نصر الله يدعو إلى الاستعانة ببري لإعادة التواصل بين عون والحريري

TT

نصر الله يدعو إلى الاستعانة ببري لإعادة التواصل بين عون والحريري

يُفترض أن تدفع عودة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بيروت باتجاه معاودة المشاورات الرامية إلى تأليفها، مع أن نقطة الانطلاق لتزخيمها ما زالت غير واضحة بسبب القطيعة بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، رغم أن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله دخل على خط فتح القنوات لإعادة الاعتبار للتواصل بينهما مقترحاً الاستعانة برئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يبدي كل استعداد لإحياء مبادرته الإنقاذية واضعاً إياها على طاولة المفاوضات.
فنصر الله نأى بنفسه عن أن يكون طرفاً في الاشتباك السياسي بين عون والحريري، وتعامل معهما على قدم المساواة؛ من دون أن يسجّل على نفسه الانحياز لحليفه عون وفريقه السياسي لئلا يصنّف في خانة الاصطفاف في مواجهة الحريري الممثل الأول للطائفة السنية في المعادلة السياسية، لأنه ليس في وارد إقحام الطائفة الشيعية في نزاع يعيد الاحتقان المذهبي إلى الواجهة.
ومع أن نصر الله حثّ عون والحريري على معاودة لقاءاتهما حتى الاتفاق على تشكيل الحكومة أو الاستعانة بالصديق الوحيد القادر على تقديم المساعدة وهو الرئيس بري والحزب حاضر لمساعدته، فإن المصادر السياسية سألت عن الأسباب الكامنة وراء دعوته للاستعانة برئيس المجلس، وأين يقف عون من اقتراحه هذا؟ وهل لا يزال يتعامل معه على أنه منحاز للحريري ولا يمكن أن يكون وسيطاً؟
وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن نصر الله لم يقترح الاستعانة ببري ما لم يكن حصل مسبقاً على موافقة عون وفريقه السياسي، وإلا لم يكن مضطراً لحرق أوراقه، ويؤكد أن مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا، لم ينقطع عن التواصل معه وأيضاً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل باعتبار أنه يمسك بورقة التأليف ويريد مقايضتها بإعادة تعويمه سياسياً.
ويلفت المصدر النيابي إلى أن لدى بري «استعداداً لمساعدة عون والحريري لإخراج تأليف الحكومة من التأزم الذي يحاصره، وفي المقابل؛ لن يتدخل من تلقاء نفسه لئلا يلجأ البعض إلى اتهامه بخرق مبدأ الفصل بين السلطات، مع أنه لم يسحب مبادرته الإنقاذية من التداول، خصوصاً أنه يتناغم مع البطريرك الماروني بشارة الراعي حول الإطار العام لتشكيل الحكومة الذي كان حدّده الحريري لنفسه، وبالتالي فهو لا يقوم بدور الوسيط لأنه معني بالتسوية الحكومية التي تبقى تحت سقف عدم الإخلال بـ(اتفاق الطائف)».
ويؤكد المصدر نفسه أن بري «يتلاقى في المواصفات المطروحة لتشكيل الحكومة على قاعدة الالتزام بالمبادرة الفرنسية لوقف انهيار لبنان، مع الراعي حتى لو لم يلتقيا مباشرة»، ويقول إن بري «ضد حصول أي طرف على الثلث الضامن في الحكومة سواء بالواسطة أو من خلال إصراره على أن يكون من حصته بلا مواربة».
لكن المصدر النيابي يترك القرار لعون والحريري في طلبهما المساعدة من بري؛ «سواء في دعوته للانضمام إليهما في لقاء ثلاثي، أو الطلب منه تدوير الزوايا للوصول إلى صيغة لإنهاء النزاع حول من يسمّي الوزيرين المسيحيين في حكومة تتشكل من 24 وزيراً، وأيضاً الخلاف بخصوص من يشغل وزارتي الداخلية والعدل».
في المقابل، تقول المصادر السياسية إن «الخلاف ليس بين الموارنة والسُنّة، وإن محاولة تظهيره على هذا الأساس ليست في محلها؛ لأن الحريري التزم بالمعايير والأصول الدستورية التي كانت وراء طرحه التشكيلة الوزارية على عون الذي يصر على الالتفاف عليها مطالباً بحصوله على الثلث الضامن نزولاً عن رغبة باسيل، وصولاً إلى تعديل (اتفاق الطائف) بالممارسة وليس بتعديل الدستور»، وتؤكد أن «الشيعة شريك في التصدي لجنوح عون بالانقلاب على (الطائف) والإطاحة به».
وتضيف أن الحريري «أبدى مرونة وانفتاحاً على مبادرة بري التي قوبلت برفض من عون وباسيل»، وترى أن نصر الله «حاول أن يوحي بأن الخلاف بين السنة والموارنة، وأن الثنائي الشيعي يتدخّل وسيطاً، مع أن الانقلاب على (الطائف) لا يميّز بين فريق وآخر».
وتلفت إلى أن الراعي دعا الحريري «لإعداد تشكيلة وزارية جديدة، مع أنه لم يسبق له أن اعترض على الإطار العام للتشكيلة التي عرضها عليه بما فيها أسماء عدد من الوزراء المسيحيين»، وتقول إنهما «التقيا بعيداً عن الأضواء في دارة مطرانية بيروت للموارنة»، وإن الراعي «حمل عرضاً من عون وفيه أنه يسمّي 8 وزراء في حكومة من 24 وزيراً؛ 7 وزراء مسيحيين أحدهم يمثّل حزب (الطاشناق)، والثامن للنائب طلال أرسلان؛ على أن يتمثّل (تيار المردة) بوزيرين، و(الحزب السوري القومي الاجتماعي) بوزير؛ على أن يترك الوزيران المسيحيان للتفاوض مع الحريري لتسميتهما».
وتعدّ أن طرح عون «ليس بريئاً؛ لأنه يقطع الطريق على الحريري في اختيار أي وزير مسيحي، ليكون في وسعه الحصول بطريقة غير مباشرة على الثلث الضامن، مع أن الأسماء التي كان اختارها الرئيس المكلف متطابقة مع تشكيل حكومة من مستقلين واختصاصيين ومن غير المحازبين»، فهل يعيد عون النظر في طرحه بالنيابة عن باسيل؟ أم إنه يصر على «شراء الوقت» وهذا ما تحسمه عودة الحريري الذي لن يتأخر - كما تقول مصادره - عن طرح أي مبادرة شرط التزامها المعايير الدستورية؟



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.