بنعمر يبحث في عدن نقل الحوار إلى تعز.. وجنوبيون يطالبونه بتبني «الانفصال»

هادي يكشف عن الأسباب الحقيقية لاستقالته.. وتفاصيل عن «هروبه» من منزله بصنعاء

الرئيس اليمني هادي لدى استقباله المبعوث الأممي جمال بنعمر في عدن أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني هادي لدى استقباله المبعوث الأممي جمال بنعمر في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

بنعمر يبحث في عدن نقل الحوار إلى تعز.. وجنوبيون يطالبونه بتبني «الانفصال»

الرئيس اليمني هادي لدى استقباله المبعوث الأممي جمال بنعمر في عدن أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اليمني هادي لدى استقباله المبعوث الأممي جمال بنعمر في عدن أمس (أ.ف.ب)

ذكرت مصادر سياسية يمنية، أن جمال بنعمر، مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن، بدأ، أمس، زيارة إلى عدن من أجل لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي وبحث تطورات الأوضاع معه، وهو ذات الغرض الذي زار لأجله عدن محافظ محافظة مأرب النفطية في شرق البلاد، في الوقت الذي علقت كل الأحزاب اليمنية الرافضة لانقلاب الحوثيين مشاركتها في الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وقالت مصادر يمنية، إن هدف زيارة بنعمر إلى عدن، إجراء مشاورات مع الرئيس هادي بشأن مستقبل الحوار السياسي ومقر انعقاده مستقبلا، بعد أن طلب هادي نقل الحوار إلى مدينة أخرى آمنة غير العاصمة صنعاء التي يحتلها الحوثيون. وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن بنعمر وهادي بحثا أبرز المستجدات على الساحة اليمنية وكيفية إدارة شؤون الدولة (مؤقتا) من عدن، وخيار نقل الحوار إلى مدينة أخرى غير صنعاء». وأكدت المصادر أن المدينة التي سينقل إليها الحوار هي تعز والتي جري التوافق بشأن نقل الحوار إليها، لكن المصادر أعربت عن اعتقادها أن الحوثيين «ربما لن يوافقوا على ذلك في الوقت الراهن أو أنهم سيوافقون ثم سيضعون عراقيل أمام استئناف الحوار ونجاحه ووصوله إلى نتائج». وأعلنت الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار انسحابها من أي حوار مع الحوثيين بشأن الأوضاع في البلاد، احتجاجا على تصرفات الحوثيين المتمثلة في الاعتقالات والملاحقات وفرض الإقامة الجبرية على المسؤولين والاستمرار في السيطرة والهيمنة على مؤسسات الدولة، وبعد انسحاب أحزاب: التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، واتحاد القوى الشعبية، وحزب الرشاد، وحزب العدالة والبناء، وحزب التجمع الوحدوي اليمني من الحوار، بقي فقط حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحركة «أنصار الله» الحوثية.
في السياق ذاته، أكدت مصادر قبلية وصول الشيخ سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب النفطية في شرق البلاد، بمعية وكيل المحافظة، علي الفاطمي ورئيس لجنة التواصل في «إقليم سبأ» الشيخ أمين العكيمي، وحسب ذات المصادر، فإن المشاورات التي يجريها المحافظ العرادة مع الرئيس هادي «سوف تتركز، أولا، على تأكيد التزام محافظة مأرب بالشرعية الدستورية وبشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وعدم اعترافها بالسلطة القائمة في صنعاء للحوثيين»، وأيضا «قضية الصادرات النفطية وتمويل السلطة القائمة في عدن من العوائد النفطية وعدم ذهابها إلى السلطة غير الشرعية في صنعاء». وتعد محافظة مأرب من المحافظات التي يسعى الحوثيون إلى اجتياحها بكل الطرق، وكان الرئيس هادي، أثناء وجوده في السلطة بصنعاء، رفض طلبا للحوثيين باستخدام الطيران في قصف بعض مناطق تجمعات أبناء قبائل مأرب بحجة أنهم «تكفيريون» و«دواعش»، وحسب مصدر قبلي رفيع لـ«الشرق الأوسط»، فإن زيارة محافظ مأرب والوفد المرافق له من «إقليم سبأ»، تعد ضربة قاصمة للحوثيين. وقال إن «أبناء قبائل مأرب والإقليم عموما يواصلون التأكيد على رفضهم للانقلاب الذي قام به الحوثيون ويواصلون الاستعداد العسكري لصد أي هجمات للحوثيين على مناطقهم». وأشار المصدر إلى أن «الأيام أثبتت أن الحوثيين لا يسعون إلى محاربة ما يسمونه الإرهاب في محافظة مأرب، وإنما يسعون إلى السيطرة على نفط المحافظة، ليس إلا».
