رغم هيمنة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على الحزب الجمهوري، التي تعززت الشهر الماضي عبر إزاحة ليز تشيني إحدى أبرز الشخصيات المنتقدة له من موقعها القيادي، وعدم إفصاحه بشكل واضح عن خططه المستقبلية لانتخابات عام 2024، لا تزال شخصيات قيادية جمهورية كبيرة، تمتنع عن تسميته مرشح الحزب المقبل. ويعكس هذا الامتناع مناخاً غير صحي داخل الحزب الجمهوري، وخلافات في تقدير حظوظ ترمب للفوز مجدداً في انتخابات الرئاسة الأميركية، في ظل تحذيرات من استراتيجيين جمهوريين بأن حظوظه قد تكون ضئيلة إذا قرر الترشح عام 2024، حتى ولو فاز بترشيح الحزب الجمهوري.
ترمب الذي لم يؤكد حتى الساعة ما إذا كان سيطلق حملة رئاسية جديدة، لم يتوقف عن إعطاء إشارات مربكة، سواء لخصومه الديمقراطيين أو لأعضاء حزبه الطامحين لوراثته. وأعلن الشهر الماضي في آخر تصريحات له حول هذا الموضوع، أنه «متحمس للغاية، ويتطلع إلى إصدار إعلان في الوقت المناسب». وأضاف: «كما تعلمون الوقت مبكر جداً، لكنني أعتقد أن الناس سيكونون سعداء للغاية عندما أقوم بإعلان معين». وفيما أعلنت قيادات جمهورية في مجلسي الشيوخ والنواب، صراحةً عن دعمها لترمب وتأييدها ترشحه لمنصب الرئاسة مجدداً، إلّا أن 9 شخصيات جمهورية على الأقل، من بين الأكثر حظاً للعب دور قيادي على المستوى الوطني، يواصلون تحركاتهم الحزبية والسياسية وفي الولايات، بهدف «استمزاج الآراء» حول نياتهم الرئاسية.
ويقف على رأس هؤلاء مايك بنس، نائب ترمب السابق، الذي حل ثانياً وراءه في استطلاع مشترك للرأي أجرته صحيفة «بوليتيكو» ومؤسسة «مورنينغ كونسالت» عن الشخصية المفضلة لخوض التنافس الرئاسي عام 2024. كما أظهر استطلاع آخر للرأي لحملة ترمب، الشهر الماضي، أن بنس كان الأوفر حظاً بين قائمة المرشحين المحتملين، حيث حصل على دعم بنسبة 19%، تبعه حاكم فلوريدا رون ديسانتيس بنسبة 17%. ورغم ابتعاده النسبي عن الأضواء، فإن علاقته بترمب لا تزال يخيم عليها التوتر منذ حادثة اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، في الوقت الذي يواصل فيه ترمب انتقاده لبنس.
ديسانتيس الذي يحظى بتأييد ترمب منذ اتخاذه موقفاً مشابهاً لمواقفه خلال جائحة «كورونا»، عندما رفض إغلاق ولاية فلوريدا، تحول إلى نجم صاعد في الدوائر المحافظة في الحزب الجمهوري. وفي استطلاع للرأي أجراه مؤتمر العمل السياسي للمحافظين في أورلاندو في وقت سابق من هذا العام، فقد حل في المرتبة الثانية أيضاً بعد ترمب، الذي أشاد به قائلاً إنه سيعدّه نائباً له إذا قرر الترشح مرة أخرى للرئاسة. وهو ما قد يرفع ديسانتيس إلى مرتبة تنافسية كبيرة فيما لو قرر ترمب عدم الترشح في انتخابات 2024، وحظي بتأييد «زعيم» الحزب.
ويأتي وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، في مرتبة متقدمة عموماً، رغم نفيه المتكرر خوض السباق الرئاسي، لكنه لا يزال يثير التكهنات، خصوصاً عندما أعلن نيته زيارة إسرائيل هذا الشهر «كمواطن خاص» للاحتفال بتقاعد يوسي كوهين، رئيس وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد). وفي مقابلة مع شون هانيتي على محطة «فوكس نيوز»، قال بومبيو: «أنا مستعد دائماً لخوض معركة جيدة. أنا أهتم بشدة بأميركا. لقد كنت ولا أزال جزءاً من الحركة المحافظة لفترة طويلة جداً، وسأستمر فيها».
