أن يظهر وكلاء اللاعبين، وأعتقد أن العالم كان أفضل دونهم».
ويضيف «خلال السنوات العشر الأولى لرئاستي للنادي، كنت أتعامل مع اللاعبين أو عائلاتهم، وأحياناً مع محامٍ أو ممثل عن اللاعب، لكن في معظم الوقت كنت أتعامل مع اللاعبين مباشرة. كان اللاعبون يأتون إلى النادي ونتفق على شروط التعاقد. لكن الأمور ساءت كثيرا منذ ظهور وكلاء اللاعبين. أعتقد أن وكلاء اللاعبين لا يكلفون أنفسهم عناء القدوم إلينا لأنهم يعرفون أنني لا أحب الوكلاء ولن أدفع لهم أي رسوم، أو سأدخل معهم في شجار بسبب تلك الرسوم... أو أنهم يدركون أنهم سيعرضون لاعبيهم في نادينا وأننا سوف نساعد هؤلاء اللاعبين على التحسن والتطور، وبالتالي فإن هؤلاء اللاعبين ستزداد قيمتهم، وسوف يحصلون على المزيد من الأموال في حال انتقالهم إلى دوري الدرجة الأولى».
ولا يعني هذا أن غيلينغهام يجد صعوبة في التعاقد مع لاعبين جدد، فمنذ الصيف الماضي أعار النادي عشرة لاعبين وأبرم 11 صفقة دائمة، من بينها سبع صفقات تمت من خلال الاستعانة بوكلاء للاعبين، وفق البيانات الصادرة عن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. يقول سكالي، الذي تبلغ ميزانيته السنوية حوالي 2.6 مليون جنيه إسترليني: «إذا كان الوكيل يمثل لاعباً فإن ذلك يعني أنه يتعين على اللاعب دفع مقابل مادي للوكيل، ولا يتعين علي أنا كناد أن أدفع لهذا الوكيل. وفي أوقات التقشف، مثل الوقت الذي نعيش حاليا، فإنني أبحث عن كل قرش للحفاظ على استمرارية العمل. فلماذا أهدر الأموال على وكلاء اللاعبين؟ في الحقيقة، لسنا بحاجة إليهم في صناعتنا!».
ويضيف «الأشخاص الذين يتخذون القرارات المتعلقة بدفع أموال لوكلاء اللاعبين ليسوا هم ملاك الأندية في أغلب الأحيان؛ فغالباً ما يكونون أشخاصاً يعملون نيابة عن المُلاك. إنهم ضعفاء لأن الأموال التي يدفعونها ليست أموالهم ويعتقدون أن العائدات المالية ستأتي دائما، وبالتالي لا توجد مشكلة في أن يدفعوا! إنهم يعتقدون أن التعاقد مع هؤلاء اللاعبين سيضمن لهم النجاح والصعود للدوري الأعلى. وهذا هو السبب في أن أندية دوري الدرجة الأولى تواجه مثل هذه الفوضى، لأنها تحلم بالحصول على أموال كثيرة في حال تأهلها للدوري الإنجليزي الممتاز».
إن الملايين التي تنفقها أندية الدوري الإنجليزي الممتاز - تعتمد أربعة منها على خطة الدعم الحكومية - على وكلاء اللاعبين تثير حالة من الغضب. يقول سكالي: «إنه أمر مثير للشفقة بكل تأكيد. إن الأموال التي تدفع لوكلاء اللاعبين يجب أن تبقى بدلا من ذلك داخل اللعب وتنتقل إلى التسلسل الهرمي لها. طلبت أندية دوري الدرجة الأولى ودوري الدرجة الثانية بعض الدعم المالي للتغلب على تداعيات تفشي فيروس (كورونا)، وكانت تئن وتصرخ من الفقر، وانتهى الأمر بحصولها على منحة قدرها 30 مليون جنيه إسترليني وقرض بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني. فكيف يدفعون مبالغ مالية كبيرة لوكلاء اللاعبين وهم في هذا الوضع المالي السيئ؟» ويضيف: «عندما تتحدث إلى الجماهير بشكل عام، ستجد أنهم ملوا وتعبوا من الهراء الذي يحدث في أنديتهم، ومن الأموال الطائلة التي تدفع في هيئة أجور ورسوم لوكلاء اللاعبين، وما إلى ذلك. لا يمكن للرجل العادي أن يفهم السبب وراء إهدار هذه المبالغ المالية الطائلة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وإلى حد ما في دوري الدرجة الأولى».
إن هذه الأرقام المذهلة جعلت سكالي يتساءل عن مستقبله خلال 12 شهراً مليئة بالتحديات، لكنه حصل على دعم وتشجيع عبر رسائل البريد الإلكتروني من المشجعين منذ أن شرح بالتفصيل بعض ملاحظاته المتعلقة بهذا الأمر في خطاب مفتوح مكون من 14 صفحة الشهر الماضي. ولا يزال نادي غيلينغهام ينافس بقوة، رغم أنه يعمل وفق معايير صارمة وظروف مالية صعبة. يقول سكالي: «هناك أشخاص يشجعوننا ويدعموننا منذ 40 عاماً ويقولون إننا لن نصل إلى القمة أبدا، لكننا نواصل التقدم ونحب ما نقوم به لأنه منطقي وحقيقي. وإذا لم تستفيق رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز ورابطة اللاعبين المحترفين ويدركا أن الطريقة التي تعملان بها لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، فإن الطريق سيكون صعبا للغاية خلال الفترة المقبلة».



عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».