توتر وتحذيرات من عودة المواجهات إلى طرابلس

TT

توتر وتحذيرات من عودة المواجهات إلى طرابلس

عادت طرابلس عاصمة شمال لبنان إلى الواجهة، مع الانتخابات الرئاسية في سوريا، وهي التي طالما تأثرت بالانقسام السياسي وشهدت في السنوات الماضية اشتباكات، تحديداً بين منطقتي باب التبانة، ذات الأغلبية السنية، وجبل محسن، ذات الأغلبية العلوية الموالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
وأولى الإشارات التي تلتها تحذيرات من أحزاب وشخصيات سياسية من عودة التوتر والفتنة إلى طرابلس، كانت الأسبوع الماضي، عشية مشاركة السوريين في الانتخابات التي ترافقت مع دعوات لعودتهم إلى بلدهم، حيث أعلن إلقاء مجهولين قنابل مولوتوف على باب مدخل مكتب «حزب الكتائب»، ما أدى إلى بعض الأضرار، كما أُلقيت قنبلتا مولوتوف في اتجاه مستوصف تابع لـ«حزب القوات» في المدينة، وليل أمس، أيضاً ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، أن مجهولين ألقوا 3 قنابل صوتية فجراً في أحياء ستاركو في باب التبانة وجبل محسن، وعلى الفور نفذت عناصر الجيش المنتشرة بكثافة في المنطقة حملة مداهمات واسعة وأوقفت عدداً من المشتبه فيهم.
ومنذ مساء الأربعاء، كان قد نُفذ انتشار أمني في شوارع طرابلس وساحاتها، وسيرت دوريات راجلة ومؤللة وحواجز متنقلة في مختلف أحياء المدينة، حيث تفتش السيارات وتدقق في هويات المارة، تزامناً مع قرب إعلان نتائج انتخابات الرئاسة السورية، لمنع إطلاق النار والتصدي لأي محاولة تهدف للإخلال بأمن المدينة.
ومع هذه التوترات المتنقلة، يسجل استنفار أمني من قبل مختلف الأجهزة في المنطقة مع التأكيد من قبل الجهات الفاعلة في المنطقتين على رفض عودة التوتر، بحسب ما يؤكد رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بعض الأشخاص الذين يطلقون الشائعات حول إمكانية حدوث بعض التوترات والمواجهات بين جبل محسن وباب التبانة عند إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية السورية، في محاولة للاصطياد بالماء العكر»، لكنه في الوقت عينه يشير إلى أنه تواصل مع الفاعلين في المنطقتين وكان هناك تأكيد أن المواجهات السابقة لن تعود ولن يسمحوا بذلك، من دون أن يستبعد إمكانية محاولة البعض القيام باستفزازات للتخريب، وهذا ما تتصدى له القوى الأمنية بكل أجهزتها في طرابلس، حيث يُسجل استنفار كبير لمنع هذا الأمر.
وهذه الشائعات كانت قد تحدثت عنها مصادر عدة في المدينة من شخصيات وأحزاب سياسية، كان آخرها يوم أمس، النائب السابق عن المدينة مصباح الأحدب، الذي تحدث في مؤتمر صحافي عن خشية اللبنانيين من انعكاسات الانتخابات السورية في الداخل اللبناني وفي طرابلس خصوصاً، لافتاً إلى أن «هناك مَن ينشر الشائعات ويبث الفتن ويحاول الأخذ بالشارع الطرابلسي إلى مواجهات لا أحد من أهالي المدينة يريدها»، مثنياً على دور الجيش الذي تحرك بطريقة فعّالة ووضع حداً لكل محاولات الفتنة وعمل على تثبيت السلم الأهلي، مؤكداً في الوقت عينه أنه «لو تركت الأوضاع من دون تدخل الجيش اللبناني بالأمس لامتدت الفتنة إلى باقي الأراضي اللبنانية».
وقبل يومين حذر «تيار المستقبل» من العبث بالسلم الأهلي في مدينة طرابلس، تزامناً مع إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد، داعياً إلى عدم الانجرار خلف أي استفزازات يراد منها فتنة أهلية.
الموقف نفسه عبر عنه النائب علي درويش من كتلة «الوسط المستقل»، عن المقعد العلوي في المدينة، مؤكداً، في بيان، أن «كل مَن يقوم بأي أعمال شغب تؤدي إلى الإخلال بالأمن تحت أي مسمى فهو يسعى لاستغلال الأوضاع لمصالحه الضيقة على حساب أهل طرابلس»، واضعاً هذا الأمر برسم الأجهزة الأمنية كافة وعلى رأسها الجيش اللبناني». ولفت إلى أنه «في حال حدوث أي خلل في المدينة وجب تسمية الأمور بمسمياتها ورفع الغطاء عن أي شخص أو مجموعة أو منظمة، وكل مَن يتواطأ على ضرب المدينة وإعادة شوارعها إلى الفوضى، ليحاكموا أمام العدالة والقضاء»، داعياً إلى عدم «الانجرار خلف أي تحركات يراد منها إشعال الفتن النائمة»، ورافضاً «تكرار ما خبرناه ودفعنا أثمانه جميعاً».
ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 شهدت طرابلس على جبهة باب التبانة – جبل محسن اشتباكات عسكرية عنيفة سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين، واستمرت بشكل متقطع كان آخرها في أغسطس (آب) 2012.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».