المغتربون اللبنانيون أبرز المستفيدين من انهيار سعر صرف الليرة

أعداد كبيرة منهم تصل لقضاء عطلة الصيف

TT

المغتربون اللبنانيون أبرز المستفيدين من انهيار سعر صرف الليرة

بدأ المغتربون اللبنانيون يتوافدون لقضاء عطلة الصيف في لبنان. فحتى من كان منهم يفضل أن يزور بلداناً جديدة ولا يأتي إلى بلده الأم عند كل فرصة، حسم اليوم أمره سريعاً نظراً إلى أن انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية جعله يقضي عطلته كاملة من دون أن يضطر ليصرف حتى نصف ما كان يصرفه قبل الأزمة الاقتصادية والمالية التي بلغت ذروتها أخيراً.
وبات من الصعب إتمام أي حجز في المجمعات البحرية كما في المطاعم وعدد كبير من الفنادق حتى بعد شهر أو شهرين، فبعد بلوغ سعر صرف الدولار الواحد 13 ألف ليرة لبنانية، باتت القدرة الشرائية والقدرة على الصرف على الخدمات لمن يحمل أموالاً بالدولار الأميركي أضعاف ما كانت عليه عندما كان الدولار الواحد لا يساوي إلا 1500 ليرة لبنانية عام 2019.
ولن يؤثر قرار وزارة السياحة الأخير لجهة السماح للفنادق بتحديد أسعارها بالدولار للسياح الأجانب، على المغتربين الذين يحملون بنهاية المطاف الجنسية اللبنانية وسيتم التعاطي معهم تماماً كما يتم التعاطي مع المقيمين.
وتقر ناتالي غندور (38 عاماً) وهي تعمل في نيجيريا منذ سنوات وتزور لبنان خلال الأعياد وفي الصيف بأن «تدهور سعر صرف الليرة انعكس إيجاباً على المغتربين الذين يزورون لبنان بحيث بتنا ندفع في المطاعم للحصول على الكثير من الخدمات نحو ربع ما كنا ندفعه قبل سنوات، ما يؤكد أنهم كانوا يحددون أسعاراً خيالية وغير واقعية وإلا لما تمكنوا من الاستمرار اليوم». وتعتبر غندور أن «المطاعم والمحال التي تبدو دائماً ممتلئة تؤكد قدرة اللبناني على التأقلم سريعاً مع الأزمات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بالنسبة إليها وكما لعدد كبير من أصدقائها المغتربين، لبنان لم يتغير في السنتين الماضيتين، فالفوضى التي اعتدناها لا تزال قائمة أما الأزمات المستجدة كانقطاع البنزين والزيادة في تقنين الكهرباء، فقد دبرنا أمورنا لاستيعابها، يبقى فقط غياب الاستقرار بشكل عام ما يجعلنا قلقين بعض الشيء».
ويشهد لبنان منذ عام ونصف أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وشحّاً في السيولة بالدولار وتدهوراً قياسياً في قيمة العملة الوطنية. وبعدما خفّضت تدريجياً سقف السحوبات النقدية بالدولار ومنعت التحويلات إلى الخارج، أوقفت المصارف اللبنانية اعتباراً من مارس (آذار) 2020 كلّ السحوبات بالعملات الأجنبية. ولا يمكن لأصحاب الودائع بالدولار إجراء سحوبات نقدية إلا بتحويلها إلى الليرة اللبنانية وبسعر صرف أدنى بكثير من المتداول به في السوق السوداء.
ولم يتمكن قسم كبير من المغتربين بعد من استيعاب واقع احتجاز أموالهم كما كل اللبنانيين في المصارف، خصوصاً أن عدداً كبيراً منهم كان يرسل أمواله إلى مصارف لبنان وعمد إلى تحويلها إلى الليرة اللبنانية للاستفادة من الفوائد العالية التي كانت تدفعها البنوك، ما أدى بعد انهيار الليرة لفقدانها قيمتها.
ويتحدث إميل مبارك (29 عاماً) بحسرة عن الصفعة الكبيرة التي تلقاها، «بحيث إنه وبعد سنوات من العمل والكد بالخارج لتجميع المال للزواج والاستقرار، ذهب كل شيء سدى، فلم تعد أموالنا بالليرة ذات قيمة وما أبقيناه بالدولار لا نستطيع أن نحصل عليه إلا بالليرة». ويقول مبارك الذي يعيش في باريس ويزور لبنان باستمرار لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن انهيار سعر الصرف يفيد من يتقاضى أمواله بالدولار لكن أعتقد أن المستفيد الأبرز ليس المغتربين إنما اللبنانيون الذين يعيشون في لبنان ويتقاضون رواتبهم بالدولار، لأن مصاريفنا كبيرة في الخارج وعندما نزور لبنان نصرف المال المحتجز في المصارف والذي نضطر أن نسحبه بالليرة التي لا تفيدنا في الخارج».
ويشير مبارك الذي كان قبل الأزمة متحمساً للعودة والاستقرار في بلده، إلى أنه أعاد النظر بذلك بحيث إن اللاستقرار الذي يشهده البلد على الصعد كافة وخصوصاً بالبنزين والمستشفيات والكهرباء، جعلني وكثيراً من أصدقائي اللبنانيين نحسم أمرنا لجهة مواصلة العمل في الخارج أقله للسنوات الخمس القادمة عسى ولعل ينهض لبنان من جديد أو أقله نعود للأوضاع التي كانت قبل الأزمة التي انفجرت عام 2019».
وبحسب «الدولية للمعلومات» تستفيد نحو 200 ألف عائلة من تحويلات خارجية لأفراد منها يعملون في المهجر، إلا أن هذه التحويلات بلغت 4.7 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، ما يشكّل انخفاضاً بنسبة 19.2 في المائة من 5.8 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2019.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.