«بيت التلمساني»... منتجع للعزلة والكتابة في مصر

يستهل نشاطه بـ«الأدب والموضة»

فناء البيت
فناء البيت
TT

«بيت التلمساني»... منتجع للعزلة والكتابة في مصر

فناء البيت
فناء البيت

بعيداً عن ضجيج المدينة، يقع «بيت التلمساني» الثقافي على بُعد ساعة من العاصمة المصرية، يستقر بطرازه الريفي الحالم، مُتوسطاً العشب الأخضر وأشجار «البوانسيانا»، وسط براح الصحراء، وتنتصب على بابه لافتة تحمل اسم عائلة أحبت الفن والأدب: «التلمساني».
تقول مؤسسة البيت وصاحبة فكرته الكاتبة والأكاديمية المصرية مي التلمساني، إن «تجربة الإقامة في البيوت المُخصصة للتفرغ للكتابة دائماً ما تترك ذكرى حميمة في وجدان كل من عاشها، بما تتيحه من عزلة حميدة، وخبرات جديدة، وتخفف من الضغوط اليومية لإنجاز الكتابة»، بالإضافة إلى أن الفكرة تمثل نوعاً من الوفاء لروح والدها المخرج الراحل عبد القادر التلمساني أحد رواد السينما التسجيلية في مصر.
وتتذكر صاحبة رواية «هليوبوليس» تجربة إقامتها قبل سنوات في بيت للتفرغ للكتابة بمنطقة جبلية في إيطاليا، وتجربة أخرى في بيت بمدينة فرنسية، مستعيدة أطياف الكتابة بهما. وتحت وطأة الشغف بالفكرة اقتنت كتاباً مُخصصاً عن أماكن الإقامة الأدبية في أوروبا وشروطها، لتجد أن العامل المُشترك بها جميعاً هو العزلة التي يتيحها للكاتب، باعتبارها من أولويات احتياجاته، وهاجسه الحقيقي في أن ينفرد بذاته وأفكاره بعيداً عن تفاصيل الحياة اليومية، والأعمال المنزلية وغيرها، فتبلورت لديها، عبر تجربتها الذاتية، وبحثها الدؤوب في مُقومات تلك البيوت، فكرة تأسيس «بيت» أو «مُعتكف للكتابة» في مصر.
تطورت الفكرة حتى تجسدت وصار بيت التلمساني كياناً قائماً غير ربحي، هدفه الوحيد توفير مكان لاستضافة الأنشطة الثقافية، وبشكل خاص استضافة العاملين في مجال الكتابة للتفرغ لمشروعاتهم التي تتطلب بعض الهدوء والعزلة.
وتأمل مي أن تنهي إقامتها في كندا وعملها الأكاديمي هناك حتى تتفرغ للبيت، الذي من المؤمل أن يلعب دوراً في سد فراغ قائم داخل الوسط الثقافي، بتوفير فسحة للكتاب للاختلاء مع أنفسهم وكتاباتهم. تقول عن ذلك «الكاتب إنسان منتج يستحق الدعم من خلال توفير مكان وفضاء ملائمين للإبداع بعيداً عن الحياة اليومية وضغوطها، فالحركة الثقافية بكل زخمها وثرائها في مصر يغيب عنها هذا العنصر البسيط والمؤثر». «بيت التلمساني» سيكون مفتوحاً لكل العاملين في مجال الكتابة والإبداع، سواء في الأدب، أو النقد، والترجمة، والسيناريو، وستكون الإقامة فيه ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع. ولتحقيق ذلك، تم تأسيس لجنة استشارية للاختيار من بين المتقدمين للإقامة في البيت، من مصر ومختلف دول العالم، تضم في عضويتها بالإضافة إلى مي التلمساني، الناقدة شيرين أبو النجا، والكاتبة سحر الموجي، والدكتور مالك خوري، والناشر محمد البعلي.
تبرز داخل البيت ملامح من تاريخ عائلة التلمساني، لعل أبرزها مكتبة والدها المخرج الراحل، بالإضافة لمكتبة الكاتب الراحل إدوارد الخراط، وجانب من مكتبة مي التلمساني، التي تقول: «إن فكرة أن يكون البيت (مُحاطاً بالمكتبات) من الملامح الرئيسية التي كانت حريصة على تحققها في بيت مُخصص لإقامة الكُتاب، كما تحمل معظم جدران البيت لوحات شهيرة لعدد من الفنانين التشكيليين المصريين».
لم يسلم «بيت التمساني» من أعباء «كورونا»، فتم تأجيل افتتاحه أكثر من مرة، إذ كان من المفترض أن يكون افتتاحه في مارس (آذار) العام الماضي. إلا أن البيت سيبدأ أول برامجه عملياً من خلال ورشة «الكتابة والموضة» التي ستقدمها مي التلمساني حول «القصة القصيرة وسيناريو الأفلام القصيرة من منظور الموضة والملابس»، في الفترة من 25 يونيو (حزيران) وحتى 2 يوليو (تموز) المقبل، كما ستبحث الورشة في تاريخ الملابس، والأقمشة، والألوان، والقيم الجمالية، وتحولات الذوق الخاص والعام، ومحاولات التعبير عن الذات من خلال الملبس. وتتم الورشة بالتعاون مع دار «المرايا» للإنتاج الثقافي، ومن المفترض أن يقوم المشاركون بزيارة «بيت التلمساني» خلال عمل الورشة لتكون هي الزيارة الأولى للبيت.
تقول مي التلمساني حول هذه الورشة، «أسعى عبر نشر كتاب يضم قصصاً قصيرة وسيناريو فيلم قصير ملمحهما العام هو الموضة وعلاقتها وتأثيرها على مسارات الأعمال الأدبية السردية إلى طرح أفكار ورش أدبية متخصصة تُركز على ملمح معين قد يخرج بنتائج أكثر تكثيفاً من الأفكار العامة المرتبطة بورش الكتابة»
ومن المنتظر أن يستقبل «بيت التلمساني» كاتباً فرنسياً في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ليكون أول كاتب أجنبي يقيم في البيت، وذلك بالتعاون مع «المعهد الثقافي الفرنسي» في مصر. وأحد شروط قبول الكُتاب الأجانب هو أن يكون المشروع المتقدم به للإقامة الأدبية بالبيت مرتبطاً بالثقافة المصرية أو العربية. ومن المنتظر أيضاً أن يستقبل البيت نحو ثلاثة كُتاب بشكل مُتزامن، كأن يجمع البيت بين كاتب قصة وكاتب سيناريو، أو كاتب أجنبي ومترجم عربي، مما يمكن أن يثري الكاتب، بالإضافة للصفاء الذي يتيحه المكان.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.