موظفو القطاع العام يطالبون بتقليص دوامهم لمزاولة عمل آخر

بعد تآكل رواتبهم بسبب انهيار الليرة

TT

موظفو القطاع العام يطالبون بتقليص دوامهم لمزاولة عمل آخر

على وقع تفاقم الأزمات المعيشية في لبنان، يبدأ اليوم الموظفون في الإدارات والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري إضراباً تحذيرياً لمدة 3 أيام، مطالبين الدولة بالنظر إلى أحوالهم، بعدما خسرت رواتبهم أكثر من 80 في المائة من قيمتها بسبب انهيار سعر صرف الليرة.
«أتقاضى 3 ملايين ليرة شهرياً؛ أي ما كانت قيمته منذ أقل من عامين ألفي دولار. أما اليوم، فقيمته 230 دولاراً (الدولار بحدود 13 ألف ليرة حالياً)، وذلك بعد 20 سنة خدمة في القطاع العام»، يقول أحد الموظفين في وزارة المالية، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن راتبه لم يعد يكفي حتى بدل استهلاك سيارة ووقود للذهاب يومياً إلى العمل، لا سيما أن منزله خارج العاصمة بيروت، حيث مكتب العمل.
حال هذا الموظف كحال آلاف الموظفين في القطاع العام الذين تآكلت قيمة رواتبهم حتى باتت، حسب دراسة لشركة «الدولية للمعلومات» بين الأدنى في العالم، وتوازي أو ربما تقل عن أفقر الدول، إذ إن راتب موظفي الفئة الأولى الذين يأتون بأعلى الهرم يبدأ بـ4 ملايين ونصف المليون ليرة؛ أي ما كان يساوي 3 آلاف دولار، وباتت قيمته اليوم 346 دولاراً. أما موظف الفئة الخامسة (أسفل الهرم)، فيبدأ راتبه من 950 ألف ليرة؛ أي ما كانت قيمته نحو 630 دولاراً، وباتت اليوم 73 دولاراً.
وأشارت «الدولية للمعلومات» إلى تراجع رواتب وتعويضات العسكريين من مختلف الرتب والدرجات، إذ أصبح راتب اللواء وتعويضاته في الدرجة الـ7، وهي الأعلى في القوى الأمنية (بعد رتبة العماد في الجيش)، نحو 900 دولار، بعدما كان يبلغ 5637 دولاراً. أما راتب الجندي في الدرجة الأولى، وهي الأدنى، فقد أصبح أقل من 138 دولاراً، بعدما كان سابقاً 864 دولاراً.
ولا يمكن حل مشكلة تآكل رواتب موظفي القطاع العام عبر زيادتها، حسب ما يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، فأي زيادة للأجور من دون خطة إصلاح متكاملة سيؤدي حتماً إلى زيادة التضخم، ما يعني تآكلاً أكبر بالقدرة الشرائية، بحيث تصبح الزيادة بلا قيمة، كأنها لم تكن.
ويشير أبو سليمان، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن الحل يكون عبر إعادة هيكلة القطاع العام الذي يعاني من انتفاخ بسبب التوظيفات السياسية، لا سيما أن موظفي القطاع العام يشكلون 30 في المائة من القوى العاملة في لبنان، وهي نسبة كبيرة جداً.
ويضيف أبو سليمان أن موظفي هذا القطاع يشكلون عبئاً مالياً كبيراً على الدولة، فهناك 320 ألف موظف عام ثابت ومتعاقد، بين مدني وعسكري، يكلفون الدولة 12 ألف مليار ليرة سنوياً.
ويُشار إلى أن الجهات الدولية المانحة كانت قد طلبت من لبنان تنظيم القطاع العام، في شرط أساسي للحصول على مساعدات، الأمر الذي دفع المعنيين إلى تضمين مشروع موازنة العام 2021 مواد تخفض التصنيف الاستشفائي لموظفي الفئة الثالثة، وتجمد الإحالة على التقاعد لمدة 3 سنوات، وتوقف المعاش التقاعدي للموظفين الجدد في الوظيفة العامة، فضلاً عن مواد تتحدث عن تخفيض أعداد الموظفين تدريجياً.
وأمام هذا الواقع، يؤكد الدكتور وليد الشعار، عضو هيئة التنسيق النقابية مندوب وزارة المالية في رابطة موظفي الإدارة العامة، أن موظفي القطاع العام، على الرغم من أن رواتبهم باتت بلا قيمة، يعرفون أنه ما دام أنه لا توجد حكومة حالياً، وما دام أن مجلس النواب معطل، فهناك استحالة لطلب زيادة على الرواتب والتعويضات، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه حتى لو تشكلت حكومة، فهناك مشكلة اقتصادية تمنع زيادة الرواتب، لذلك يحاول هؤلاء إيجاد حلول وسطية تخفف عليهم، منها المطالبة بتقليص ساعات الدوام، ليصبح حتى الثانية ظهراً، بدلاً من الثالثة والنصف بعد الظهر، حتى يتمكن الموظف من توفير عمل ثان في القطاع الخاص يؤمن له دخلاً إضافياً، فضلاً عن الالتزام بالمناوبة بنسبة 50 في المائة حداً أقصى.
وكانت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة قد أعلنت، أمس (الثلاثاء)، الإضراب الشامل، مع عدم الحضور في كل الادارات والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري لثلاثة أيام، تبدأ صباح اليوم (الأربعاء)، ويتم تمديدها إذا دعت الضرورة.
وقالت الهيئة إن المعنيين لم يحاولوا أن يجدوا حلولاً للأزمة التي يمر فيها الموظفون، والتي هي بحدها الأدنى عجزهم عن تأمين حتى كلفة الانتقال إلى مراكز وظائفهم، وهم الآتون من مناطق بعيدة، ورواتبهم بالكاد تغطي المحروقات لسياراتهم أو ثمن فرامل أو غيار زيت، من دون أي حساب لحاجات العائلة، ما يجعل من الصعب تنفيذ توصية «الغرفة الوطنية لإدارة الكوارث» بالعودة إلى الدوام الكامل في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.