القضاء الإسباني يرفض طلب اعتقال أمين عام «البوليساريو»

مدريد تأمل عودة العلاقات مع الرباط إلى طبيعتها «خلال ساعات»

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (د.ب.أ)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (د.ب.أ)
TT

القضاء الإسباني يرفض طلب اعتقال أمين عام «البوليساريو»

إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (د.ب.أ)
إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو (د.ب.أ)

بينما رفضت المحكمة الإسبانية العليا، أمس، طلب الادعاء العام باعتقال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، قائلة إن رافعي الدعوى في قضية جرائم حرب لم يقدموا أدلة تظهر مسؤوليته، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية إن بلادها تأمل عودة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب إلى طبيعتها «في غضون ساعات».
وأضافت المتحدثة ماريا خيسوس مونتيرو أن الحكومة تتوقع أن يعود غالي، الذي يتلقى العلاج حاليا في إسبانيا، من حيث أتى فور تحسن حالته الصحية، وتمنت له الشفاء العاجل.
ورفض القاضي سانتياغو بيدراث إصدار أمر اعتقال، أو أي نوع آخر من الإجراءات الاحترازية بشأن غالي، المتهم بجرائم إبادة جماعية والتعذيب والإرهاب. علما بأن المشتكين لغالي التمسوا من القاضي اتخاذ إجراءات ضده، بيد أنه اكتفى بالمطالبة بأن يقدم غالي عنواناً ورقما هاتفيا في إسبانيا من أجل تحديد مكان إقامته. كما رفض القاضي اتخاذ أي إجراءات احترازية لاعتقاده بأن غالي لا يخطط للهروب، لا سيما وأنه خضع للاستماع من طرف العدالة، رغم أن حالته الصحية لا تسمح بذلك.
بدوره، قال مانويل أولي، محامي غالي، إن موكله ينفي ارتكاب أي مخالفات، مشيرا إلى أنه سيطلب من المحكمة العليا إسقاط دعوى جرائم الحرب المرفوعة ضده، بحجة أن الحقائق التي استندت إليها الاتهامات الموجهة إليه «عارية تماما عن الصحة»، وأن المزاعم «ذات دوافع سياسية».
وكان استقبال غالي في مستشفى إسباني للعلاج الشهر الماضي قد أثار أزمة دبلوماسية بين إسبانيا والمغرب.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء المغربية أن القضاء الإسباني احتفظ بتهمتين رئيسيتين ضد غالي، الذي جرى إدخاله منذ 18 من أبريل (نيسان) الماضي إلى مستشفى إسباني في ظروف غامضة بهوية جزائرية مزورة، وباسم مستعار هو محمد بن بطوش. وتتعلق التهمة الأولى بـ«التعذيب» التي تقدم بها فاضل بريكة ضد غالي، والذي يتهمه بالمسؤولية عن اختطافه ما بين 18 يونيو (حزيران) 2019 و10 نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة ذاتها. أما التهمة الثانية «فتهم الإبادة الجماعية» و«الاغتيال»، و«الإرهاب» و«جرائم ضد الإنسانية» و«الاختطاف»، تقدمت بها الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تتخذ من إسبانيا مقرا لها.
وقال بريكة في تصريح لوكالة الأنباء المغربية إن «المثول أمام المحكمة اليوم لمجرم الحرب، الذي عذب وقتل مئات الأشخاص، يعد انتصارا لضحاياه الذين يطالبون بالعدالة». مسجلا أن «وجود غالي، المسؤول عن جرائم خطيرة منذ 50 سنة، بقفص الاتهام يعتبر خطوة إلى الأمام نحو إحقاق العدالة»، وموضحا أن مثوله أمام القضاء ليس سوى بداية محاكمة، ستشمل أيضا قادة آخرين من ميليشيات «البوليساريو» الانفصالية.
من جهته، اعتبر الخبير السياسي الإسباني، بيدرو إغناسيو ألتاميرانو، الذي تعرض لتهديدات بالقتل من قبل «البوليساريو»، والذي تقدم بشكوى ضد غالي، أن مثول هذا الأخير ليس سوى «البداية لإنصاف ضحايا تنظيم إرهابي متورط في أعمال الإبادة الجماعية والتعذيب». معتبرا أن هذه القضية تمهد الطريق لمحاكمة المجرمين الآخرين في قيادة «البوليساريو»، المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المنشقين، وضد سكان مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر).
في غضون ذلك، قالت سلطة الملاحة الجوية الإسبانية، أمس، إن طائرة كانت في طريقها من الجزائر إلى بلدة لوغرونيو في شمال إسبانيا عادت أدراجها بعدما أبلغتها المراقبة الجوية بأنه لا يمكن السماح لها بدخول المجال الجوي، بناء على تعليمات من الجيش الإسباني.
ويسود الاعتقاد لدى مراقبين أن الطائرة ربما كانت ستقل غالي إلى الجزائر في حالة سمح له القضاء الإسباني بالمغادرة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.