مجلس حقوق الإنسان يجيز تحقيقاً دولياً حول «جرائم حرب» محتملة في غزة

نداء عاجل لجمع 95 مليون دولار... ودعوات إلى «خطوات سياسية»

رئيس الوزراء الفلسطيني استقبل أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة وممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لدى فلسطين (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني استقبل أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة وممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لدى فلسطين (وفا)
TT

مجلس حقوق الإنسان يجيز تحقيقاً دولياً حول «جرائم حرب» محتملة في غزة

رئيس الوزراء الفلسطيني استقبل أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة وممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لدى فلسطين (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني استقبل أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة وممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لدى فلسطين (وفا)

قرر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أمس، تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في شأن العمليات العسكرية الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، بالإضافة إلى الانتهاكات للقوانين الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، بينما طالب مسؤولون دوليون آخرون مجلس الأمن، بعدم الاكتفاء بالنداء الإنساني العاجل لجمع 95 مليون دولار أميركي لإعادة الإعمار والمساعدات في القطاع، والدفع في اتجاه المحاسبة واتخاذ «خطوات سياسية» لإنهاء النزاع المتواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
واعتمد القرار الذي قدمته باكستان باسم منظمة التعاون الإسلامي بعنوان «ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وأراضي الـ48»، بغالبية 24 صوتاً. وامتنعت 14 دولة عن التصويت، فيما عارضته تسع دول هي: أوروغواي وبريطانيا وجزر مارشال ومالاوي وألمانيا والنمسا وبلغاريا والكاميرون والجمهورية التشيكية. ويؤكد القرار الذي سارعت الولايات المتحدة إلى اعتباره «تهديداً» لوقف النار، أنه «لا بد من التصدي للإفلات من العقوبة وإخضاع كل المعتدين للمساءلة». وينص على «إنشاء لجنة تحقيق دولية بولاية التحقيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، للتحقيق في كل الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان». ويدعو القرار أيضاً كل الدول إلى «الامتناع عن بيع الأسلحة التي قد تستخدم في انتهاك» القوانين الدولية.
جاء ذلك بعدما حذرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليت، من أن الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي نفذتها إسرائيل في غزة يمكن أن تشكل «جرائم حرب»، إذ تبين أن المنشآت المدنية هناك لم تستخدم لأغراض عسكرية، واصفة أعمال «حماس» بأنها «انتهاكات للقوانين الدولية». وأوضحت أن إطلاق «حماس» والفصائل المسلحة الأخرى وابلا كثيفاً من الصواريخ باتجاه إسرائيل، «هذه الصواريخ عشوائية، ولا تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية، ولذلك فإن استخدامها، يرقى إلى انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني». وأوضحت أن الردّ الإسرائيلي أدى إلى سقوط عدد كبير من المدنيين، فضلا عن تدمير وإلحاق أضرار واسعة النطاق بالمنشآت المدنية. وأضافت أنه «رغم ادعاءات إسرائيل بأن العديد من هذه المباني كانت تضم مجموعات مسلحة أو تستخدم لأغراض عسكرية، لم نر دليلا على ذلك»، مؤكدة أن هذه الضربات «تثير مخاوف جدية في امتثال إسرائيل لمبادئ التمييز والتناسب بموجب القانون الإنساني الدولي». وقالت: «إذا تبين أنها عشوائية وغير متناسبة من حيث تأثيرها على المدنيين والأعيان المدنية، يمكن أن تشكل هذه الهجمات جرائم حرب».
وفي نيويورك، أحاط المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، أعضاء مجلس الأمن علماً بأحدث المستجدات بعد وقف الأعمال العدائية بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل. وإذ رحب بالاتفاق لأنه يوقف أعمال العنف والتصعيد، أشاد بـ«الدور الحاسم لمصر والولايات المتحدة، وبعمل قطر». وأفاد بأن الأمم المتحدة تنسق إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان غزة، مركزاً على النداء الإنساني العاجل بقيمة 95 مليون دولار أميركي الذي أطلق أمس. ولفت إلى «الخطوات السياسية المهمة اللازمة لترسيخ وقف الأعمال العدائية»، مؤكداً أن «التحديات في غزة تتطلب حلولاً سياسية». وأشار إلى أن التصعيد «أدى إلى معاناة مروعة ودمار وحصد أرواح الكثيرين من المدنيين»، مذكراً بأن «الأعمال العدائية انتشرت وسط تصاعد التوترات في القدس الشرقية المحتلة». وأورد إحصاءات عن مقتل 253 فلسطينياً، بينهم ما لا يقل عن 66 طفلاً و38 امرأة وثلاثة أشخاص من ذوي الحاجات الخاصة، خلال الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي، مؤكداً أن بينهم ما لا يقل عن 126 من المدنيين، بالإضافة إلى مقتل صحافي. فيما قتل خلال الفترة ذاتها، تسعة إسرائيليين، بينهم طفلان وخمس نساء، وثلاثة أجانب. وقتل جندي واحد في هجوم بصاروخ مضاد للدبابات قرب السياج الحدودي في غزة. وأحصت الأمم المتحدة تعرض ما لا يقل عن 57 مدرسة وتسعة مستشفيات و19 مركزا للرعاية الصحية الأولية لأضرار كاملة أو جزئية. ودعا إلى «محاسبة جميع مرتكبي أعمال العنف»، مكرراً أن «كل النشاطات الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الدولي»، واعتبر أن «إنهاء العنف واتخاذ خطوات عاجلة للتصدي للعواقب الإنسانية للعنف أولويات حاسمة»، غير أنها يجب أن تكون «نقطة الانطلاق» نحو «حلول مستدامة وطويلة الأجل لهذا النزاع». وقال إنه يجب فتح «أفق سياسي يسمح للأطراف بالعودة إلى مسار ذي مغزى للمفاوضات»، بهدف الوصول إلى «دولتين قابلتين للحياة (…) مع القدس عاصمة للدولتين».
واستمع أعضاء مجلس الأمن أيضاً إلى إحاطة من المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم، الأونروا، فيليب لازاريني، الذي قال إن الأسابيع الماضية «كانت بمثابة تذكير صارخ بأن الحرب والعنف باقيان في غياب أي جهد حقيقي وشامل لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني»، مضيفاً أن «تأجيل المسار السياسي من خلال احتواء النزاع لا ينبغي أن يكون خياراً بعد الآن». وحذر من أن الاستجابة التي تقتصر على المساعدة الإنسانية «لن تمنع الجولة التالية من النزاع»، داعياً إلى «مسار سياسي حقيقي يهدف إلى رفع الحصار (...) تماشياً مع قرار مجلس الأمن الرقم 1860». وكرر الدعوة إلى مرتكبي الانتهاكات إلى مساءلة كل الأطراف وفقاً للقانون الدولي، الذي يمنع أيضاً عمليات الإخلاء القسري والهدم الإداري. وطالب بـ«تمويل الجهود الإنسانية وجهود إعادة الإعمار بالكامل».
في غضون ذلك، أطلقت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز، خطة طارئة لدعم المتضررين من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ودعت مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، الدول الأعضاء إلى المساهمة في دعم الخطة. وأعلنت أنها رصدت 18 مليون دولار من الصندوق الإنساني للأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى مبلغ إضافي قدره 4.5 مليون دولار أعلنه لوكوك.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.