أرامل القتلى الحوثيين... وقود آخر لتعزيز {المجهود الحربي}

TT

أرامل القتلى الحوثيين... وقود آخر لتعزيز {المجهود الحربي}

حين وافقت أسرة الشابة سميرة على أن تتزوج قبل خمسة أعوام وتنتقل إلى صنعاء، لم تكن تدرك أنها ستترمل مرتين قبل أن تبلغ العشرين من العمر، لكن الفتاة التي عادت اليوم إلى أسرتها مع أطفالها الثلاثة فقدت زوجها الأول الذي يقاتل في صفوف ميليشيات الحوثي في مأرب وتبعه بعد ذلك بأقل من عام أخوه الذي تزوجته من بعد مقتل زوجها الأول في واقعة تكشف عن جانب من الجناية التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق الفقراء الذين يدفع بهم إلى المحرقة.
يقول لـ«الشرق الأوسط» أحد سكان القرية التي تزوجت منها الشابة في مديرية العدين بمحافظة إب (170كم جنوب صنعاء) «تزوجت هذه المرأة وانتقلت إلى صنعاء قبل سنوات وأنجبت ثلاثة أطفال، لكن زوجها لقي مصرعه وهو يقاتل في صفوف الحوثيين فقاموا بتزويجها بأخيه، لكن الزوج الثاني وبعد أشهر قليلة لقي مصرعه أيضاً عندما أرسلته الميليشيات للقتال في غرب محافظة مأرب».
وأضاف «تخيلوا المعاناة وشعور شابة التي لم تبلغ العشرين بعد حين تفقد زوجها ومعيل أسرتها مرتين في العام نفسه وفي الحرب ذاتها وللسبب نفسه».
هذه القصة تكشف جانباً بسيطاً من ضحايا الحرب التي أشعلتها الميليشيات وكيفية تلاعب قادة الجماعة ومشرفوها بمن يدفعونهم للجبهات، ثم يعودون إما لتزويج نسائهم لمقاتلين آخرين، وإما في حالات أخرى يقوم المشرفون بالزواج من أرامل المقاتلين، خاصة إذا كانت من ذات سلالة الحوثيين أو ذات جمال.
هذا الأمر انتقده عبد السلام الكبسي، وهو أحد الأكاديميين الذين عملوا مع الميليشيات، حيث طالب بأن تبقى «الأرملة تبادل زوجها الوفاء بالوفاء، ويستبشر بها حتى تلحق به». وأن «توفر لها الحكومة ولأولادها كل أسباب الكرامة».
وقال «إني لمتعجب من هؤلاء الذين يسارعون في الزواج منها»، ويخاطب قادة الميليشيات «إنكم لم تحلوا المشكلة سوى أن جعلتموها تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير».
وكانت الميليشيات الحوثية أمعنت في هذه الممارسات من خلال تنظيم حفلات زواج لأرامل قتلاها في مقبرة الأزواج السابقين لتلك الأرامل مستخفين بعقول أتباعهم بأن الغاية هي أن «يخبروهم أن نساءهم لم يعدن أرامل، بل عروسات وزينبيات».
كما تبنت الجماعة مشاريع زفاف جماعية لعدد من أرامل قتلاها، الذين قضوا في الحرب، لمقاتلين آخرين في الجبهات، وخصصت لهذه المشروع عشرات الملايين من الريالات جمعتها تحت مسمى الزكاة، وأخرى تحت مسمى المجهود الحربي، وآخرها إلزام التجار بتمويل تلك الأعراس لتجنب المضايقات.
كما سبق أن نظمت الميليشيات عرساً جماعياً ضم أكثر من ثلاثة آلاف من المجندين الجدد والمصابين في المواجهات وجرى تزويجهم بأرامل قتل أزواجهن في القتال.
ومع دفع قادة الميليشيات ومشرفيها ضحايا التعبئة الفكرية المتطرفة إلى الجبهات فإنهم يعملون بوتيرة عالية لتحسين أوضاعهم المالية، حيث يخوضون صراعاً من أجل الاستحواذ على الجبايات ومخصصات التجنيد وشراء العقارات وإدارة سوق سوداء واسعة للمشتقات النفطية، وغسل الأموال التي يجمعونها من خلال مشاريع بناء أسواق تجارية حديثة تظهر واقعاً عكس حال الملايين الذين يعيشون على المساعدات كما يقول شوقي عبد الله، وهو سائق أجرة في صنعاء.
ويضيف عبد الله «الناس تموت من الجوع والمتسولون يملأون التقاطعات، وفي الجانب الآخر نشاهد الفلل الضخمة والأسواق التجارية الحديثة التي يملكها المشرفون والقادة الحوثيون، ولا نعرف كيف يجمعون كل هذه الأموال».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».