ويجري هادي لقاءات مكثفة في عدن مع قيادات في السلطات المحلية بالمحافظات الجنوبية والشرقية وبقية المحافظات التي ترفض الانصياع لسلطة الحوثيين، والتقى هادي، أمس، بعدد من قيادات الأحزاب السياسية الذين قاموا بزيارة عدن لمقابلته. وقال عبد العزيز جباري، أمين عام حزب العدالة والبناء، إن لقاء ممثلي الأحزاب السياسية بهادي استمر أكثر من ساعتين، ونقل جباري بعضا مما طرحه الرئيس في اللقاء وهو تأكيده على أن «الشرعية الدستورية قائمه وأن ما حدث في صنعاء هو انقلاب كامل الأركان ويجب إعادة الأمور إلى مكانها الصحيح وأن زمن استخدام السلاح انتهى، ونحن في زمن القرن الواحد والعشرين زمن المنطق والعقل». وأضاف هادي: «نقول للإخوة الحوثيين يدنا ممدودة لكم، اطرحوا السلاح واخرجوا من مؤسسات الدولة وتحاوروا معنا بالمنطق والحجة ونحن مستعدون أن نصل وإياكم إلى حلول ترضي كل اليمنيين». وأضاف النائب جباري أنه عندما سألوا الرئيس عبد ربه منصور هادي عن استقالته ثم سحبها، رد بالقول: «بعد الهجوم على دار الرئاسة ومنزلي تقدم الحوثيون بطلب إصدار نحو 130 قرارا (جمهوريا) بتعيينات لنائب رئيس جمهورية ونائب رئيس حكومة ونواب وزراء ورؤساء الجهاز المركزي للرقابة والأمن السياسي والأمن القومي وغيرها من المواقع.. وعندما قدم الطلب صالح الصماد (رئيس المجلس السياسي لحركة أنصار الله (الحوثية) قال هذا الطلب غير قابل للنقاش، فقال الدكتور عبد الكريم الإرياني هذا يعتبر البلاغ رقم واحد، أجابه مهدي المشاط (مدير مكتب عبد الملك الحوثي) البلاغ موجود وأبلغني رسالة من عبد الملك الحوثي أنه إذا لم تذع هذه القرارات الساعة التاسعة مساء، فإنه غير مسؤول عما سيحدث.. قلت له ما يهمك الساعة التاسعة سوف يصير خيرا، ثم طلبت المستشارين ورئيس مجلس النواب وقدمت استقالتي المسببة إلى مجلس النواب، حسب الدستور، وقلت لهم أرجوكم لأحد يناقشني في موضوع الاستقالة وأرسلتها لوكالة الأنباء سبأ ولكنها لم تذع بسبب سيطرة الحوثيين على الوكالة».
ويردف النائب جباري: «سألت الرئيس كيف خرج من صنعاء ووصل إلى عدن رغم وجود حراسات حول البيت وهل صحيح أن الرئيس السابق ساعده أو أي جهة أخرى لأن هناك تكهنات بأن جمال بنعمر هو من عمل على إخراجك وغيرها من الروايات.. فقال الرئيس هادي: لا دخل لأحد بالموضوع.. أنا خرجت من الحوش (الفناء الغربي بسيارة فيها ثلاثة أشخاص فقط ومررنا بطرق غير معبدة من سيارة إلى سيارة أخرى ومن مهرب إلى مهرب حتى وصلنا إلى عدن، واعتبر خروجي ووصولي عدن نصرا لأبناء اليمن الطيب الكريم ونصرا للسلم والأمن وليس للحرب والخراب». وتطرق هادي في لقائه بوفد الأحزاب السياسية اليمنية إلى الدول الخليجي، وأكد أن «ما يحدث في اليمن ليس ببعيد عن الصراع الإقليمي وبأن الأشقاء الخليجيين أصبحوا يدركون أن فشل المبادرة الخليجية فشل كامل للدور الخليجي في اليمن وانتصار لغيرهم».
في موضوع آخر، طالبت الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال (الهيئة)، إحدى الفصائل السياسية الجنوبية، المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، بالشروع في «مفاتحة مجلس الأمن للأمم المتحدة لاتخاذ الخطوات والإجراءات المناسبة لوضع نهاية لاحتلال الجنوب العربي من قبل اليمن ليستعيد شعبنا أرضه.. متمسكا بهويته الجنوبية العربية، وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة على كامل أرض الجنوب العربي بحدوده المعروفة دوليا»، وتضمنت رسالة موجهة لبنعمر، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، ستة مطالب هي: «نطالبكم بمبادرة سياسية خاصة لمناقشة الوضع في الجنوب العربي والخروج بقرارات حاسمة تصون الحق الشرعي لشعب الجنوب العربي في إقامة دولته الجنوبية المستقلة، نرجو منكم ألا تتجاهلوا السياق الوطني والسياسي لقضية شعبنا، لأنها قضية شعب ودولة، وألا تسمحوا بربطها بسياسات دولة الاحتلال، نطالبكم برعاية تفاوض ندي بين الشعب الجنوبي والشعب اليمني، وبإشراف إقليمي ودولي. نأمل منكم المساعدة في عدم نقل صراع قوى النفوذ والمصالح اليمنية من صنعاء إلى عدن. نطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب شعب الجنوب العربي ضد أي غزو جديد يؤكد الاحتلال اليمني الذي يرزح تحته الشعب الجنوبي منذ حرب 1994 الظالمة. نؤكد لكم يا صاحب المعالي أن شعب الجنوب العربي سيظل مستمرا في نضاله السلمي حتى تحقيق أهدافه المشروعة والمتمثلة بالتحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية كاملة السيادة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.