رحيل الكاتب سليمان فياض صاحب «أصوات» و«عطشان يا صبايا»

نعاه اتحاد الكتاب المصري بصفته أحد التنويريين الكبار في عالم الأدب والحياة

سليمان فياض
سليمان فياض
TT

رحيل الكاتب سليمان فياض صاحب «أصوات» و«عطشان يا صبايا»

سليمان فياض
سليمان فياض

شيعت الأوساط الأدبية المصرية الكاتب سليمان فياض، صاحب الأسلوب القصصي الناصع في عالم السرد، الذي غيبه الموت ظهر أمس إثر أزمة صحية، عن عمر يناهز 87 عاما، وبعد رحلة أدبية خصبة أثرى خلالها الحياة الثقافية في مصر والعالم العربي بالكثير من الأعمال القصصية والروائية، والموسوعات الأدبية، ومن المقرر إقامة العزاء بمسجد «الحامدية الشاذلية» بمنطقة المهندسين بالجيزة يوم الأحد المقبل.
ونعى اتحاد كتاب مصر الكاتب الراحل، وقال الاتحاد في بيان له إنه برحيل الكاتب الكبير سليمان فياض؛ فقدت الثقافة العربية واحدا من أهم الكتاب العرب، فقد أثرى المكتبة العربية بإبداعاته في القصة والرواية والدراسات اللغوية طوال 50 عاما، منذ صدور مجموعته الأولى «عطشان يا صبايا» عام 1961.
وأضاف البيان: «لم يكن الراحل الكبير كاتبا مهمّا فقط، ولا حكاء أرّخ للحياة الثقافية المصرية وحسب، لكنه كان مثقفا رفيعا وأحد التنويريين الذين حاولوا تقديم الوجه الصحيح للدين، فقد تخرج من الأزهر الشريف عام 1956، وأصدر عدة كتب تتناول موضوعات في الثقافة الإسلامية إلى جانب رواياته وقصصه القصيرة ومذكراته، وعمله في الصحافة والموسوعات اللغوية».
أصدر فياض الكثير من المجموعات القصصية المهمة منها: «عطشان يا صبايا»، «أحزان حزيران»، «وفاة عامل مطبعة»، وله الكثير من الروايات، منها: «أصوات»، «القرين»، «لا أحد»، و«أيام مجاور»، كما تناول سير العلماء العرب من أمثال: ابن النفيس، ابن الهيثم، جابر بن حيان، ابن سينا، الفارابي، الخوارزمي، وغيرهم، وذلك في كتب شيقة مبسطة للأطفال بلغت أكثر من 78 عنوانا، وعمل خبيرا لغويا في مشروع تعريب الحاسوب لبعض البرامج العربية بشركتي العالمية «صخر» بالكويت، والقاهرة (1988 - 1989) و«IBM» بالقاهرة 1989. وقد ترجمت مجموعة من أعماله إلى الفرنسية والإنجليزية والألمانية.
ولد سليمان فياض في قرية برهمتوش، بمحافظة الدقلهية (شمال شرقي القاهرة) في عام 1929، وحاز شهادة العالمية من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر في عام 1956، وفور تخرجه عمل لفترة مدرسا للغة العربية وآدابها بالمدارس المصرية، ومارس خلال مشواره في الحقل الثقافي الكتابة للإذاعات والتلفزيونات العربية منذ عام 1955، وعمل كاتبا ومحررا بالكثير من الصحف والمجلات، كما عمل مراسلا لمجلة «الآداب» البيروتية بالقاهرة (1972 - 1973)، واشترك في تحكيم الكثير من المسابقات والجوائز الأدبية.
وحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1970 عن مجموعته القصصية الثانية: «وبعدنا الطوفان». كما فاز بجائزة العويس الأدبية في دورتها (1992 - 1993).
وثمن الكثير من الكتاب والنقاد عطاء سليمان فياض في عالم القص والرواية، فقال الناقد الأدبي الدكتور عمرو شهريار: «فقدنا روائيا تاريخيا، وحكاء ماهرا، ومفكرا عميقا ولغويا حاذقا، تميز بمذاق خاص في الكتابة السردية، كما عالج بمنظور فني مجدد قضايا وهموم الواقع العربي في الكثير من أعماله».
تمتع سليمان بدماثة الخلق والتواضع، وكان محبوبا من جميع الكتاب والشعراء، يستمع لهم باحترام ويشجعهم، ويقدم لهم النصيحة بإخلاص.. عن هذه الروح يروي الكاتب براء الخطيب في مقالة شجية له قائلا: «من اللحظة الأولى التي رأيت فيها سليمان فياض انبهرت به: في النصف الأول من سنوات الصعود والمد الناصري للستينيات دخل علينا مدرس اللغة العربية الجديد في مدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية بملابسه الأنيقة ووسامة وجهه الأبيض وشعره الناعم الذي ينسدل على جبهته، فيمد أصابعه بين لحظة وأخرى ليزيح خصلة الشعر المنسدلة، ولم يكن هذا الشكل (المودرن) لمدرس اللغة العربية الجديد عكس كل تصوراتنا المراهقة عن مدرس اللغة العربية كما تصوره أفلام السينما كما (عبد المنعم إبراهيم) في فيلم (السفيرة عزيزة)، فقد كان في الخامسة والثلاثين من العمر فقط، ومنذ اللحظة الأولى لرؤية تلاميذ الصف الثاني للأستاذ «سليمان فياض» تم ضرب الصورة التقليدية عن مدرس اللغة العربية، كانت حصة إنشاء (تعبير) وكتب الأستاذ الجديد على السبورة اسم (عدنان المدني) وطلب أول التلاميذ في الصف الأول أن يقف وأن يقول جملة واحدة عن استشهاد الطيار العربي على أن يقف التلميذ الذي يليه ويلقي بجملة واحدة تكمل الجملة السابقة، وهكذا إلى أن نصل لنهاية الفصل، على أن يكتب كل التلاميذ كل الجمل، وما إن انتهت الحصة حتى كان مع كل التلاميذ موضوعا للتعبير سوف يكمله كل تلميذ بطريقته».
ويختم براء الخطيب مقالته قائلا: «من جلس دقيقة واحدة مع سليمان فياض فسوف يكتشف فيه للوهلة الأولى نماما عظيما استطاع بموهبة فذة أن يحول النميمة إلى أدب عظيم، وما زلت أحلم بأن أغلبه في الطاولة ولو مرة واحدة في حياتي».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».