السفير الأميركي يبحث مع المنفي توحيد المؤسسات والمصالحة في ليبيا

حفتر يهدد بالعودة إلى الخيار العسكري في حال فشلت التسوية السياسية

الرئيس التونسي قيس سعيّد لدى استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في تونس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيّد لدى استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في تونس (أ.ف.ب)
TT

السفير الأميركي يبحث مع المنفي توحيد المؤسسات والمصالحة في ليبيا

الرئيس التونسي قيس سعيّد لدى استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في تونس (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيّد لدى استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في تونس (أ.ف.ب)

بحث محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي مع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند «توحيد المؤسسة العسكرية في البلاد، بعد يوم واحد من العرض العسكري الذي أقامه المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، والذي لوّح خلاله بأن قواته «لن تتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة، إذا ما تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها».
وقال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند إنه أجرى أمس في تونس مع المنفي «نقاشاً جيداً حول مجموعة كاملة من القضايا بما في ذلك توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات الأخرى، والمصالحة، وإخراج المقاتلين الأجانب، والانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
ونقل بيان للسفارة الأميركية عن نورلاند قوله: «كما ناقشنا تحسين الظروف الأمنية في الجنوب للتعامل بشكل أفضل مع قضايا مثل الاتجار بالبشر ووجود المرتزقة».
وجاء هذا الاجتماع، بعد يوم واحد من تغيب المنفي، الذي يعد نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي،  عن العرض العسكري الذي تلقى دعوة لحضوره مع رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، الذي يزور الجزائر.
واعتبر حفتر، خلال استعراض عسكري أقيم في مدينة بنغازي احتفالاً بالذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة عام 2014، أنه «قد آن الأوان للتصالح والتسامح لنبني معاً ليبيا الجديدة، ليبيا الخير والسلام والأمن». ودعا إلى حل المجموعات المسلحة في طرابلس و«التوجه دون مماطلة نحو الانتخابات»، التي تمنى أن تكون «شعبية مباشرة». وأضاف «لن نتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة، إذا ما تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها، وقد أعذر من أنذر».
وفي أول تفسير يقدمه لوقف الحرب التي شنتها قوات الجيش الوطني على العاصمة طرابلس وانتهت بالفشل، قال حفتر إن قواته كانت قريبة من «تحريرها»، لكن العالم «هرع لوقف الزحف»، مؤكداً أن كل المؤتمرات الدولية التي انعقدت لاعتماد المسار السلمي وعلى رأسه مؤتمر برلين من أجل السلام، لم تكن إلا نتيجة «القرار الصائب بتوجيه قواتنا نحو العاصمة طرابلس».
وشدد حفتر على أن هذه المؤتمرات ما كان لها أن تنعقد وما كان لحكومة الوفاق (السابقة برئاسة فائز السراج) أن تترك أماكنها وترحل، إلا «بعدما تحركت قواتنا وحاصرت العاصمة»، كما أكد على أنه «لا سلام مع الاحتلال ولا المرتزقة».
وخلال العرض، الذي شاركت فيه  وحدات عسكرية من القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي وحرس الحدود وقوات إدارة الصاعقة والمظلات،  سقطت طائرة حربية من طراز «ميغ 21» تتبع قاعدة جمال عبد الناصر الجوية، ما أدى إلى مصرع قائدها جمال بن عامر.
ونعت قيادة الجيش «وفاة شهيد الواجب»، مساء أول من أمس، نتيجة سقوط طائرته أثناء العرض العسكري بقاعدة بنينا العسكرية، بينما قال شهود عيان إن الطيار الذي شيع جثمانه أمس بحضور قيادات الجيش بمقبرة بنينا ضاحية بنغازي قد ضحى بنفسه، وقاد مقاتلته بعيداً عن الحشود ليضمن سقوطها خارج حدود الاحتفال.
وكان المنفي  قد أعلن أنه قام  بتلبية دعوة لزيارة تونس من رئيسها  قيس سعيد لإجراء محادثات حول كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومجالات التعاون الثنائي المختلفة، والمشاكل التي تواجه المواطنين وسبل معالجتها وتذليلها، بالإضافة إلى التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب.
من جهة أخرى، شكر أوليفر أوفتشا سفير ألمانيا لدى ليبيا،  رئيس مجلس النواب  عقيلة صالح على ما وصفه بـ«اللقاء الودي والبناء» بينهما في القبة بشرق ليبيا، مساء أول من أمس، مشيراً إلى أنهما «اتفقا  على الحاجة إلى اتفاق في الوقت المناسب على القاعدة الدستورية للانتخابات الوطنية في ديسمبر المقبل».
وقال أوفتشا إنه أكد أيضاً خلال الاجتماع على مسؤولية المؤسسات ذات الصلة للعمل نيابة عن جميع الليبيين. وأكد صالح  في  لقائه بالمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش تمسكه بموعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية،  كما شدد على دعم المفوضية العليا للانتخابات للوفاء بالاستحقاق الانتخابي. ولفت إلى جدية مجلس النواب في دعم المفوضية لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، مشيراً إلى ضرورة أن يكون انتخاب الرئيس القادم للبلاد بشكل مباشر من الشعب.
بدوره، دعا مجلس الدولة الموالي للسلطة الانتقالية الجديدة في العاصمة طرابلس، المجتمع الدولي إلى التخلي عما وصفه بسياسة الكيل بمكيالين ورفع يده تماماً عن المشير حفتر، والعمل فقط مع الأجسام الشرعية والسلطات الرسمية احتراماً للسيادة الوطنية الليبية.
وحض المجلس، في بيان له، المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي على ضرورة وضع حد لما سماه «الخروقات الخطيرة والسلوكيات العدوانية التي تقوم بها مجموعات الكرامة الإرهابية»، معتبراً أنها «محاولات غير شرعية تسعى للوصول إلى الحكم عبر الانقلابات العسكرية مدعومة من قوى إقليمية ودولية تحارب حلم التغيير في ليبيا».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.