مصر تتطلع لـ«دور أميركي مؤثر» في حل نزاع السد الإثيوبي

مصريون يسبحون في النيل بمنطقة القناطر الخيرية شمال القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يسبحون في النيل بمنطقة القناطر الخيرية شمال القاهرة (إ.ب.أ)
TT

مصر تتطلع لـ«دور أميركي مؤثر» في حل نزاع السد الإثيوبي

مصريون يسبحون في النيل بمنطقة القناطر الخيرية شمال القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يسبحون في النيل بمنطقة القناطر الخيرية شمال القاهرة (إ.ب.أ)

جددت مصر، أمس، تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُنصف ومُلزم حيال «سد النهضة» الإثيوبي، يحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، متطلعة إلى «دور أميركي مؤثر» في حلحلة النزاع.
وكان ملف السد على أجندة اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي زار القاهرة، أمس، على رأس وفد ضم مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، ونائب سكرتير رئيس الأركان توماس سوليفان، وباربرا ليف من مجلس الأمن القومي.
ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أكد السيسي تمسك بلاده بـ«حقوقها المائية»، والتوصل إلى «اتفاق قانوني منصف وملزم يضمن الأمن المائي لمصر، عبر قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف».
وشدد السيسي على «أهمية الدور الأميركي على وجه الخصوص للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة»، فيما نقل البيان المصري عن الوزير بلينكن التزام الإدارة الأميركية «بذل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكل الأطراف».
ودخلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على خط النزاع الراهن، بعد جولة مكوكية أجراها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، إلى كل من مصر والسودان وإثيوبيا بين 4 و13 مايو (أيار) الحالي، لوقف التصعيد الراهن في ظل إصرار إثيوبيا على الملء الثاني لخزان السد في يوليو (تموز) المقبل.
وأعقبت جولته دعوة وجهتها وزارة الخارجية الأميركية إلى الدول الثلاث لـ«استئناف المفاوضات على وجه السرعة»، والتعهد بتقديم «دعم سياسي وفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة».
وقبل يومين، تعهد بايدن في اتصال هاتفي مع السيسي «تعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكل الأطراف».
ووفق تصريحات رسمية، تعتزم إثيوبيا إجراء الملء الثاني لخزان السد بنحو 13.5 مليار متر مكعب، خلال موسم الأمطار، في يوليو المقبل، في إجراء حذرت منه مصر والسودان.
وأثار كبير المفاوضين السودانيين في القضية مصطفى حسين الزبير، جدلاً واسعاً بإعلانه، أول من أمس، أن إثيوبيا بدأت بالفعل عملية الملء الثاني. لكن أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي قال إن «أحدث صور الأقمار الصناعية بتاريخ 24 مايو الجاري، تظهر حجم بحيرة التخزين مماثلاً تماماً لحجمها منتصف الشهر الماضي، بنحو 5 مليارات متر مكعب».
وفسر شراقي في تدوينة له الاعتقاد بشروع إثيوبيا في الملء بأنه «خلال تلك المدة انخفضت البحيرة قليلاً ثم تمت استعادتها مرة أخرى مع زيادة الأمطار بمنتصف مايو تدريجياً، على أن تصل إلى ذروتها في أغسطس (آب) المقبل». وأكد أن «حجم الإنجاز في الجزء الأوسط من السد، اللازم تعليته لبدء التخزين ما زال ضعيفاً رغم فتح البوابتين منذ حوالي أكثر من 40 يوماً». لكنه توقع «زيادة حجم المياه المخزنة أمام السد قبل يوليو المقبل».
بدورها، توقعت الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية الإثيوبية «هطول أمطار فوق المعتاد هذا الصيف، ما يخلق ظروفاً مواتية للأنشطة الزراعية في معظم أنحاء إثيوبيا وملء سد النهضة». وتنبأت الوكالة بوقوع أكثر من 1000 ملليلتر من الأمطار من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول).
ويسعى الاتحاد الأفريقي إلى استئناف التفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة النقاط الخلافية وحسم التخزين الثاني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».