تنسيق بين الراعي وبري وتوقع تشكيلة جديدة

جهود للتقريب بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

TT

تنسيق بين الراعي وبري وتوقع تشكيلة جديدة

أخذت دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى تقديم تشكيلة حكومية جديدة، ثم تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري ضرورة تأليف الحكومة من دون «ثلث معطل» لأي طرف، وقعا سياسيا لدى الأوساط المعنية في التأليف بعدما كان الحريري أكد مرارا أنه قام بما عليه وقدم التشكيلة لرئيس الجمهورية، بحيث إن مصادر مطلعة على الملف الحكومي تشير إلى أن حراكا استجد على الاتصالات السياسية على خط تقريب وجهات النظر بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» مع التنسيق الدائم بين بري والراعي اللذين يلعبان دورا في هذا السياق.
ومع بعض الاختلاف في قراءة مواقف الراعي ولا سيما من قبل «تيار المستقبل» من جهة و«التيار الوطني الحر» الذي رأى فيها دعما له وتحميل المسؤولية لرئيس الحكومة المكلف تتجه الأنظار إلى الخطوة المقبلة التي سيقوم بها الحريري لناحية تقديم تشكيلة جديدة إلى عون، بعدما سلّم كل الأفرقاء بتأليف حكومة من 24 وزيرا بناء على المبادرة الأخيرة التي قدمها بري فيما لا يزال مطلب الثلث المعطل موضع أخذ ورد.
وفي هذا الإطار، ترى مصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية في كلام الراعي توجها جديدا لا سيما قوله إنه إذا لم يتفق الرئيس إن عون والحريري، فليستخلصا العبر ويتخذا الموقف الشجاع الذي يتيح عملية تأليف جديدة، من هنا تؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «كلام الراعي يبقى دائما موضع ترحيب من قبل الرئاسة خاصة أنه يهدف إلى تقريب وجهات النظر وتفعيل الاتصالات، وبالتالي لا بد من ترقب مدى انعكاس هذه الدعوة عمليا على الأرض خاصة من قبل الحريري».
في المقابل، وعن قراءة «تيار المستقبل» لكلام الراعي وعما إذا كان رأى فيه تحميلا للحريري المسؤولية تقول مصادر قيادية في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» «لا شك أن تأليف الحكومة مسؤوليتنا كما هي مسؤولية الجميع وكلام الراعي موضع ترحيب دائم لأنه يبحث عن حلول وربما في بعض الأحيان يوزع المسؤوليات حتى لا يظهر أنه مع طرف ضد آخر لكن مواقفه السابقة في الأشهر الماضية لم تعكس لوما من قبله للحريري على أي شيء من الأمور».
وعن إمكانية التجاوب مع مطلب البطريرك الماروني وقيام الحريري بتقديم تشكيلة جديدة للحكومة، تقول المصادر: «أمر تقديم تشكيلة جديدة وارد إنما حتى الساعة لم تصل إشارة جدية للحريري بقبول حكومة من دون الثلث المعطل، حيث إن الإشكال الكبير هو أن رئيس الجمهورية وفريقه السياسي يتكلمون بشيء في الإعلام وعندما تصل الأمور إلى التفاصيل يتراجعون»، مضيفة «لا شك أنه في وارد تقديم تشكيلة جديدة من 24 وزيرا إنما بانتظار الحصول على تطمينات أخرى من قبل الفريق الآخر».
هذا التوجه تشير إليه أيضا مصادر مقربة من «الثنائي الشيعي» التي تذهب باتجاه التأكيد على تسجيل حراك جدي في مسار التأليف، لافتة إلى تنسيق بين بري والراعي وهو ما ظهر في مواقفهما الأخيرة، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك تواصلا دائما بين الطرفين والسعي لضرورة حسم موضوع الحكومة في الأيام المقبلة. وعن قبول جميع الأطراف بمبادرة بري وهو الذي لا يزال يشكّك به «المستقبل» لا سيما لناحية «مطلب الثلث المعطل»، تقول المصادر: «علينا أن نبني على النوايا الإيجابية التي ظهرت في مواقف الأطراف ومنها مواقف الحريري التي وإن بدت عالية السقف لكنه أبقى الباب مفتوحا»، متحدثة عن «فتح كوة في الجدار يتم العمل على توسيعها عبر حراك جدي بعيد عن الأضواء لتقريب وجهات النظر بين (الوطني الحر) و(المستقبل) للوصول إلى مخرج».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».