كما أثارت السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي التكهنات بشأن خوضها السباق الرئاسي 2024، حيث من المقرر أن تتصدر هالي عشاء لينكولن السنوي للحزب الجمهوري في ولاية أيوا الشهر المقبل، وهو التجمع الأبرز لحزب الولاية لهذا العام. وأطلقت أيضاً مساندتها الانتخابية الخاصة بحملة «ستاند فور أميركا» في يناير وأيّدت بقوة المرشحين الجمهوريين قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2022. ورغم ذلك، فإن علاقتها بترمب متوترة بعدما انتقدت الهجوم على الكابيتول. قائلةً في مقابلة مع «بوليتيكو» إنه كان من الخطأ أن يستمع الجمهوريون إليه، وتوقعت أنه سيجد نفسه «معزولاً أكثر وأكثر» في الأشهر والسنوات المقبلة، وأنه «لن يترشح لمنصب فيدرالي مرة أخرى». لكن هايلي خففت من انتقاداتها لترمب في الفترة الأخيرة، وقالت إنها ستناقش معه الانتخابات الرئاسية، ونالت في استطلاع «بوليتيكو» دعم 4% من الناخبين الجمهوريين.
وتأتي حاكمة ولاية ساوث داكوتا كريستي نويم، في مرتبة متقدمة أيضاً حيث حظيت بالثناء من التيار المحافظ، بعدما أثارت التكهنات عن استعدادها لخوض السباق الرئاسي، وتشكيلها لجنة تمويل، وإعلان نيتها زيارة ولاية أيوا، الولاية الرمزية في كل السباقات الرئاسية الشهر المقبل، حيث ستلقي كلمة أمام اجتماع المحافظين الاجتماعيين في دي موين. وخاضت نعوم معارك قانونية مع إدارة بايدن وتحدتها هذا الشهر بشأن قرار عدم الاحتفال بيوم الاستقلال بالألعاب النارية على جبل رشمور. كما انضمت أيضاً إلى ولايات أخرى في معارضة اللوائح الخاصة بمكافحة التغير المناخي التي وضعها بايدن، وحلت في المرتبة الثانية بعد ديسانتيس في الاستطلاع نفسه.
ويأتي السيناتور عن ولاية ميسوري جوش هاولي، كمنافس آخر محتمل، وعمل بشكل كبير على رفع صورته منذ انتخابه في المجلس الأعلى للمحافظين، وواصل انتقاده لإدارة بايدن، لا بل صوّت ضد غالبية مرشحيه لشغل مناصب وزارية، ونشر كتاباً جديداً هذا العام ينتقد فيه تأثير شركات التكنولوجيا الكبرى. وحظي كتابه بتأييد من ترمب، الذي وصفه بأنه «رائع».
كما أثار سيناتور أركنساو توم كوتون، التكهنات بأنه سيرشح نفسه في عام 2024، حيث قام بعدد من الرحلات إلى ولايتي أيوا ونيو هامشير. كوتون خدم في الجيش في كل من العراق وأفغانستان، ويعد من المحافظين المخلصين في عدد من القضايا، بما في ذلك الإجهاض والهجرة.
وعُدّ السيناتور تيم سكوت، وهو الجمهوري الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ عن ولاية ساوث كارولاينا، نجماً صاعداً داخل الحزب الجمهوري، كمرشح محتمل للرئاسة، وأثار التكهنات عندما حضر حدثاً استضافه الحزب الجمهوري في ولاية أيوا. وتصدر عناوين الصحف وعزز صورته عندما ألقى رد الحزب الجمهوري على أول خطاب لبايدن أمام الكونغرس الشهر الماضي، وتلقى الثناء من الجمهوريين والمحافظين. وعمل سكوت مع السيناتور الديمقراطي كوري بوكر من ولاية نيوجيرسي والنائبة الديمقراطية كارين باس من ولاية كاليفورنيا على تمرير قانون لإصلاح الشرطة.
وانضم السيناتور ريك سكوت من فلوريدا، رئيس لجنة الحملة الوطنية للحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، إلى لائحة المرشحين المحتملين، عندما ظهر أيضا في ولاية أيوا. ويوفر موقعه هذا منصة مناسبة له قبل الانتخابات النصفية عام 2022، حيث يتوقع أن تشكل اختباراً للجمهوريين الذين يأملون في إعادة سيطرتهم على مجلسي الشيوخ والنواب، قبل انتخابات 2024، لكنّ استطلاعات الرأي لم تمنحه حتى الآن تقدماً ملحوظاً، ما يجعله على لائحة الانتظار في الأشهر والسنوات المقبلة.
9 مرشحين جمهوريين محتملين ينتظرون قرار ترمب لخوض السباق الرئاسي عام 2024
9 مرشحين جمهوريين محتملين ينتظرون قرار ترمب لخوض السباق الرئاسي عام 2024
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة